د. خليف أحمد الخوالدة- تدور حاليا أحاديث حول ديوان المحاسبة ودوره ومهامه وارتباطه وحول التقارير السنوية التي يعدها الديوان وما تتضمنه من مخالفات وملاحظات. ولهذا، أود الإشارة إلى رأيي الشخصي بهذا الخصوص:
أولا: يكون التدقيق على مستويين، أولا على مستوى الحكومة ككل وثانيا على مستوى الأجهزة الحكومية وتزويد رئيس الوزراء بأي خلل أو ملاحظات لمعالجتها.
ثانيا: إن زيادة حجم التقرير السنوي وعدد صفحاته لا تمثل بالضرورة مؤشرا إيجابيا على أداء الديوان، وربما بالعكس لأن دور الديوان ليس مجرد الكشف عن المخالفات والأخطاء فقط، بل الوقاية منها والحيلولة دون وقوعها. وإذا وقعت المخالفات والأخطاء، فالأمر يتطلب معالجتها بأسرع وقت قبل استفحالها وتضاعف آثارها وتأثيراتها. الموضوع ليس تصيدا أو كشفا أو حصرا للأخطاء بقدر ما هو منع حدوث الأخطاء والمخالفات ومعالجتها إن وقعت. وبالتالي ما يوضع في التقرير هو فقط ما يصل الى طريق مسدود بعد استنفاد الحلول مع الجهة ذات العلاقة بالمخالفة ومرجعياتها بالتدرج وصولا إلى رئيس الوزراء.
ثالثا: التركيز على القضايا الجوهرية والاستراتيجية حسب الأهمية والأثر والخطورة.
رابعا: تعزيز ضمان جودة التدقيق على المواضيع الفنية المتخصصة من خلال فرق عمل متمكنة وتنفيذ جولات تدقيقية دورية ومفاجئة للتفتيش على مستوى جودة تدقيق المديريات الرقابية المختلفة.
خامسا: تفعيل الرقابة الادارية ومدى تطبيق القرارات والأنظمة النافذة ودرجة الالتزام بها لما لذلك من أثر مالي سواء ايرادات ضائعة أو نفقات مهدورة.
سادسا: تفعيل الرقابة على الأداء العام، فتخصيص الموازنات يتطلب تحقيق الأهداف ومستوياتها المستهدفة من خلال مؤشرات أداء محددة.
سابعا: متابعة الأداء الحكومي في مجال تحقيق أهداف التنمية المستدامة الصادرة عن الأمم المتحدة وأبرز المؤشرات الدولية التي تصدر عن جهات دولية متخصصة مثل البنك الدولي والمنتدى الاقتصادي العالمي. هذا بالإضافة إلى متابعة تنفيذ خطط التحديث الوطني بمساراتها الاقتصادية والادارية وتقارير التقييم الخاصة بها.
ثامنا: يشكل الديوان بيت خبرة يقوم بالتأشير لرئيس الوزراء والحكومة بشكل عام على مواطن الخلل بهدف معالجتها أو فرص التطوير بهدف الأخذ بها، وهو بمثابة عين فاحصة دقيقة عامة ودائمة لرئيس الوزراء على المؤسسات فيما يتعلق باختصاص الديوان.
تاسعا: حتى يتسنى للديوان التدقيق على المهام المتعلقة بالشؤون الإدارية والمالية والشراء واللوازم وبقية الخدمات المساندة (أي مهام خارج نطاق الدور والاختصاص الدستوري) في السلطتين التشريعية والقضائية، لا بد من أن تتولى الوزارة المعنية هذه المهام وأن يتبع الموظفون القائمون عليها للوزارة المعنية. وفي هذه الحالة، الوزارة المعنية بالشؤون البرلمانية فيما يتعلق بمجلس الأمة بشقيه الأعيان والنواب ووزارة العدل فيما يتعلق بالسلطة القضائية والمحكمة الدستورية. وفي هذا الطرح، تحصين للسلطات وتكريس لتركيزها على مهامها الدستورية.
عاشرا: يعتبر الديوان ذراعا رقابية على الشركات المملوكة للحكومة وللمؤسسة العامة للضمان الاجتماعي. ولهذا، لا بد من تفعيل عمليات المتابعة والتقييم وفق أسس علمية ومهنية على هذه الشركات وخططها وموازناتها ونتائج أعمالها ومجالس إداراتها وعضوياتها وقراراتها والامتيازات وما الى ذلك.
حادي عشر: الرقابة على الهيكل العام للموازنة وتنفيذها بشقيها الإيرادات والنفقات والأداء العام لها ومواطن الخلل والمخالفات والملاحظات “التشوهات” وفواتير المعالجات الطبية والصناديق بالإضافة إلى صناديق التقاعد النقابية وما في حكمها.
ثاني عشر: يتطلب النجاح في تنفيذ مهام الديوان فهما تاما ومحترفا لطبيعة دور الحكومة ووزاراتها ودوائرها ومؤسساتها وهيكلتها والتشريعات الناظمة لعملها، أما الفهم المجرد لأعمال التدقيق والاستشارات المالية بمعزل عن المعرفة الكاملة بطبيعة المهام الحكومية لا يقدم شيئا على الاطلاق ولا يضمن أي نجاح يذكر. وتجدر الإشارة إلى أنه لا يجوز أن تتبع أي مؤسسة لأي سلطة عدا السلطة التنفيذية. وعليه، فمرجعية الديوان ورئيسه مجلس الوزراء ورئيس الوزراء وليس مجلس النواب.
خلاصة الرأي، أن أداء الدولة هو محصلة أداء سلطاتها، وتسهم كفاءة وفعالية أداء الأجهزة الرقابية في تعزيز أداء السلطة التنفيذية وبالتالي فقوة ديوان المحاسبة ضرورة ومصلحة حكومية قصوى.
المقال السابق للكاتب
أفكار في التحديثاضافة اعلان