ما دمنا ذاهبين إلى حياة سياسية بأسس وتشريعات ومسار مختلف عما هو الآن فإن من عوامل بناء الحياة السياسية الجديدة ترسيخ معادلات سياسية داخل هذه الحياة والتقليل ما أمكن أو إلغاء المعادلات التي لا علاقة لها بالسياسة أو بأي أسس سليمة.
أحزاب وحكومات وبرلمان وأعيان ومواقع وحتى قرب أو بعد فلان أو علان عن دائرة القرار كلها عناوين مهمة في الحياة السياسية، وإذا كنا سنذهب إلى بناء شيء مختلف قليل الأمراض وفيه نسبة إنجاز عالية فالمعادلات يجب أن تكون سياسية بالدرجة الأولى.
في عالم الدول منذ مئات السنين هنالك معيارا الكفاءة أو الثقة أي الولاء، وهناك دول انحازت إلى هذا أو ذاك، لكن كلا المعيارين في المراحل العادية لا يكفي، فالكفاءة مهمة لكنها لا تكفي لمنح الثقة بشخص لا يؤمن بالدولة، أو يمارس الولاء بالتظاهر حتى يصل غايته، والثقة لا تكفي من أي مسؤول إن كان ضعيف القدرات أو مسكونا بعُقد نقص أو رغبة في الانتقام، فكلا النوعين لا يخدمان الدولة والتجارب لدينا ولدى غيرنا كثيرة، وبعض من اعتقدت الدولة أنهم أصحاب كفاءة دون أن يكونوا مؤمنين بالدولة انقلبوا بل أصبحوا من أعدائها بأشكال مختلفة.
وبعض من هم أهل ثقة لكن دون كفاءة مارسوا أعمالا وقرارات كان تأثيرها أكبر من فعل الخصوم والأعداء، فالنوايا الحسنة لا تغني عن سوء العمل.
ما نزال نحتاج إلى مراجعات بعض معادلاتنا السياسية فيمن نمنحهم ثقة الدولة ومواقع القرار فيها، فلا يجوز إعطاء فلان مكانا مكافأة له لأن المسؤول التنفيذي ممتن له لأنه دافع عنه في أزمات كان فيها المسؤول مخطئا وضعيفا وقليل حيلة، ولا يجوز للأسباب غير المبررة أو التي دافعها الانتقام والعقاب لأسباب غير وطنية، أن تكون سببا لإبعاد فلان أو معاقبة علان في رزقه وحضوره.
ربما في الأزمات الكبرى تحتاج الدولة إلى تغليب معيار الولاء الحقيقي للدولة، لكن حتى في تلك المراحل لا يكون صاحب الولاء مفيدا إلا إذا كان بحجم موقعه وبحجم المرحلة والشواهد في مسيرة الأردن تؤكد هذا.
وحتى داخل الأحزاب التي تمثل المادة الأهم في الحياة السياسية فإن المعادلات غير السياسية والمختلطة بالأمور الشخصية والجغرافيا الضيقة أو الحسابات التي لا تليق يجب ألا تكون موجودة في أي عملية سياسية داخل هذا الحزب أو ذاك.
لن نتوقع سلوكا خاليا من الثغرات لكن من يختار معادلة الولاء فليكن الولاء للدولة وأن يكون من يتم تقديمه صاحب كفاءة لا أن يكون من الأقل كفاءة، ومن اختار معادلة الكفاءة فليكن من يتم اختياره مؤمنا بالأردن وهويته وقيادته ولا يعمل بمنطق فرصة العمل في مواقع مهمة في مسار الدولة.. ولنتذكر أن الولاء هو للدولة ونظامها السياسي، وليس لرئيس حكومة أو أي مسؤول تنفيذي.
للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا