المقاومة ستظل بخير...

ماذا أراد «نتنياهو» من جريمة اغتيال القائد الوطني الفلسطيني الشهيد إسماعيل هنية؟، هل صور له عقله الصهيوني في أعلى درجات صلفه واستكباره أنه سينال من عزيمة المقاومة ويدفع حركة «حماس» للاستسلام والرضوخ لمخططه في غزة؟، أم سعى لدفن المفاوضات والتغطية على تصدعات الكيان المُحتل التي عمقتها عملية «طوفان الأقصى» بما اعتقد أنه انجاز يشفع لمساره الفاشل؟، أم لكل ذلك معاً.

اضافة اعلان


لن يطول الوقت كثيراً حتى ينقلب الاحتفاء الصهيوني إلى كمد. إذ يغفل «نتنياهو» نتائج جريمته الشنعاء التي تُعتبر اغتيالاً في الوقت نفسه لمفاوضات تبادل الأسرى، ولأي محاولة للتوصل إلى التهدئة، وتُنذر باتساع رقعة الصراع إقليمياً، وتكالب جبهات الإسناد عليه، وتصاعدها، ما لم يوقف حرب الإبادة الجماعية ضد قطاع غزة. 


لا شك بأن عملية الاغتيال نُفذت في إطار سياسة البطش التي رسمها «نتنياهو» لنفسه، لاستباحة الدم الفلسطيني، إلا أن القضاء على النخب السياسية والعسكرية والفكرية لحركات المقاومة يعد هدفاً أساسياً للصهيونية، التي استقت نهجه من النازية. وينضوي اغتيال الشهيد هنية تحت هذا النمط، حيث اغتيل قادة كبار آخرون من قبل. ومع ذلك؛ فإن اغتيال هنية يُعتبر تصعيداً نوعياً وتجاوزاً لكل الخطوط الحمراء.


ويدخل في حساب هدف العدو الصهيوني أمران مهمان؛ كي صمود الشعب الفلسطيني وكسر شوكة ثباته، وتحذير القادة الفلسطينيين بأنهم سيلقون مصيراً مماثلاً إن لم يكفوا عن المقاومة، وبالتالي؛ المس بإرادة المقاومة وعزيمتها وإخافتها وإضعافها حتى تخضع وتستسلم. 

 

غير أن التجربة أثبتت بأن عمليات الاغتيال الصهيونية للقادة، وحتى الكوادر، المنتمين لحركات المقاومة الفلسطينية، لم تقد إلى كسر إرادة الشعب الفلسطيني أو تصفية المقاومة وتحطيم إمكانياتها العسكرية، كما خطط الاحتلال لذلك، بل أدت جرائمه العدوانية إلى تعميق مشاعر العداء والتحدي لدى الفلسطينيين من أجل مواجهته ودحره، بالتزامن مع التفافهم حول المقاومة، وتنامي قدرتهم على الصمود والثبات، كما هو حال الصمود الأسطوري لأهل غزة.


كما أن الخط البياني للمقاومة الفلسطينية يؤشر إلى تناميها وتعاظم قدراتها، رغم عمليات اغتيال قادتها وعناصرها ورغم محاولات الاحتلال المتواترة لوأدها وتشويه طابعها التحرري. فالمقاومة حركة تلقائية في المسار التاريخي، تبدأ ببداية المشروع الاستعماري، كالمشروع الصهيوني، وكرد فعل طبيعي لجوهر القهر والتنكيل والعدوان الذي يقوم عليه هذا المشروع، وتستمر بالتصاعد حتى تحقيق أهداف التحرر والاستقلال.


لا يدرك الاحتلال حقيقة الانتماء العقائدي والإرث التاريخي والثقافي والوجداني الغني الذي ترتكز عليه «حماس»، والمقاومة الفلسطينية، والذي يعزز عمق إيمانها بقضيتها ورسالتها واستعدادها للتضحية بأغلى ما لديها، وفي صمودها وقدرتها على تحمل الصعاب والآلام والخروج من المحن منتصرة، في سبيل الدفاع عن الشعب والوطن والقضية الفلسطينية.


إن جريمة الاحتلال لن تمس بإرادة المقاومة وعزيمتها وتصميمها على تحقيق أهدافها، بل ستزيدها إصراراً على المضي بمسارها ومواصلة دربها والتمسك بصواب خيارها في مواجهة الاحتلال، ولديها من القيادات من يكمل المسيرة، حتى التحرر والاستقلال، فالمقاومة ستظل بخير، والشعب الفلسطيني غير قابل للهزيمة.

 

للمزيد من مقالات الكاتبة انقر هنا