يفصلنا دستوريا ما يقارب العام عن إجراء الانتخابات النيابية لمجلس النواب العشرين، الانتخابات المقبلة ستجري وفق قانون انتخاب جديد تم بموجبه منح 41 مقعدا للأحزاب والتحالفات السياسية، فيما تم تقليص الدوائر الانتخابية حيث منحت عمان 3 دوائر، ومنحت محافظة إربد دائرتين، وباقي محافظات المملكة دائرة لكل محافظة، وتم الإبقاء على دوائر البدو الثلاث، حيث سيتم التعامل مع كل منهما كدائرة انتخابية.
المهم، أن الحكومة أخيرا أقرت الأسباب الموجبة لنظام تقسيم الدوائر في عمان وإربد، ما يعني أن النظام سيتم إعلانه نهائيا خلال الأيام القليلة المقبلة، إذ بات من الضرورة الانتهاء من النظام وكشفه للناس بالسرعة الممكنة لأن نظام التقسيم الجديد أدخل دوائر انتخابية كانت قائمة بعضها ببعض، وبالتالي مهم أن يتعرف الناخب والراغب بالترشح والأحزاب على الشكل الجديد لدوائر عمان وإربد، وعدد المقاعد المخصصة لكل دائرة وتوزيعها.
شخصيا، اطلعت على المسودة غير النهائية لدوائر عمان وإربد، ولست هنا بصدد كتابة ملاحظاتي عليها (يمكن أن أدون ذلك في وقت لاحق)، ولكن وجب الإشارة أن التشكيل الجديد لعمان وإربد من شأنه خلط أوراق انتخابية بعضها ببعض، وإدخال مكونات بشرية في دوائر جديدة، وهذا يتطلب من الحكومة، والهيئة المستقلة للانتخاب القيام بحملات توعوية متواصلة لتعريف الناس بدوائرهم وفق القانون الجديد، ومن خلال الحملات التوعوية فإنه ليس صعبا القيام بحملات تعريف مكثفة حول طريقة الانتخاب، وأشكاله، ومفهوم (العتبة) الانتخابية سواء في الدائرة المحلية أو الوطنية، ولذا علينا المبادرة الفورية لذاك فالعام خلف الأبواب ولا نريد أن يدهمنا الوقت، والناخب والمرشح لا يعرف عن القانون إلا اسمه وموعد الاقتراع فقط.
بالأثر، فإن اقتراب الانتخابات النيابية من موعدها الدستوري، يعني أن مجلس النواب الحالي الذي جاء وفق شكل آخر من أشكال القانون، تقع عليه مسؤولية وطنية، وتلك المسؤولية لا تعني النواب الراغبين بالترشح مستقبلا فقط وإنما المجلس بجميع أعضائه، وبداية المسؤولية هي قراءة المشهد برؤية وعين مختلفة، ومراجعة كل أشكال الأداء خلال الفترة الماضية وتقديم شكل نيابي مختلف عن الدورات السابقة، إذ لا بد من إعادة الهيبة لمؤسسة مجلس النواب وثقة الناس بمؤسسة البرلمان.
كنا نقول سابقا إن السنة الأخيرة من عمر المجالس النيابية هي الأصعب على الحكومات، بيد أن ذاك القول وجد له استثناء في مجالس مختلفة، ولا نريد أن ينسحب هذا الاستثناء على المجلس الحالي، فالمؤمل أن يقدم النواب رؤية مختلفة وإعادة تقديم أنفسهم بشكل مختلف، وطروحات تتناغم مع الناخب.
عودة على بدء، فإنه عندما تدخل السنة الجديدة سنكون حكما دخلنا عام الانتخابات النيابية، والحكومة عليها البدء مبكرا باتخاذ الإجراءات التحفيزية لتعزيز مشاركة الناس في الاقتراع واختيار ممثليهم، وإدخال مفاهيم على الخطاب الحكومي ترحب بالأحزاب باعتبارها شريكا.
التحفيز لا يعني عقد مؤتمرات وندوات ومحاضرات فقط، وإنما على الحكومة أن تقتنع أن الأردني يرصد ويحلل كل كلمة، وإذا اعتقدت أن عدم إظهار رد فعل تجاه ما يسنّه مجلس النواب من قوانين، وما تقره الحكومة من إجراءات فإن ذاك سببه فقدان ثقة الناخب بمجالس النواب المختلفة والحكومات، وهذا ما أشارت إليه كافة استطلاعات الرأي التي أجريت، ولهذا يقع على الدولة بأجهزتها (حكومة، نواب، أعيان، مؤسسات، أجهزة مختلفة) مسؤولية إعادة الاعتبار لمؤسسة البرلمان، والحكومة يقع على عاتقها إعادة الهيبة للعملية الانتخابية برمتها، إذ إن ذاك بداية الطريق نحو إقناع الناخب بالذهاب لصندوق الاقتراع والإدلاء بصوته والانتخاب، إذ ليس من الجائز أبدا أو المنطقي أن تبقى نسب الاقتراع لدينا في حدود متدنية، لا تصل لنصف عدد الناخبين أو يزيد، ولهذا فإن الحكومة وكل أجهزة الدولة عليهم مهمة التأسيس لذلك منذ الآن، ومنح الأحزاب والمواطن على حد سواء حرية التعبير بما يكفله الدستور، ومنح حق الاختلاف للجميع والاستماع لوجهات النظر وعدم شيطنة كل من يختلف، وإطلاق مساحات وفضاءات للتعبير عن الرأي.
للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا