سنة أخيرة

انهى مجلس الأمة (النواب والأعيان) أجندة دورته الاستثنائية بشكل كامل وأقر كل مشاريع القوانين التي وردت عليها وعددها 8 مشاريع، ومن بينها مشاريع جدلية أثارت الشارع أبرزها الجرائم الإلكترونية والسير والملكية العقارية وحماية البيانات الشخصية والشركات.

اضافة اعلان


الدورة العادية المقبلة لمجلس الأمة هي الأخيرة له، وتلك الدورة وفق المعطيات الأولية لا تتضمن الكثير من مشاريع القوانين الجدلية باستثناء مشروع قانون الموازنة العامة للدولة عن السنة المالية 2024 وربما سيكون أمام النواب فرصة للاطلاع على رؤية الحكومة الاقتصادية وخاصة التوجه للتفاوض مع صندوق النقد الدولي على برنامج جديد.


البرنامج الجديد مع الصندوق الدولي كان قد أشار اليه رئيس الوزراء بشر الخصاونة عندما وجه الأربعاء الماضي فريقه الاقتصادي بالتفاوض مع صندوق النقد الدَّولي على برنامج جديد للإصلاح الاقتصادي، مدعوماً من الصندوق بما يسهم (وفق الحكومة) في تعزيز الاقتصاد الوطني وتحقيق المتطلبات التمويلية وتعزيز النموّ، واستمرار التعاون مع صندوق النقد الدولي في إطار البرنامج القائم الذي وضع من الوزارات والمؤسسات الأردنية المختصة والذي ينتهي في آذار(مارس) من العام المقبل.


الرئيس الخصاونة في جلسة مجلس الوزراء نوه للنجاحات التي تحققت للأردن عبر اتمام المراجعات الست لبرنامج التسهيل الممتد الحالي مع صندوق النقد الدولي، الذي عزز الاستقرار المالي والنقدي للأردن وجنبه الضغوط التضخمية التي تعرضت لها اقتصادات مجاورة مماثلة مستوردة للنفط، فضلا عن ثبات الأردن وتقدمه في تصنيفات وكالات التصنيف الائتماني الدولية.


ذاك التوجه يعني أن الحكومة تريد استعجال الأمور وهذا ان دل على شيء فانه يدل بان الحكومة بلا خيارات ناضجة، وان عجز الموازنة يضع الحكومة أمام خيار التسريع في اتخاذ خطوات ذات صلة بالصندوق، فالحكومة والحكومات السابقة تذهب دوما للخيارات الأسهل وتعتمد بشكل كلي على الصندوق للحصول على قروض، دون التفكير بحلول خارج إطار الصندوق الدولي الذي هو بالأساس من بارك المديونية ومهد لها ووضع سيناريوهاتها.


عمليا فإن النواب في دورتهم الأخيرة أمام واقع مختلف وهو دخول الحكومة التي يتعين عليها تقديم موازنتها للنواب الدخول في مفاوضات جديدة مع الصندوق الدولي الذي سيضع الشروط وربما من بينها رفع تعرفة المياه أو الكهرباء أو الخبز أو غيرهما، وتلك قضايا ستكون ضاغطة على مجلس نيابي يدخل عامه الأخير.


النواب يعرفون ويعون أن برامج الصندوق الدولي في الأردن لا تركز على الصناعة او الزراعة، وانما على دعم التجارة والخدمات، وهذا يعني انه لا يمكننا الحديث عن نمو حقيقي أو معالجة للعجز في الميزان التجاري.


وفي ظل بقاء الأمور كما هي عليه راهنا فانه لن يمكننا الحديث عن تخفيض نسبة البطالة والفقر دون دعم حقيقي وواضح ومباشر للزراعة أو الصناعة والتي لا يوليها الصندوق عناية واهتماما ما يعني اننا سنبقى ندور في ذات الدائرة التي وضعنا انفسنا بها منذ أمد طويل.


هي السنة الأخيرة من عمر المجلس الحالي، وبعد ذلك سنذهب لانتخابات نيابية جديدة وفق قانون انتخاب جديد فهل سيكون للنواب دورهم المفصلي في اخراجنا من المكان الذي دخلنا فيه منذ عشرات السنين وما زلنا ندور في فلكه وهي اشتراطات الصندوق وطلباته، وهل سنشهد نقاشات نيابية جادة وحقيقية وتقديم رؤى واقعية للحكومة تمهد لإخراجنا من الزاوية التي اثقلت موازنتنا وجعلتها عاجزة وغير قادرة، والدخول إلى أفكار اقتصادية جديدة.


الدورة النيابية من المفترض أن تبدأ دستوريا الشهر المقبل ولكن يجوز للملك ارجائها لمدة لا تتجاوز الشهرين والمرجح ان تبدأ الدورة بدايات تشرين الثاني وهي فرصة للنواب للتفكير بمصالحة الشارع وتقديم أداء مختلف يتضمن رؤية واقعية لمعالجة مشكلتنا الاقتصادية، ترى هل نحلم أم سنرى ذاك يتحقق؟.

 

للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا