"منحة" التعليم العالي للطلبة

محمود الخطاطبة ما يزال مُسلسل استخفاف الحُكومة بالمواطن يتواصل إلى درجة لا سابق لها، كان آخرها التعميم الذي أصدره وزير التعليم العالي والبحث العلمي، عزمي محافظة، للجامعات الرسمية، يقضي بالسماح للطلبة المُلتحقين في البرنامج العادي وعلى نفقتهم الخاصة، بتسجيل المساقات الدراسية للفصل الدراسي الثاني المُقبل، دون الاشتراط المُسبق لتسديد الرسوم الجامعية. لقد وصل الاستهتار واللامُبالاة بالطلبة الجامعيين وذويهم، إلى مرحلة تجعل المرء في حيرة من أمره، وتتركه يضرب أخماسا بأسداس لعل وعسى يحصل على تحليل أو تفسير منطقي لما تُقدم عليه وزارة التعليم العالي والقائمين عليها، من قرارات أو إجراءات.. فالتعميم الذي أصدره محافظة يتضمن منح الطلبة فُرصة لتسديد الرسوم حتى بداية أسبوع السحب والإضافة للفصل الثاني المُقبل. “منحة” وزير التعليم العالي تلك، تتضمن شقين أساسيين، الأول يتمحور حول إمهال الطلبة الجامعيين وذويهم، عدة أيام فقط، لا تتجاوز الأسبوعين في أحسن الحالات، حتى يُسددوا ما عليهم من التزامات مالية (الرسوم) إلى الجامعات التي يدرسون فيها.. إذ إن من المعلوم بأن الفترة ما بين التسجيل وعملية “السحب والإضافة” تتراوح ما بين 10 و14 يومًا. أكاد أُجزم أن نسبة كبيرة من أبناء الأردن، قد تصل إلى 80 بالمائة، لا يستطيعون توفير الرسوم الجامعية لأبنائهم خلال فترة 14 يومًا.. إذ كيف سيتمكنون من تأمين مبلغ مالي يُقدر مُتوسطه الحسابي ما بين الـ800 والألف دينار (رسوم فصلية)، خلال تلك الفترة الوجيزة، علمًا بأن متوسط رواتب الأردنيين لا يتجاوز الـ550 دينارا شهريًا. للقارئ أن يتخيل الأمر، فحتى “هبات” الحكومة أو “منحها”، باتت وسيلة لـ”التندر” أو “الفكاهة”، أو “الاستجهان”.. فعندما يصل الأمر بأن تمنح وزارة ما الطالب أو الطالبة أسبوعين فقط، وليس ثلاثة أشهر أو ستة أشهر أو حتى عام، لتسديد ما عليهم من رسوم جامعية، فإن ذلك يؤكد بشكل لا يقبل الشك أبدًا بأن الأوضاع ليست على ما يُرام، وأن هُناك الكثير من الأزمات تتطلب الوقوف عليها مليًا، بُغية إيجاد حلول لها، أو على الأقل التخفيف قدر الإمكان من حدتها أو آثارها السلبية. الشق الثاني من تلك “المنحة”، يتضمن عدم ترتيب أي غرامات مالية على الطلبة!، ذلك “مغنم” بحد ذاته.. وإن كان الظاهر من ذلك هو “إيجابي”، لكن في الوقت نفسه لا يوجد هُناك أي داع إلى تحميل الطلبة وذويهم، أي “منن”، وكأن لسان حال الوزارة يقول “عيشوا وتهنوا.. لقد سامحناكم بالغرامات”. يتوجب الوقوف مليًا وبكُل جدية على الأسباب التي أوصلت المسؤولين والجهات المعنية إلى أن المواطن الأردني، بات يفرح فرحًا عظيمًا، لمجرد أن وزارة مُعينة لا تُحمله أي غرامات مالية على تأخير دُفعة أو قسط؟، مع العلم بأن تلك الغرامات لا تتجاوز في حدها الأعلى، بضعة دنانير، لا تُسمن ولا تُغني من جوع.. ألم أقل لكم أنّا وصلنا إلى مراحل في “القاع” في شأن ذلك كُله!. المقال السابق للكاتب اضافة اعلان