نادي الجزيرة والرزاز

لا يعني الهدف الذي سجله لاعب نادي الجزيرة الرياضي مارديك مارديكيان في الدقيقة 88 من عمر مباراة فريقه مع نادي الوحدات أول من أمس، فقط فوز الفريق بنقاط المباراة الثلاث، بل لهذا الهدف معان أكبر من مجرد جمع النقاط في مسابقة بطولة الدوري التي يتصدرها النادي بلا هزيمة وبـ 22 نقطة.اضافة اعلان
إن قراءة التطور التدريجي للنادي في آخر 5 مواسم، بعدما كان يصارع الموت للبقاء في دوري المحترفين لكرة القدم لسنوات طويلة، (وصيف الدوري 3 مرات، والمركز الرابع مرة واحدة، والمركز الثالث مرة واحدة، وفاز بنهائي كأس الأردن وخسر آخر، وبلغ نهائي كأس الكؤوس مرتين، ونهائي بطولة الاتحاد الآسيوي عن منطقة غرب آسيا)، يستحق التوقف عنده مليا، كونه يعكس هوية إرادة، وإدارة، ونجاح، واجتهاد، ومثابرة، وهدف وضع صوب العين، وتحقق، وإلا لما بلغ هذه المرحلة المتقدمة ليس على الصعيد المحلي فقط، وإنما آسيويا.
فالانتصارات التي يحققها الجزيرة ليست مجرد فوز 11 لاعبا على 11 لاعبا من ناد آخر، فالمعنى أكبر، وأسمى من ذلك بكثير، ففي هذه الانتصارات دروس يستفاد منها رياضيا، وسياسيا، واقتصاديا، واجتماعيا.
ونجاح تلك التجربة الرياضية، التي استندت إلى خطط وخيارات مدروسة لإدارة النادي وكوادر بشرية على قدر المسؤولية، يفتح المجال للتفكر بآلية التغلب على التحديات التي واجهتها، خصوصا ضعف الموارد المادية، واللوجستية.
لماذا الحديث عن تجربة نادي الجزيرة؟.
لأن نجاح هذه التجربة يعكس أهمية البحث بكل أمانة وإخلاص عن المجتهدين القادرين على قيادة أهم المواقع في المملكة، والنهوض بها من حالة السبات إلى القمة، عبر الاجتهاد في اختيار أنسب الطرق لتحقيق الغاية المرجوة دون التذرع بالعقبات والصعوبات التي تقتل الإبداع، فالاتكاء على الأسلوب النمطي في اختيار المسؤولين، وأعوانهم، تحد يجب التخلص منه مهما كان مكلفا.
رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز باعتباره "كابتن الفريق الحكومي" يحمل على كاهله عبئا كبيرا عند اختيار لاعبي فريقه، فهو مطالب بالبحث عن شخوص يمتلكون ذات الوصفة السحرية التي استدل عليها نادي الجزيرة عندما أراد أن يكون في المقدمة.
فبعد نحو شهر من أول تعديل أجراه الرزاز على حكومته، وهو تعديل كان عليه ما كان من ملاحظات، نقف اليوم أمام استقالة وزيرين على خلفية فاجعة البحر الميت، حيث من المفترض أن يكون الرئيس قد بدأ باحتساب خطواته في البحث عن بديلين عنهما ليتوليا قيادة وزارات السياحة، والتربية والتعليم والتعليم العالي (في حال تقرر الإبقاء على دمجهما)، مع ضرورة إدراك أن الناس سئمت الأسماء "المزركشة".
ولأن لكل مباراة خطتها الفنية الخاصة بها، والتي يعتمد عليها أي مدرب قياسا لقوة الفريق المقابل، ومكان اللقاء، فإن رئيس الوزراء مطالب بـ"تكتيك" خاص عند البحث عن بديلين للوزيرين المستقيلين، إذ إن الأردن يعج بعدد كبير جدا من المجتهدين القادرين على الجلوس على رأس الهرمين التعليمي والسياحي، وإدارة الدفة بكل اقتدار. كل ما نحتاجه فقط هو البحث بجدية وتأن عن هؤلاء الأشخاص ممن يستطيعون حصد البطولات وتحقيق الإنجازات في ملفين يعتبران من أهم الركائز التي يستند عليها الوطن للنهوض به، وتطويره.
الفرق بين نادي الجزيرة ورئيس الوزراء، أن الانتظار للدقيقة 88 من عمر المباراة للفوز بها أمر لا يستقيم، فالنصر يجب أن يتحقق من الدقيقة الأولى، وإلا فالدقائق المتبقية التي تكثر بها الفرص الضائعة لن تحقق النقاط الثلاث المطلوبة لرفع ترتيب الحكومة على سلم المواطنين، وبالتالي ستخوض ما تبقى لها من مباريات في ملاعب ستخلو حتما من المشجعين.