صمود هذه الأرض بمن عليها وبما عليها من دولة خلال أكثر من مائة عام ليس صدفة، والحفاظ على الاستمرار والبقاء والاستقرار ليس صدفة في عشرات السنين من القلق والحروب وضيق اليد والمؤامرات وحتى رمي الأحجار في بئر الأردن من بعض أبنائه، ومن بعض من فتح الأردن لهم أرضه، ومن أولئك الذين أوهموا أتباعهم من أبناء جلدتنا أن انتصار الأمة لا يتم إلا بتدمير هذا البلد وتغيير هويته.
ولم يكن صدفة بناء هذا البلد من أبنائه المخلصين وقيادته المجتهدة الذكية وبناء الإنسان فيه تعليما وتأهيلا ليكون الأردني كلمة السر حتى في بناء دول شقيقة، واستمر الأردن رغم كل المراحل القلقة والأزمات، يحافظ على هويته وبنيته ومؤسساته ونظامه السياسي الذي كان أيضا عنوانا للاعتدال والعروبة والفهم السليم للإسلام، فبقيت المملكة الأردنية الهاشمية بكل تفاصيل اسمها ومدلولاته رغم تغير الأنظمة وانقلاب الدول وتبعثرها في الإقليم والمحيط.
في ذكرى الاستقلال لا نحتاج إلى سرد مسيرة الأردن والأردنيين خلال أكثر من مائة عام من عمر الدولة، فالتفاصيل كثيرة والمخلصون تركوا بصمتهم عبر كل لحظة إنجاز أو تجاوز لمرحلة قلقة أو دم أو تطرف أو تآمر، واستقرار الأردن واستمراره وصموده دليل قوة قيادته وصدق الأردنيين مع بلدهم، لكننا نحتاج في مناسبة عزيزة هي ملك لكل أردني أن لا نظلم أنفسنا وبلدنا، وأن نعطي أنفسنا ووطننا حقه علينا من الثقة به والفخر بكل إنجازاته، وحتى نقاط ضعفنا ومشكلاتنا أن نتعامل معها بموضوعية، وأن يتوقف بعضنا عن محاولات إثبات أن الأردن ليس فيه خير ولا إنجاز ولا رجال صادقون، فلننظر للأردن وكل من فيه وكل ما فيه بإنصاف وموضوعية تجعلنا نرى نقاط قوتنا ونقاط ضعفنا بلا تهويل أو تضخيم.
حمى الله الأردن وأهله وقيادته وكل عام وبلدنا بألف خير.