غير ان المتابع للسياحة الداخلية يلاحظ انها ما تزال دون المستوى المتوقع، وخاصة السياحة الثقافية والاستشفائية والترفيهية والدينية. يعود ذلك إلى أسباب كثيرة لا بد من الاشارة اليها حتى ينهض هذا القطاع بشكل متواصل مستفيدا مما لدى الأردن من كنوز أثرية وثقافية ودينية لافتة، تبدأ من العصر الحجري (2200 ق.م.) مرورا بالعصر البرونزي والروماني والأموي والعثماني وانتهاء بالقرن العشرين. ومعلوم أن سياحة الأردنيين إلى الخارج نشطة تماماً ويقترب عدد الأردنيين المسافرين للخارج من 1 مليون شخص سنويا يتجه الجزء الأكبر منهم إلى تركيا ومصر وتونس والبوسنة ودول شرق أوروبا وشرق آسيا وغيرها، وينفقون ما يزيد على 900 مليون دينار. ولا شك أن وزارة السياحة والآثار وكذلك المؤسسات والجمعيات والشركات العاملة في السياحة والنقل السياحي تبذل جهوداً تستحق الثناء. ومع هذا فإن الفرصة لتطوير السياحة لدينا ما تزال كبيرة تماماً، وربما في الإطار التالي اولاً: ان الجزء الأكبر من المواقع الأثرية في بلدنا يحتاج إلى عناية واهتمام، وخاصة في الطرق الموصلة إلى كل موقع بذاته، وكذلك العمل على وجود الاستراحات الجاذبة للسائح، والأهم من كل ذلك العناية في البيئة المحيطة بالموقع الأثري ثانياً: من الضروري زراعة الأشجار على جانبي الطريق الموصلة إلى المواقع ومجموعة من الأشجار قرب الموقع نفسه ليكون بمثابة منطقة خضراء يمكن للزائر ان يستريح فيها، لا أن يكتفي بالتقاط الصور ثم يغادر المكان فورا بعد الزيارة. ثالثاً: ان الكثير من المواقع الأثرية ما تزال مجهولة لدى المواطن الأردني غير المتخصص ولدى السائح الأجنبي. وهذا يستدعي دعوة الكتاب وعلماء الآثار والروائيين والمؤرخين والإعلاميين ليكتبوا ويؤلفوا وينتجوا مواد إعلامية وثقافية وتاريخية ووثائقية تجعل الموقع الأثري قريبا للذاكرة ومن الثقافة المجتمعية رابعا: ضرورة الاهتمام بالفنون الشعبية التي يقع فيها الأثر التراثي سواء كان ذلك بالأعمال اليدوية أو الموسيقا أو الحرف التقليدية أو المنتجات الغذائية. خامساً: إعطاء الاستراحات السياحية مزيدا من الاهتمام من خلال جمعيات تعاونية لأبناء وبنات المنطقة ودعم من الحكومة لتكون الاستراحة جاذبة لزيارة مطولة يتعرف فيها الزائر على التفاصيل الحياتية والمجتمعية للمنطقة. سادساً: إقامة الفنادق متوسطة المستوى( 3 نجوم) في المواقع الكبيرة مثل البتراء وجرش وأم قيس والكرك وعجلون، لتكون تلك الفنادق متميّزة بالروح المحلية والبساطة وتواضع التكاليف سابعاً: تنظيم رحلات سياحية داخلية للمدارس والجامعات ومنظمات المجتمع المدني إلى المواقع الأثرية يساهم في تمويلها القطاع العام والقطاع الخاص والأهلي ثامناً: الاهتمام بترميم المواقع وإنشاء نماذج مصغرة لها يمكن ان يشتريها الزائر وتصبح قطعا فنية يمكن الاحتفاظ بها. تاسعا معالجة الأسباب التي تجعل السياحة لدينا مرتفعة التكاليف بالمقارنة مع كثير من الدول المنافسة وفي مقدمتها الكهرباء والنقل.عاشرا أن تلتزم كل محافظة بالتعاون مع الجامعات والقطاع الخاص بتحسين وتجميل وتخضير وتطوير الخدمات والبنية التحتية لموقعين أثريين فيها سنويا.
وأخيراً فإن السياحة الداخلية والاهتمام بالمواقع الأثرية والتراثية وتزويدها بالمرافق والبنية التحتية ووسائط النقل المنظمة والمنتجات الثقافية هي مسؤولية مجتمعية ورسمية، ولا بد للشركات والبنوك ان تساهم في تمويل هذه النشاطات كجزء من مسؤوليتها المجتمعية. لدينا الكنوز التي تحتاج إلى نفض الغبار عن كثير منها والعمل على أن تكون قريبة من النفس والفكر والثقافة والنقل، فهي ثروة وطنية يجب استثمارها.