"حرق المصحف" يستدعي تجريما دوليا لمعاداة الإسلام

المصحف
المصحف

أعادت حادثة إقدام مجموعة دنماركية يمينية متطرفة مناهضة للإسلام، على حرق نسخة من المصحف الشريف، وقبلها قيام أحد المتطرفين بتمزيق نسخة من المصحف في العاصمة السويدية ستوكهولم بحماية من السلطات السويدية، فتح النقاش بشأن السبيل الأمثل لمواجهة الجدلية المستمرة، بين دعاوى حرية التعبير، والاتهامات بازدراء المقدسات الدينية، والتي ما تلبث أن تهدأ في بقعة أوروبية حتى تندلع في أخرى.

اضافة اعلان


وفي هذا الصدد، شدد وزير الأوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأسبق وائل عربيات على أنه "ما لم يوضع حدود لحرية الفكر والتعبير بشأن إهانة المقدسات الدينية، فسيستمر استخدام هذه الأعمال الاستفزازية في الدول الاسكندنافية، كأداة لإبعاد المسلمين عن التصرفات والمواقف غير الديمقراطية والمنافية لحرية التعبير".


وتابع عربيات: "كل المؤسسات الرسمية الإسلامية حول العالم، ترى أن ازدراء الأديان يجب ألا يدخل ضمن ما يعرف بحرية التعبير، كما تطالب بقانون دولي يجرم معاداة الإسلام والتمييز ضد المسلمين، وتعتبر أن الإساءة لأي رمز ديني لا يعد سلوكا ينم عن حرية ولا حضارة".


ورفضت الشرطة السويدية عدة طلبات في الآونة الأخيرة لتنظيم احتجاجات لإحراق المصحف، لكن المحاكم أبطلت هذه القرارات قائلة إنها تنتهك حرية التعبير التي تكفلها البلاد.


من جهته، يقول المحلل السياسي صدام الحجاحجة، إن "حرق المصحف جريمة كبيرة، وخطرها واضح وحقيقي ووشيك على الإنسانية، وهذه الأحداث تسهم في تدمير أساليب الحياة والروابط الاجتماعية المختلفة بين الشعوب".


ويرى الحجاحجة ان هذه الأحداث، "حتى وان كانت تحمل بعدا سياسيا من خلال تسهيل بعض الأنظمة الغربية تنفيذها، إلا أن البحث في المسببات الحقيقية المرتبطة بالعقل الغربي وثقافة المجتمعات الغربية، مهم، إذ إن هذه الأحداث تعبر عن أزمة غربية حقيقية، فالغرب غارق في الانطوائية".


وتابع: "هذه الأحداث هي محاولة من الغرب للتغلب على أزمة الانطوائية على الذات، من خلال انعكاسها على المهاجرين، تماما كما كان الوضع قبل الحرب العالمية الثانية، اذ لا يمكن تقييم الاعتداء على المصحف الشريف في سياق الحرية بأي شكل من الأشكال"، مضيفاً انه "يجب على الجماعات الليبرالية والتعددية في الغرب أن تدرك أن الأزمة تخصها، ويجب أن تؤسس لحوار وثيق مع المهاجرين والمسلمين من أجل إيجاد حل".


وأكد ضرورة عدم تقييم وقائع إحراق المصحف الشريف في إطار الديمقراطية وحرية التعبير، موضحا أن الأعمال الاستفزازية بحرق المصحف، وقبل ذلك رسم الصور الكاريكاتورية المسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، والإصرار على نشرها، يفضح نية الدول الاسكندنافية في تحويل شعار التسامح غير المشروط والحرية المطلقة، إلى أداة، كأنها تجربة اجتماعية للمجتمع المسلم في تلك البلاد.


واضاف أن هذه الأعمال الاستفزازية من اليمين المتطرف في أوروبا، تهدف لاختبار مدى تحمل المجتمع المسلم لها في إطار الديمقراطية والمساواة وحرية التعبير والتسامح، لتوصيل رسالة مفادها "يجب عليكم احترام مبدأ حرية التعبير لدينا، حتى ولو أهنا دينكم، فعليكم تقبل ذلك".


ويتنافى حرق المصحف مع حرية التعبير والمادة 18 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تكفل حماية الأديان وعدم انتهاك حرمتها.


وتنص تلك المادة على أن "لكل شخص حق في حرية الفكر والوجدان والدين، ويشمل هذا الحق حريته في تغيير دينه أو معتقده، وحريته في إظهار دينه أو معتقده بالتعبد وإقامة الشعائر والممارسة والتعليم، بمفرده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو على حدة"، حسب "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان".


من جهته، أكد مدير المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام الأب الدكتور رفعـت بدر، ان تكرار هذه الممارسات يخالف كل قواعد احترام الاديان والعقائد والرسل والكتب المقدسة والنصوص الدينية، التي يحرم تدنيسها أو الاساءة اليها، مثلما يخالف حرية التعبير ويمس بالمشاعر، وحري أن يتم التصدي لها من قبل الجميع، مضيفا "ان مثل هذا التصرفات تجر إلى الفتنة، وهي عمل شائن لا يمت للأديان بصلة".


وكانت توالت ردود الأفعال الأردنية والعربية والدولية المنددة بحرق وتمزيق لنسخ من المصحف الشريف في السويد والدنمارك، إذ استدعت وزارة الخارجية وشؤون والمغتربين الخميس الماضي، القائم بالأعمال في السفارة السويدية في عمان، لنقل رسالة احتجاج شديدة اللهجة لحكومة بلاده، كما دانت قيام متطرفين بإحراق نسخة من المصحف في كوبنهاغن، معتبره التصرف فعلا من أفعال الكراهية، ومظهرا من مظاهر الإسلاموفوبيا المحرضة على العنف والإساءة للأديان.

 

عربيا، تصاعدت الأزمة الدبلوماسية بين العراق والسويد على خلفية السماح لمتظاهرين بحرق نسخة من المصحف والعلم العراقي أمام السفارة العراقية في ستوكهولم، فيما استدعت كل من قطر والسعودية سفراء السويد لديها وسلمتهم مذكرات احتجاج تندد وتطالب بوقف الاعتداء على مقدسات المسلمين.


كما أعلن بيان للحكومة العراقية أن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني قرر سحب القائم بالأعمال العراقي لدى السويد.


دوليا، أعلن المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني أنه جرى استدعاء السفير السويدي للاحتجاج على الإساءة للمصحف وإبلاغه احتجاج طهران الشديد على تكرار الإساءة إلى المقدسات الإسلامية في السويد.


وأضاف كنعاني أن السويد تتحمل مسؤولية تداعيات استفزاز مشاعر المسلمين في جميع أنحاء العالم.


كما نددت تركيا بالتدنيس الذي وصفته بـ"الوضيع" للمصحف الشريف أمام السفارة العراقية في ستوكهولم، وحثت السويد على اتخاذ إجراءات رادعة" لتجنب أي عمل مماثل.


وأعربت الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي، عن استنكارها لتكرار هذه الاعتداءات الدنيئة، ومحاولات تدنيس حرمة القرآن الكريم، وغيره من قيم الإسلام ورموزه ومقدساته.


وحذرت الأمانة من خطورة هذه الأعمال التي تقوض الاحترام المتبادل والوئام بين الشعوب، وتتعارض مع الجهود الدولية لنشر قيم التسامح والاعتدال ونبذ التطرف، داعية حكومات البلدان المعنية إلى اتخاذ إجراءات فعالة لمنع تكرارها.


وبدات حوداث الاعتداء على القران الكريم عام 2005، بعد ورود تقارير تفيد بأن المصحف الشريف تعرض للتدنيس بأيدي محققين أميركيين بمعتقل غوانتانامو في كوبا، في وقت قالت فيه اللجنة الدولية للصليب الأحمر في جنيف إن معتقلين في قاعدة غوانتانامو الأميركية أكدوا لها وقوع بضع عمليات تدنيس للمصحف الشريف.


وبعدها في 22 مارس 2011 أشرف القس الأميركي تيري جونز على حرق نسخة من المصحف في كنيسة صغيرة في فلوريدا، ودان الرئيس الأميركي وقتها باراك أوباما ما قام به القس، الذي أثار ردود فعل عنيفة في حينه، منها هجوم على مقر للأمم المتحدة في أفغانستان خلف عددا من القتلى.

 

اقرأ المزيد : 

السويد بعد حرق المصحف الشريف.. "نحن في وضع أمني خطير ومهددون"