تثير سيناريوهات تزايد ندرة المياه والإجهاد المائي، إلى جانب موجات الجفاف المتكررة، مخاوف المسؤولين والخبراء في البرتغال واسبانيا والمنطقة العربية.
فالتوقعات المستقبلية لتأثيرات التغيرات المُناخية في كل اسبانيا والبرتغال تشير إلى "حدوث فيضانات مفاجئة تتسم بالشدة، مع المزيد من موجات الجفاف المتكررة والطويلة".
كما أن "المناطق الشمالية ستشهد هطولا مطريا أقل، إلا أن الجزء الجنوبي من البلدين سيشهدان هطولا أقل بنسب كبيرة"، وفق ما أكده ممثل المعهد العالمي التقني في جامعة لشبونة البروفيسور رودريغو أوليفيرا.
وتتشابه هذه التأثيرات إلى حد كبير مع تلك التي سيشهدها الأردن بموجب سيناريوهات التغير المناخي المستقبلية إذ سـ"يصل العجز المائي إلى مليار متر مكعب مع نهاية العام 2100، في حين تقارب احتياجات المملكة المائية 500 مليون متر مُكعب العام 2050".
وأظهرت السيناريوهات المُستقبلية، وبحسب أول تقييم أولي حول الجفاف في الأردن أطلقه البرنامج الأُممي العام 2019، أن "مُحافظات: إربد، عجلون، جرش، ستكون الأكثر عُرضة لموجات الجفاف".
ولا تقتصر التداعيات على الأردن والبرتغال واسبانيا وحدها، بل إن "المنطقة العربية ستكون الأكثر تأثرا في العالم بتغير المناخ، الذي هو في تسارع مستمر"، بحسب تقرير الهيئة المعنية بتغير المناخ الصادر في شهر آذار (مارس) الماضي.
وبحسب بيانات الأمم المتحدة يفتقر "ما يقرب من 50 مليون شخص في المنطقة العربية إلى مياه الشرب الأساسية، ويعيش 390 مليون شخص في المنطقة- أي ما يقرب من 90 في المائة من إجمالي عدد السكان- في بلدان تعاني من ندرة المياه".
وبالعودة الى اسبانيا والبرتغال أكد أوليفيرا، خلال الجلسة الختامية للزيارة العلمية، التي نظمتها مبادرة السلام الأزرق لمنطقة الشرق الأوسط الأسبوع الماضي، أن "مناطق الجنوب ستشهد انخفاضا في توافر المياه، وزيادة على الطلب"، فيما تشهد إدارة المياه في البرتغال تحديات تتمثل بـ"تقلبات الأرصاد الجوية بين السنوات والموسمية، في حين أن الموارد المائية مشتركة مع إسبانيا، في ضوء أزمة المناخ التي تلقي بثقل تداعياتها على البلاد".
ومن أجل مواجهة تداعيات أزمة المناخ لا بد من اتباع "نهج تفاوضي مبني على المعارف المختلفة يُسهل عملية الوصول لاتفاقات لإدارة القضايا المشتركة مثل المياه العابرة للحدود"، وفق ما أكده ممثلو دول العراق، والأردن، وتركيا، المشاركون في الزيارة العلمية.
وهذا النهج "يتضح جليا في الاتفاق الذي توصلت اليه كل من البرتغال واسبانيا لإدارة المياه المشتركة"، وفق قولهم.
ولعل "تأثيرات التغير المُناخي لم تنعكس بشكل سلبي على الهطول المطري في البرتغال واسبانيا بحيث لم تخلق أي نوع من المفاوضات ذات علاقة بالتنافسية على مصادر المياه، وإنما ساعدت على إيجاد نهج تفاوضي على المنافع المشتركة فيما بينهم"، كما جاء في الجلسات النقاشية التي انعقدت على مدار خمسة أيام ماضية.
ولعل "وجود فهم مشترك بين القطاعات على المستوى الوطني في دول المنطقة العربية يحقق هدف الوصول لنهج تفاوضي على المستوى الإقليمي ذات علاقة بقضايا المياه والنظم الايكولوجية والبيئة"، بحسب رأي المشاركين.
ووجود مثل النهج، وفقهم: "يُمكن الدول العربية الخروج من دائرة المفاوضات على أساس التنافسية على مصادر المياه، إلى تلك المبنية على نهج تقاسم المنافع المشتركة في الطاقة والغذاء والمياه وغيرها".
اقرأ المزيد :
"مشاريع التزويد" و"إدارة الطلب".. سبيلنا لمواجهة خطر الإجهاد المائي