غسان الطالب*
في تقرير حديث لوكالة أنباء العالم العربي حول الصناعة المصرفية الإسلامية يشار فيه إلى تواصل النمو السريع في أصولها، وهذا ما أشارت إليه وكالة "ستاندرد آند بورز" مؤخرا، أن قطاع التمويل الإسلامي العالمي يسجل "نموا في أعلى خانة الآحاد لإجمالي الأصول في 2024 - 2025 بعد نمو بنسبة 8 بالمائة في العام 2023"، في الوقت الذي توقعت فيه الوكالة أن تستمر المساهمة الإيجابية من قطاعات التمويل الإسلامي كافة، للمحافظة على معدل نمو إيجابي حتى نهاية العام الحالي، مع العلم أن سوق الصكوك شهد أيضا نموا بمستوى جيد، حيث من المتوقع أن يصل حجم الإصدار ما بين 160 إلى 170 مليار دولار مع نهاية العام الحالي، وهذا سينعكس بكل تأكيد على أصول الصناعة المصرفية إيجابا، مع العلم أن حجم الإصدار بلغ في الربع الأول من العام الحالي 46.8 مليار دولار بزيادة تقدر بحوالي 8.6 مليار عن العام الماضي، هذا إذا أضفنا ما تحققه صناديق الاستثمار الإسلامية مع قطاع التأمين التكافلي من مساهمة في تطور معدل نمو هذه الصناعة، وتشير بعض التقديرات إلى أن أصول التمويل الإسلامي تقدر بحوالي 3.8 ترايون دولار في العام الماضي، على مستوى العالم منها حوالي 1.72 تريليون دولار أصول للبنوك والصيرفة الإسلامية، ومن هذا المنطلق فإننا نرى أن إدارة أصول المصارف الإسلامية تعد قطاعا مهما ووسيلة مثلى لتبني استراتيجية نمو وتطور للمصرفية الإسلامية لتمكينها من ابتكار منتجات مالية جديدة، تلائم حاجة السوق المصرفي المحلي والعالمي وتلبي حاجة عملائها وفق مبادئ وأحكام الشريعة الإسلامية.
وأهم شيء في إدارة الأصول المالية هو الشفافية مع المستثمرين والعملاء ووالضوح في الأدوات الاستثمارية المتوفرة لديها وكيفية استخدامها، ثم المخاطر التي قد تواجه الاستثمار وطرق توظيف الأموال لكسب ثقتهم وتحقيق نتائج أفضل، كونهم شركاء في المال والاستثمار والمخاطر، وهذا يتطلب جهات رقابية كفؤة متمثلة بما يأتي:
- دور رقابي للمصرف المركزي بما يتلاءم وفلسفة هذه المصارف، ولا يتقاطع كذلك مع احتياجات السياسة النقدية للبلد.
- رقابة شرعية متابعة لجميع عمليات الاستثمار ووسائل التصرف بالأصول التي في حوزة المصرف.
- رقابة داخلية متمثلة في بناء جهاز إداري سليم ونظام محاسبي دقيق يتفق مع المعايير الدولية، وكذلك هيئات تفتيش مفاجئة ومباشرة.
كما يتطلب من المصارف الإسلامية تدريب وتطوير الكوادر العاملة لديها خاصة في مجال الاستثمار، حتى تتعرف على أحوال الأسواق المالية وكفاءة استخدام الأدوات المالية الخاصة بالاستثمار، ثم مراجعة أدائها بشكل دوري لتطويره.
لهذا وحتى نتوصل إلى إدارة كفؤة للأصول في هذا القطاع نقترح ما يأتي:
- إيجاد فرص استثمارية مناسبة للفوائض المالية لديها.
- وضع استراتيجية شمولية لتطوير وتسويق منتجاتها المالية، والعمل على بذل مجهود للابتكار أيضا.
- التوظيف الأمثل للسيولة لتحقيق عائد أفضل لأصحاب الأموال المودعة لغرض الاستثمار، وكذلك المساهمين.
- تأكيد دور المصرف الإسلامي كوسيط مالي بين صاحب رأس المال والمستثمر، وذلك من خلال تنويع أدوات جمع المدخرات ثم إعادة توظيفها بما يتوافق مع الشريعة الإسلامية.
- الابتعاد عن الأصول التي لا تعود بالفائدة على المجتمع ولا تتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية.
- إعطاء أهمية لدراسات الجدوى الاقتصادية قبل الدخول في استثمارات كبيرة، قد ترتب التزامات مالية تفوق قدرة المصرف على تغطيتها.
أمام جميع المكاسب التي حققها قطاع المصرفية الإسلامية محليا وعالميا، فإننا نرى أن على هذه المصارف أن تعمل على تحقيق حالة من التوازن بين السحوبات والالتزامات النقدية وتهيئة الظروف المناسبة، ووضع الاسس الفاعلة للوصول إلى إدارة للأصول تضمن المحافظة على مكتسباتها وتنقلها إلى مرحلة متقدمة وتمكنها من إيصال رسالتها.
*باحث ومتخصص في التمويل الإسلامي
للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا