يقول جلالته بكل وضوح: «اللاجئون هم إخوتنا وأخواتنا... إنهم يتطلعون لبلداننا لتساعدهم في إنهاء الأزمات التي طردتهم من أوطانهم».. إن لهذه الكلمات وقعا إنسانيا كبيرا في النفس؛ فالملك هو الحاني وهو الأب. والأردن كان وما يزال الوطن الكبير الذي استقبل دوماً الأشقاء في العروبة والدم؛ لكن الواقع المعاش صعب، والأردنيون باتوا يدفعون الثمن كبيراً نتيجة الضغوط على الموارد الاقتصادية المحدودة للبلد، وارتفاع نسب البطالة، وهو ما كان قد أكد عليه جلالته أكثر من مرة؛ حتى لا يتخلى عنهم المجتمع الدولي.. «المجتمع الدولي الذي يعتمدون عليه ليتمكنوا من تحمّل هذه الحياة الصعبة، حيث تقدم العديد من وكالات الأمم المتحدة خدمات حيوية للمساعدة في تلبية هذه الاحتياجات.. ولكن خلال الأشهر الماضية، نقلت هذه الوكالات، واحدة تلو الأخرى، أخباراً صعبة حول اضطرارها لقطع هذه المساعدات جراء النقص الحاد في التمويل الدولي»، على ما عبر عنه جلالته بمرارة.
إن الأردن – وإن كان البلد الحاني والملجأ الآمن لمن يعانون ظروفاً قاسية – إلا أنه لن يستطيع تحمل هذه التكلفة الباهظة وحده؛ فالإمكانات محدودة، والظروف الاقتصادية صعبة، ولا بد من حلول لمواجهة هذه الأزمات. وعلى حد تعبير جلالته «لا يمكن أن يبقى تأثير نقص هذا الدعم الإنساني ضمن بلد أو منطقة معينة فقط؛ فالخوف والعوز دوماً يتسببان بزيادة كبيرة في عدد اللاجئين الذين يتوجهون إلى أوروبا وخارجها، في رحلات كثيراً ما يكون مصيرها المأساة.. وفي الأردن، حيث يشكل اللاجئون أكثر من ثلث سكاننا البالغ عددهم 11 مليون نسمة، أدى تخفيض الدعم بالفعل إلى إلقاء حياة مئات الآلاف من اللاجئين في دوامة من الخطر وعدم اليقين».
لا رسالة أوضح من رسالة جلالة الملك؛ رسالة ملكية مهمة في وقت حساس ليأخذ العالم زمام المبادرة، وليقف المجتمع الدولي أمام مسؤولياته تجاه أزمات اللاجئين، وليقدم لهم المساعدة؛ حتى لا يكونوا عرضة للمخاطر، مع الالتزام بالعهود والمواثيق والمعاهدات الدولية التي تنص على مساعدتهم سواء في نطاق القانون الدولي العام أو القانون الدولي الإنساني، الذي يفرض على المجتمع الدولي أن يقف إلى جانبهم.. لا أن يتركهم يلقون مصيرهم بأنفسهم.