محميات طبيعية بلا تسويق سياحي خارجي

محمية الأزرق المائية بمدينة الأزرق-(تصوير: ساهر قدارة)
محمية الأزرق المائية بمدينة الأزرق-(تصوير: ساهر قدارة)

فيما يأخذ خبراء بيئيون على الحكومة إغفالها المحميات والمواقع السياحية الطبيعية من حملات الترويج الخارجية، وعبر وسائل الإعلان والإعلام المختلفة، ومنصات التواصل الاجتماعي كذلك، حيث تقتصر على التعريف بمواقع "البترا، ووادي رم، والبحر الميت، والعقبة"، تؤكد هيئة تنشيط السياحة بدورها أنها تحرص على الترويج لهذه الأماكن ولا تغفلها.

اضافة اعلان

 

ويدلل الطرف الأول على مآخذه، بأن الحملات الرسمية وإن كانت تشير، وبشكل خجول جداً، إلى موقعي وادي الموجب ومحمية ضانا، لكن المواقع الطبيعية لم تحظ بالترويج المماثل لتلك الأماكن التي تقع ضمن "المثلث الذهبي" المتعارف على أنه من أهم الوجهات السياحية في المملكة.   

 

ورغم احتلال السياحة القائمة على الطبيعة ما نسبته 10 % من مجمل السياحة العالمية، إلا أن المؤشرات الرقمية الصادرة عن وزارة السياحة وهيئة تنشيط السياحة تخلو من أي إشارة إلى الدخل المتحقق، أو الإنفاق على سياحة الطبيعة.

 

ووفق الإحصائيات الرسمية، بلغ عدد زوار المملكة في الربع الأول من العام الحالي نحو 1.476.599 زائرا، محققا ارتفاعا بنسبة 90.7 % مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي، والتي بلغ فيها عدد الزوار 774.111 زائرا، محققاً بذلك مستويات غير مسبوقة.

 

وأما خلال السبعة أشهر الاولى من العام الماضي فتجاوز عدد السياح 2.5 مليون زائرا، وفق وزارة السياحة والآثار، لكن هذه النسبة قلت في المحميات الطبيعية والأماكن المهمة بيئياً، حيث وصل عدد الزوار فيها إلى مليون زائر فقط العام الماضي.

 

ورغم أن المثلث الذهبي يرتاده السياح من أنحاء العالم نتيجة الحملات الترويجية الحكومية الخارجية، الا أن زوار المحميات جلهم من الأردنيين، أو الأجانب المقيمين في المملكة، أو من بعض الدول العربية المجاورة، وفق رئيس اتحاد الجمعيات البيئية (الاتحاد النوعي) عمر الشوشان.

 

وتعرف السياحة البيئية بأنها "نشاط سياحي صديق للبيئة يمارسه الإنسان في المناطق الطبيعية للمحافظة على مكوناتها، وتحسين رفاهية السكان المحليين"، وفقا لجمعية السياحة البيئية الدولية. ولكن هذه السياحة المفقودة من خريطة الحملات الترويجية الحكومية، كانت متواجدة ضمن برنامج "أردننا جنة" الذي بدأت تنفيذه هيئة تنشيط السياحة منذ عدة سنوات.

 

إلا أنه ونتيجة السلوكيات الخاطئة التي يمارسها رواد المحميات الطبيعية، فإن ذلك الأمر دفع بالقائمين عليها إلى الابتعاد عن استقبال الوفود السياحية ضمن ذلك البرنامج، سوى قلة قليلة فقط.

 

وفي رأي الشوشان، أحد أعضاء مجلس إدارة الجمعية الملكية لحماية الطبيعة، فإن "السياحة البيئية في الأردن تعد من أفضل الأدوات لحماية رأس المال الطبيعي، والحفاظ عليه، لما يشكله من قيمة اقتصادية مضافة، علاوة على القيم الجمالية".

 

ولكن "هناك مساحة كبيرة غير مستغلة في قطاع السياحة البيئية، ولا يوجد أي خطط مستقبلية جادة وواضحة في استثمار الموارد الطبيعية بشكل مستدام يساهم في الحد من البطالة والفقر في مناطق تتمتع بالغنى الطبيعي"، وفق الشوشان.

 

وشدد، في تصريحات لـ"الغد" بالقول: "علينا المضي في مسارين؛ الأول يعنى بتطوير القدرات البشرية والفنية في ادارة المنتجات السياحية البيئية، والآخر يُعنى بإيجاد مبادرات تمويلية للمشاريع الصغيرة والمتوسطة في هذا القطاع".
ولفت الى أن "السياحة البيئية عالميًا تشهد إقبالا كبيراً بسبب الحملات الإعلانية المكثفة على منصات التواصل الاجتماعي، وتطور المنتجات المقدمة من خلالها".

 

و"في الأردن أدخلت الجمعية الملكية لحماية الطبيعة مفهوم السياحة البيئية منذ عشرين عاما ضمن إمكاناتها المحدودة، والذي ساعدها في حصد العديد من الجوائز العالمية المعنية، وآخرها جائزة أفضل موقع مستدام لمحمية الأزرق المائية في معرض برلين الدولي هذا العام". 

 

غير أنه، وبحسب الشوشان "هذه الجهود المبذولة تحتاج خطة وطنية شاملة من تحديد المواقع الطبيعية وحمايتها، وتطوير بنية تحتية مستدامة متكاملة، وترويجها كفرص استثمارية جديدة تعزز من الناتج المحلي الإجمالي، وتوفر فرص عمل جديدة للمجتمعات المحلية". 

 

وكانت أعلنت هيئة تنشيط السياحة في تصريحات لـ"الغد" في شهر شباط (فبراير) الماضي عن إطلاقها حملات ترويجية وتسويقية مكثفة للمواقع الأثرية والسياحية في المملكة في دول أوروبا مثل ألمانيا، ولوكسمبرغ، وبلجيكا، وهولندا، وهنغاريا، ورومانيا، وغيرها.

 

كما قامت الهيئة باستقبال الفنانين والإعلاميين الأجانب والعرب المؤثرين في زيارة للمثلث الذهبي منذ بدايات مطلع العام الحالي، لكنها بالإضافة الى تلك الحملات التسويقية لم تتطرق الى الأماكن الطبيعية في المملكة.

 

بيد أن الناطق الإعلامي باسم هيئة تنشيط السياحة أنس العدوان أكد أن "كافة الحملات التي تُنفذها الهيئة في الخارج تشمل جميع المواقع الأثرية والسياحية في المملكة دون استثناء، في وقت يجري فيه الترويج للمثلث الذهبي بالتنسيق مع سلطة إقليم العقبة".

 

ولفت العدوان الى أن "السياحة البيئية يتم الاهتمام بها بشكل كبير على الصعيد الداخلي في المملكة ومن قبل الجهات المعنية، في وقت تسعى فيه الحملات الخارجية لجذب السواح من مختلف أنحاء العالم لزيارة كافة أنحاء المواقع الأثرية والسياحية".

 

اقرأ المزيد : 

جرش: محميات طبيعية يؤمّها الآلاف تعاني نقص المرافق والبنية التحتية