في الوقت الذي أقر فيه مجلس التعليم العالي تعليمات تنظيم ممارسة الأنشطة الحزبية الطلابية في مؤسسات التعليم العالي، والتي تم إصدارها من قبل المجلس بمقتضى أحكام المادة (8) والمادة (11) من نظام تنظيم ممارسة الأنشطة الحزبية الطلابية رقم (68) لسنة 2022، قال خبراء متخصصون بالشأن الأكاديمي إن هذه التعليمات "لن تنجح إلا إذا رفعت القيود عن العمل الطلابي الحزبي في الجامعات وإلغاء مجالس التأديب".
وأشاروا إلى أن منح النظام صلاحيات لعمداء شؤون الطلبة بتحديد المكان والزمان لإقامة الأنشطة الحزبية، يضعف دور العمل الحزبي داخل الجامعات، ويعرقل أنشطة الطلبة، مشددين على أن "النظام بالأصل لا يسمح بالعمل الحزبي داخل الجامعات، وإنما يسمح بإقامة فعاليات ضمن شروط مقيدة وصارمة".
وكان مجلس التعليم العالي أقر أمس تعليمات الأنشطة الحزبية في الجامعات ليصار إلى رفعها إلى لجنة البنى التحتية في مجلس الوزراء لمناقشتها وإقرارها لتنشر في الجريدة الرسمية.
وفي السياق قال الخبير الدستوري الدكتور رياض الصرايرة لـ "الغد" إنه "لا توجد جدية لدى الحكومة في إقرار تعليمات أو أنظمة تسمح بالممارسة الحزبية لطلبة الجامعات لافتا إلى أن النظام يتمخض عن قوانين أقرت لتحديث منظومة العمل السياسي ومن بينها قانون الأحزاب".
وتابع الصرايرة أن "النظام والتعليمات شيء وتطبيقهما شيء آخر، إذ يتوجب أن يكون لهما أثر ملموس في تكريس حقيقي للممارسة الحزبية باعتبار الطلبة الأمل في صناعة أحزاب سياسية جديدة في ظل العزوف الوطني عن الانخراط فيها".
وبين أن "من شأن الإجراءات التقييدية والصلاحيات تعطيل العمل الحزبي وتردد الشباب عن المشاركة الحزبية، وان تكون الجامعات حواضن للعمل الحزبي الوطني".
وتنص المادة 5 من النظام، أن على "الطالب الالتزام عند ممارسة النشاط الحزبي بعدم إقامة النشاط الحزبي في غير الأمكنة والأوقات المصرح بها وفق أحكام هذا النظام والتعليمات الصادرة بمقتضاه".
كما تنص المادة 6 من ذات النظام، على "عدم الإعلان أو الدعوة لعقد النشاط الحزبي أو البدء بتنفيذه قبل الحصول على الموافقة الخطية من عمادة شؤون الطلبة".
ويشترط النظام تقديم طلب إقامة النشاط الحزبي إلى العمادة قبل أسبوع على الأقل، وتلتزم مؤسسة التعليم العالي بالرد على طلب إقامة النشاط الحزبي خلال مدة أقصاها ثلاثة أيام عمل من تاريخ تقديم الطلب، وتتولى العمادة الإشراف على ممارسة الطلاب للأنشطة الحزبية داخل الحرم الجامعي وفق التشريعات النافذة.
وبين الصرايرة أن هذه التقييدات تدلل على عدم جدية الحكومة بالإصلاح، والسماح بإنشاء اتحادات الطلاب لإتاحة العمل الحزبي داخل الجامعات، بالاضافة إلى أهمية العمل على إلغاء أنظمة التأديب التي تمنع العمل السياسي للطلبة.
من جانبه، قال الدكتور حسن الفقهاء من الجامعة الأردنية لـ "الغد" إن الوعي الطلابي عال ويدركون أهمية المشاركة الحزبية الفاعلة، غير أن تقييد إجراءات الطلبة بالممارسة الحزبية يتوجب أن يكون محل إعادة نظر.
وأشار إلى أن المتفحص لنظام المشاركة الحزبية يرى قيودا كبيرة على الطلبة تحد من الممارسة الفعلية للعمل الطلابي، فضلا عن عدم قيام الجامعات بدورها في تنمية الوعي بالمشاركة السياسية.
وتابع أن إلزام الطلبة بإقامة النشاط الحزبي في الأمكنة والأوقات الموافق عليها والحصول على الموافقة الخطية من العمادة قبل الإعلان عن إقامة النشاط الحزبي أو الدعوة إليه أو البدء بتنفيذه، يعيق عملها، موضحا أن على الجامعات أن تكون حواضن حزبية إذا ما أردنا مشاركة وطنية حقيقية للانخراط بالعمل الحزبي.
وبين أن الطلبة في جامعات العالم تمارس العمل الحزبي منذ أربعين عاما، فيما تجربتنا ما تزال في مهدها، ويتوجب إنجاحها وكف صلاحيات عمداء شؤون الطلبة لإنجاحها.
من جهته، قال أستاذ العلوم السياسية الدكتور باسم تليلان لـ "الغد" إن الممارسة الحزبية الفاعلة تكون في الجامعات، وإن أي إنقاص منها يؤثر فيها لجهة حرمان الطلبة من ممارسة حقهم الدستوري.
وأشار إلى أن القيود التي تفرض على طلبة الجامعات تساهم إلى حد كبير في عرقلة مسيرة التحديث السياسي لأن الشباب أساسها.
ودعا تليلان الحكومة إلى إفساح المجال أمام الطلبة لممارسة العمل الحزبي ضمن أطر دستورية وقانونية وتنشيط العمل السياسي في الجامعات لأنه بالأساس حواضن للعمل الحزبي.
ووفقا لتقرير أعده المركز الوطني لحقوق الإنسان فقد بلغ عدد المنتسبين إلى الأحزاب 34957 منتسبا في العام، بينما لا يتجاوز عدد الشباب المنتسبين إلى الأحزاب في الأردن 12748 شابا، بنسبة 36.47 في المائة من عدد المنتسبين.
وصدر نظام رقم 68 لسنة 2022 (نظام تنظيم ممارسة الأنشطة الحزبية الطلابية في مؤسسات التعليم العالي) وذلك بمقتضى الفقرة (أ) من المادة (20) من قانون الأحزاب السياسية رقم (7) لسنة 2022 ويعمل به بعد 180 يوما من تاريخ نشره.
وبموجب النظام، يحتم على مؤسسات التعليم العالي والعاملين فيها، الالتزام بآلية التنظيم للأنشطة الحزبية الصادرة بموجبه، والتي من شأنها العمل على تغيير أدوات العمل والتمكين السياسي لضمان تجربة حزبية ناجحة على كافة الصعد.
وحظر النظام على مؤسسة التعليم العالي، مساءلة الطالب أو التعرض له بسبب ممارسة النشاط الحزبي المسموح بممارسته وفقا لأحكام هذا النظام والتعليمات الصادرة بمقتضاه، أو الانحياز لصالح أي حزب أو التأثير على الطلبة المنتمين للأحزاب بأي شكل من الأشكال، أو الترويج لأي حزب بأي وسيلة من الوسائل بما فيها الإلكترونية.
وحظر النظام على مؤسسات التعليم العالي، السماح باستخدام أي مكان في الحرم الجامعي كمقر أو مكتب للحزب، وعلى أعضاء الهيئة التدريسية في مؤسسة التعليم العالي وجميع العاملين فيها، المشاركة في الأنشطة الحزبية التي تمارس من قبل الطلبة داخل الحرم الجامعي، والتأثير على الطلبة بأي شكل من الأشكال بسبب انتمائهم الحزبي.
اقرأ المزيد :
"الغد" تنشر نظام تنظيم ممارسة الأنشطة الحزبية في مؤسسات التعليم العالي