هل يساعد التوسع بإجراءات المساعدة القانونية دعم وصول السجناء للعدالة؟

قصر العدل تصوير- (أرشيفية)
قصر العدل تصوير- (أرشيفية)

في ظل التوسع بتقديم وزارة العدل للمساعدة القانونية، هل ستتضاعف الثقة بالنظام القضائي، ويتحقق وصول السجناء للعدالة، ويزداد الالتزام بالقانون وتقليل اتجاهات ارتكاب الجرائم، وبالتالي، هل سيؤدي ذلك إلى تحسين إجراءات التقاضي وزيادة احترام الناس للقانون؟

اضافة اعلان


تشير أرقام موازنة وزارة العدل للعام الحالي، إلى أن عدد طلبات الأشخاص الذي حصلوا على المساعدة القانونية العام الماضي بلغ 723 من أصل 1560 مستهدفا، بينما تستهدف الحكومة زيادة عدد من يحصلون على هذه المساعدة للعام الحالي ليصل لـ1800، وقد أوضحت وزارة العدل لـ"الغد"، أنها تلقت العام الحالي 1128 طلبا، وتلقت العام الماضي 957 طلبا، دون الإفصاح عن عدد القضايا التي حصلت على المساعدة فعليا.


وبين قانونيون وحقوقيون، أن المساعدة القانونية التي تقدمها الوزارة، تسهل الوصول للعدالة بأنواعها كافة، وذلك بتوفير ضمانات المحاكمة العادلة، وبما يحقق حقوق الإنسان.


وأشاروا إلى أن التوسع في تقديمها، يضاعف ثقة الأشخاص بالنظام القضائي، ويعزز معرفتهم بحقوقهم وواجباتهم، وبالتالي زيادة الالتزام بالقانون وتقليل اتجاهات ارتكاب الجرائم، ما ينعكس على تحسين إجراءات التقاضي وزيادة احترام الناس للقانون.


وبين هؤلاء أن المساعدة القانونية نصت عليها التشريعات منذ الستينيات، وقد وردت في قانون أصول المحاكمات الجزائية لعام 1961، وجرى التوسع بها خلال الأعوام الأخيرة الماضية، ما يعتبر أمرا ايجابيا، خصوصاً وأن ذلك يواكب المستجدات والمتغيرات التي تؤثر على الأفراد، وأهمها الوضع الاقتصادي لهؤلاء.


وخصصت موازنة العام الحالي 50 ألف دينار لبند "المساعدة القانونية أمام المحاكم"، وهو المبلغ ذاته المخصص للعام الماضي، كما خصصت 460 ألفا للعام الحالي لبند "المساعدة القانونية" مقارنة بـ400 ألف دينار العام الماضي.


وتحدد التشريعات من يحصل على المساعدة القانونية من الحكومة، وذلك ضمن نظام "المساعدة القانونيّة" المقر في العام 2018، والصادر بمقتضى المادة (208) من قانون أصول المحاكمات الجزائية لسنة 1961 في المادة (3) منه، على مجموعة معايير يجري الاعتماد عليها لغايات استحقاق المساعدة القانونية، وتتمثل بـ: ألا يتجاوز الدخل الإجمالي الشهري لأسرة طالب المساعدة القانونية 400 دينار، وألا يملك طالبها أي أموال غير منقولة، باستثناء بيت السكن، أو أموال منقولة، باستثناء الدخل الشهري المنصوص عليه في الفقرة السابقة، وأن يكون نوع الجريمة جناية، وليست له أسبقية جرمية بحكم قضائي قطعي بجناية أو بجنحة".


كما نصت، على أن "للوزير في حالات خاصة ومبررة، الموافقة على تقديم المساعدة القانونية لمن يملك أموالا غير منقولة".


كما نصت المادة (4) من النظام نفسه، على تتبع الأسس والأولويات عند منح المساعدة القانونية لطالبيها، وهي بحسب "الفئة"، تعطى الأولوية للأحداث، فالمسنين، والنساء، والأشخاص ذوي الاعاقة، وأي فئة أخرى يقررها الوزير، إلى جانب أن الأولوية تكون بعد ذلك بحسب "مدة العقوبة في الجناية، بحيث تمنح الأولوية للجناية التي تكون مدة عقوبتها أطول"، وأخيراً "بحسب عدد أفراد الأسرة، بحيث تمنح الأولوية لطالب المساعدة القانونية ضمن الأسرة ذات العدد الأكبر".


نائب نقيب المحامين وليد العدوان، أكد بأن المساعدة التي تقدم عن طريق الوزارة، تقدم بمساعدة نقابة المحامين، إذ تجري مراسلتها للنقابة، وبدورها تنسب النقابة بأسماء المحامين، وهذا ضمن نظام المساعدة القانونية لعام 2018 الذي تطبقه الوزارة التي تدفع أجورها من صندوقها.


على أن العدوان، أشار إلى أن النقابة تقدم أيضاً هذه المساعدة في جميع أنواع القضايا، فلديها هيئة عامة مستعدة لتقديم المساعدة، تضم 16 ألف محام، وهي غير مدفوعة الأجر.


أستاذ القانون العام المشارك عميد كلية الحقوق بجامعة البتراء د.علي الدباس، قال إن المساعدة القانونية، حق من حقوق الإنسان، كفلته الدولة في تشريعاتها تاريخيا، بحيث نصت على تقديم هذا الحق بتعيين محامي دفاع عمن يتهم بجناية (حكمها يزيد على 10 سنوات)، ثمّ تطور ذلك في الأعوام الأخيرة، ليشمل الجنح ومساعدة غير القادرين ماليا على تغطية تكاليف الدفاع عن أنفسهم.


ووفقا للدباس، فالتوسع في هذا الشكل من المساعدة، إيجابي، وينسجم وحقوق الإنسان، خصوصا في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة للأفراد.


مدير المشاريع في المنظمة الدولية للإصلاح الجنائي محمد شبانة، قال إن المساعدة القانونية، حق مهم من حقوق الإنسان، وعنصر إساس من عناصر المحاكمة العادلة، وتمتع الأشخاص بحقوقهم الأساسية وضمانتها.


ولفت شبانة إلى أنها، لا تتعلق بمساعدة من يواجهون السلطات القضائية أو سلطات إنفاذ القانون فقط، بل تشمل الضحايا والشهود وغيرهم، بحيث يحتاج الناس للمشورة القانونية والتوعية والتثقيف القانوني.


وقد أكدت المعايير الدولية - وفقاً لشبانة - على الحق في الحصول على المساعدة القانونية في عديد من المعاهدات والاتفاقيات والإعلانات والمبادئ، موضحا أهمية حماية هذا الحق وممارسته على أرض الواقع، إذ أنه يزيد من ثقة الأشخاص بالنظام القضائي، ويسهم بتعزيز معرفتهم بحقوقهم وواجباتهم، وبالتالي الالتزام بالقانون، وفق.


وأضاف، أن هذا يقلل من اتجاهات ارتكاب الجرائم، ويحسن من إجراءات التقاضي ويزيد احترام الناس للقانون، بالإضافة إلى أنه يخفض مدد الفصل في الدعاوى، ويسهم بالحد من الاكتظاظ في السجون ومراكز التوقيف، كما أن له أهمية بالغة بحماية حقوق الضحايا والشهود.


ومن أمثلة هذه المعايير، أن "لكل شخص حق اللجوء إلى المحاكم الوطنية المختصة لإنصافه الفعلي، من أي أعمال تنتهك الحقوق الأساسية التي يمنحها إياه الدستور أو القانون"، و"يسمح للسجناء بالدفاع عن أنفسهم شخصيا، أو عن طريق المساعدة القانونية، عندما تتطلب مصلحة العدالة ذلك"، وفقه.


وأشار إلى أنه "يزود كل سجين فور دخوله السجن بمعلومات مكتوبة عن: حقوقه، والطرائق المسموحة لطلب المعلومات والحصول على مشورة قانونية، بما في ذلك من برامج المساعدة القانونية"، و"التكفل بجميع الإجراءات والضمانات الإجرائية الأساسية، كافتراض البراءة والحق في الإبلاغ بالتهم الموجهة والتزام الصمت والحصول على خدمات محام".


كما بين أنه "للحدث الحق في أن يمثله طوال سير الإجراءات القضائية مستشاره القانوني، أو أن يطلب أن تنتدب له المحكمة محاميا مجانيا حين ينص قانون البلد على جواز ذلك"، و"إذا لم يكن للشخص المحتجز محام اختاره بنفسه، يكون له الحق في محام تعينه له سلطة قضائية، أو سلطة أخرى في جميع الحالات التي تقتضي فيها مصلحة العدالة ذلك، ودون أن يدفع شيئا إذا كان لا يملك الموارد الكافية للدفع".


كما "يكون لكل طفل محروم من حريته الحق في الحصول بسرعة على مساعدة قانونية، وغيرها من المساعدة المناسبة، فضلا عن الحق بالطعن في شرعية حرمانه من الحرية أمام محكمة أو سلطة مختصة مستقلة ومحايدة أخرى، وبأن يجري البت بسرعة في أي إجراء من هذا القبيل"، و"إخطاره فورا ومباشرة بالتهم الموجهة إليه، عن طريق والديه أو الأوصياء القانونيين عليه عند الاقتضاء، والحصول على مساعدة قانونية أو غيرها من المساعدة الملائمة لإعداد وتقديم دفاعه".


وأكد شبانة، أن هناك جهات متعددة يمكنها تقديم المساعدة القانونية مثل الجهات الرسمية المعنية بالشأن القضائي، كالمجلس القضائي ووزارة العدل، وأيضا الجهات غير الحكومية كنقابات المحامين والمنظمات غير الحكومية، ضمن برامج وأنشطة متعددة مثل التمثيل القانوني والتدريب والتوعية القانونية والتثقيف المجتمعي، وعن طريق وسائل الإعلام واللقاءات العامة والخاصة والعيادات القانونية والبوسترات والنشرات والكتيبات.


وتنص المادة (208) من قانون أصول المحاكمات الجزائية لسنة 1961 على أنه "في الجنايات التي يعاقب عليها بالإعدام، أو الأشغال المؤبدة، أو الاعتقال المؤبد، أو الأشغال المؤقتة مدة عشر سنوات فأكثر، يتعين حضور محام للمتهم في كل جلسة محاكمة، وإذا قام المتهم بإعلام المحكمة بانتهاء علاقته بمحاميه، ويتعذر تعيين محام بديل لصعوبة أحواله المادية، فيتولى رئيس هيئة المحكمة تعيين محام له، ويدفع للمحامي الذي عين بمقتضى هذه الفقرة أتعابه وفقاً لنظام يصدر لهذه الغاية".


وإذا "تغيب المحامي الذي اختاره المتهم، أو الذي عينه المدعي العام أو رئيس الهيئة عن حضور إحدى جلسات المحاكمة دون عذر تقبله المحكمة، فعليها تعيين محام آخر لتمثيل المتهم لمتابعة إجراءات المحاكمة المقررة لتلك الجلسة".


كما نصّت، على أنّه "في الجنايات التي يعاقب عليها بالأشغال المؤقتة مدة تقل عن عشر سنوات، يجوز للمدعي العام أو المحكمة المختصة في أي مرحلة من مراحل الدعوى الجزائية، إحالة طلب المتهم إلى وزير العدل بالتنسيق مع نقابة المحامين، لتقديم المساعدة القانونية له أمام المحكمة إذا وجدت مسوغات لذلك".


كذلك ترى أن "للجهات الرسمية المختصة، أو أي من المؤسسات المعنية أو أي مواطن أو مقيم في المملكة غير قادر على تعيين محام، تقديم طلب إلى وزير العدل لتوفير المساعدة القانونية له، وفق أحكام التشريعات النافذة وبالتنسيق مع النقابة".


أما الفقر (5) من المادة ذاتها فتنص على أنه "ينشأ في وزارة العدل صندوق يسمى (صندوق المساعدة القانونية أمام المحاكم)، تشرف عليه الوزارة وتدفع منه أجور المساعدة القانونية المستحقة، بموجب هذا القانون والأنظمة والتعليمات الصادرة بموجبه".

 

اقرأ المزيد : 

4193 حكما بعقوبات بديلة.. وعقد 33 ألف جلسة "عن بعد" لموقوفين في قضايا جزائية وجنائية