شغف افتتاح معبر "نصيب"

لا اختلاف على أن افتتاح معبر جابر/ نصيب الحدودي يمثل شغفا سوريا، وأردنيا، وأيضا لبنانيا، فهو بمثابة الشريان التجاري النابض بين عمان ودمشق، وبوابة بيروت الاقتصادية نحو الخليج. ويوما بعد يوم، ومع تزايد التصريحات، وتناقضها في بعض الأحيان، بشأن إنهاء الاستعدادات اللوجستية لإعادة تفعيله أمام حركة عبور الشاحنات والترانزيت، تبقى، للأسف المعلومة الدقيقة بهذا الخصوص غير حاضرة.اضافة اعلان
الحديث عن قرب افتتاح المعبر، الذي أغلق في العام 2015 إثر تدهور الوضع الأمني في الجانب السوري، ليس وليد اللحظة، إذ أنه وخلال الأشهر الأخيرة يكاد لا يخلو يوم من تصريحات تشير إلى ذلك، من دون تحديد المدة الزمنية صراحة، إذ أن الأمر لا يتعلق فقط بتجهيزات فنية، بقدر ما أن له أبعادا سياسية وأمنية، خصوصا على الجانب الأردني.
أردنيا، لدى عمان مصلحة اقتصادية باستئناف الحركة في المعبر، كونه نافذتها إلى سورية ولبنان وتركيا ودول أوروبية، بيد أن من حق الأردن الشعور بوجود استقرار أمني حدودي قبل افتتاحه، إذ لا شك أن هناك هواجس من دخول إرهابيين، بالتزامن مع الحرص على الحصول على ضمانات سورية بتأمين المواطنين الأردنيين على الطريق الرئيسي بين عمان ودمشق، مع حتمية مناقشة عودة اللاجئين السوريين التي تتطلب ترتيبات أخرى أيضا.
قياسا على ذلك، فمن الواضح أن الأردن أكثر تريثا من سورية بهذا الشأن، وهذا ما أظهرته التصريحات التي تناثرت أمس، عندما نشرت وكالة الأنباء السورية الرسمية خبرا مفاده أن المعبر تم افتتاحه، وأن حركة المرور بدأت من خلاله، ما دفع وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة جمانة غنيمات إلى نفي هذا الخبر، الأمر الذي اضطر الوكالة الرسمية إلى سحب خبرها، واستبداله بآخر عن وزارة النقل السورية يؤكد إنهاء الاستعدادات اللوجستية لإعادة افتتاح المعبر في العاشر من الشهر المقبل، وأن الجانبين؛ الأردني والسوري، مستمران بدراسة موضوع فتح الحدود للوقوف على الأوضاع في المراكز الجمركية.
سوريا، تكمن أهمية إعادة فتح المعبر في جانبين؛ الأول سياسي أمني، إذ أن إعادة فتح المعبر بمثابة رسالة تفيد بأن الوضع في سورية بوجه عام، وفي جنوبها على وجه التحديد، ينعم بالأمن والاستقرار، في حين أن الجانب الآخر له وجه اقتصادي، إذ يعتبر "نصيب" بوابة سورية الجنوبية إلى العالم. كما أن النظام السوري سيتمكن من إعادة العلاقات الاقتصادية مع الأردن، ونقل البضائع إلى الخليج العربي، وبالتالي تخفيف الحصار المفروض عليه، خصوصا إذا ما علمنا أن نحو 7 آلاف شاحنة كانت تمر من خلاله قبل نشوب الأزمة السورية في العام 2011.
لبنانيا، من شأن إعادة فتح المعبر تخفيف تكلفة نقل البضائع من بيروت إلى أسواق دول الخليج كونها تنقل حاليا عبر البحر، ما يتيح عرضها هناك بأسعار منافسة، فإغلاق المعبر قلص عدد الشاحنات التي كانت تنقل البضائع لهذه الدول من 250 شاحنة يوميا إلى النصف.
ومع أن الأهمية الاقتصادية تعتبر القاسم المشترك الأكبر بين الدول الثلاث، إلا أن للأردن اعتبارات لا شك أنها تفوق ذلك، ومن حقه عدم التسرع باتخاذ قرار استئناف العمل عبر المعبر الذي بادرت دمشق حينها لإغلاقه، حتى يشعر بالاطمئنان الكامل على أن ذلك لن يعود عليه، أو على مواطنيه، بأي ضرر مهما صغر حجمه، أو قل تأثيره.