اشبيلية الذي يعتبر أنجح فريق في تاريخ المسابقة، لديه فرصة للفوز باللقب للمرة السابعة في نهاية موسم كان صعبًا للغاية، تحت قيادة مدربهم الثالث هذا الموسم، خوسيه لويس مينديلبار، الذي نجح في تجنيب الفريق مخاوف الهبوط، ومساعدته في إقصاء مانشستر يونايتد ويوفنتوس، في طريقهم إلى بودابست.
من ناحيته، يسعى مدرب روما جوزيه مورينيو ليكون أول مدرب يفوز بهذه المسابقة مع ثلاثة فرق مختلفة، بعد أن فعل ذلك مع كل من بورتو (2002-2003) ومانشستر يونايتد (2016-2017)، وهو الذي قاد الفريق الإيطالي بموسمه الأول، إلى إحراز النسخة الاولى من مسابقة دوري المؤتمر الأوروبي.
ولم يخسر مورينيو في نهائي أوروبي قط، لكن غريمه إشبيلية حقق العلامة الكاملة بفوزه في ستة من ستة نهائيات بلغها في يوروبا ليج أيضاً. لذا، فإن المباراة النهائية اليوم ستشهد تنازلاً عن الكمال من أحد الطرفين.
يمتلك مورينيو في خزائنه خمسة ألقاب قارية كبيرة باسمه، مع لقبين في دوري أبطال أوروبا وآخرين في يوروبا ليغ، والظفر العام الماضي بأول ألقاب البطولة القارية الثالثة من حيث الأهمية كونفرنس ليغ مع نادي العاصمة الإيطالية.
أعلن المدرب البالغ 60 عاماً عن نفسه على المسرح الكبير في العام 2003، عندما قاد بورتو للفوز بكأس الاتحاد الأوروبي (مسمى البطولة قبل أن تتحول إلى يوروبا ليغ)، وحقق في العام التالي دوري أبطال أوروبا.
أصبح إنتر الإيطالي بطلاً لأوروبا تحت قيادته للمرة الأولى منذ 45 عاماً في العام 2010، واحتفل بكأسه القارية الرابعة خلال فترته مع مانشستر يونايتد الإنجليزي في العام 2017، عندما فاز بيوروبا ليج.
بعد عشرين عاماً، يتحدى مورينيو المنتقدين الذين قالوا إن مسيرته بدأت بالأفول بعد فترة مخيّبة في توتنهام الإنجليزي.
وإذا ما رفع روما الكأس في المجر، فإن مورينيو سيعادل رقم المدرب الإيطالي جوفاني تراباتوني الذي فاز أيضاً بخمسة ألقاب أوروبية كبرى في مسيرته التدريبية.
ولا شك أن مورينيو الذي تنقّل كثيراً يتحسّن مع تقدم العمر والخبرة، وقال البرتغالي "مدرّب أفضل، شخص أفضل، بنفس الحمض النووي. الحمض النووي هو الدافع، هو السعادة. الرغبة لهذه اللحظات الكبيرة، وهذه هي المشاعر التي أحاول نقلها إلى اللاعبين".
وأضاف "أعتقد أنك يمكن أن تكون أفضل وأفضل مع خبراتك. أعتقد أن عقلك يصبح أكثر حدة وتراكم المعرفة يكون أفضل مع مرور السنين".
وتابع قائلاً "أعتقد أنك تتوقف عندما تفقد الدافع. حافزي ينمو كل يوم. أعتقد أنني أفضل الآن".
وأنهى روما الذي تغلّب على باير ليفركوزن الألماني في نصف النهائي، موسمه بالدوري الإيطالي في المركز السادس بجدول الترتيب، لكن الفوز على منافسه الإسباني الأسبوع الحالي سيكون بمثابة جواز سفر لدوري أبطال أوروبا الموسم المقبل.
وباتت العاصمة الإيطالية "المنزل السعيد" لمدرّب بدا انه استنفد قواه خلال مروره الفاشل مع توتنهام الانجليزي (2019-2021).
تكرّس مورينيو بطلاً قومياً عند جماهير روما بعد فوز الفريق بأول لقب أوروبي كبير على الإطلاق الموسم الماضي، وهو انتصار جعل البرتغالي المخضرم يذرف الدموع.
وتطوّرت علاقة عاطفية عميقة بين المدرب وجماهير فريق "الذئاب" التي انتظرت منذ العام 2008 لرؤية روما يظفر بلقب، وتحديداً منذ فوزه بالكأس المحلية.
وتشبه قصة مورينيو مع روما تلك التي عاشها لفترة قصيرة مع إنتر قبل 13 عاماً وقاده خلالها لتحقيق ثلاثية تاريخية الدوري والكأس ودوري الأبطال الموسم 2009-2010.
شدّد مورينيو على أن ما يحصل عائد "لأنني أعطي كل شيء.. الناس ليسوا أغبياء. في حالة روما أعتقد أن الأمر يتخطى الفوز أو النهائيات الأوروبية. أعتقد أنهم يشعرون كأنني ارتدي القميص وأقاتل من أجلهم كل يوم".
وتابع "ربما يعتقد الناس أنك لا تستطيع أن تحب كل ناد. نعم، أنا أحب كل ناد. أنا أحب كل ناد لأنني شعرت في الاتجاه المعاكس إنهم يحبّوني أيضاً. لذلك مع روما، يوماً ما سيكون الأمر صعباً لكننا سنتصل إلى الأبد".
ويصل روما إلى المباراة النهائية مع العديد من علامات الاستفهام حول مستواه المتذبذب ومثقلاً بالعديد من الإصابات التي أرهقته طوال الموسم الحالي.
وأفضل مثال على تراجع مستوى رجال المدرب مورينيو عدم قدرتهم على الفوز سوى مرتين في مبارياتهم العشر الأخيرة وقد حققوا ذلك في عقر دارهم في الدور ربع ونصف النهائي أمام فينورد روتردام الهولندي (4-1) وباير ليفركوزن الألماني (1-0) توالياً، ليبلغ روما نهائي أمسية الأربعاء في العاصمة المجرية بودابست.
ومن شبه المؤكد ألا تتضمن التشكيلة الأساسية النجم الأرجنتيني باولو ديبالا المصاب والذي يعاني من مشكلة في كاحله مذ أن تعرّض لإعاقة من مواطنه مدافع أتالانتا الأرجنتيني خوسيه بالومينو قبل شهر، لكنه يأمل في أن يتواجد على مقاعد البدلاء.
وقال مورينيو عندما سُئل عما إذا كانت هناك أي فرصة للزج بديبالا في التشكيلة الأساسية "لا أعتقد ذلك، بصراحة، لا أعتقد ذلك".
وأضاف "رغم ذلك، في حال أريد التكلم بصراحة آمل في أن يكون على مقاعد البدلاء. في حال تمكن باولو من الجلوس على دكة البدلاء ومنحي 15 دقيقة من الجهد، سأكون سعيداً".
كما تحوم الشكوك حول مستقبل مورينيو بعد الموسم الحالي، حيث من المرجح أن يكون نهائي الأربعاء آخر اللمسات الفنية للبرتغالي في روما.
وسيعكس رحيله بعد عامين وفوزه بلقب أوروبي ثانٍ صورة مغادرته سابقا إنتر في 2010، عندما انتقل إلى ريال مدريد الإسباني فور رفعه كأس دوري أبطال أوروبا في العاصمة الإسبانية.
قال مورينيو "الشيء الوحيد الذي أركّز عليه هو النهائي. أنا لا أفكر في مستقبلي أو أي شيء آخر. كل شيء آخر يصبح ثانوياً عندما عليك أن تخوض مباراة نهائية".
وختم "أنا لا أفكر في نفسي، أنا أفكر في اللاعبين والجماهير... نريد اللعب والأربعاء سنكون هناك".
مستقبل مورينيو بعد هذا الموسم غير مؤكّد، لكنه يقول إن تركيزه الوحيد في الوقت الحالي هو على مباراة اليوم في "بوشكاش أرينا".
من أجل تحقيق هدفه، يجب أن يتخطى مورينيو إشبيلية، "ملك" ثاني المسابقات الأوروبية تراتبيّة، مع ستة ألقاب، وهو ضعف ما حققه إنتر ويوفنتوس الإيطاليين وليفربول الإنجليزي وأتلتيكو مدريد الإسباني.
يقبع إشبيلية في المركز الحادي عشر في جدول ترتيب الدوري الإسباني لكرة القدم، لكن أداءه في يوروبا ليغ كان استثنائياً، بعد تأخره 0-2 في مباراة الذهاب ضد مانشستر يونايتد الإنكليزي الذي ودّع البطولة في ما بعد، قبل الفوز على يوفنتوس في نصف النهائي.
نهاية رائعة للموسم بالنسبة للنادي الذي يضمّ الحارس المغربي ياسين بونو ومواطنه المهاجم يوسف النصيري. كان الفريق الأندلسي يغازل منطقة الهبوط في معظم فترات الموسم، فأقال مدربين هما خولن لوبيتيغي ثم الأرجنتيني خورخي سامباولي، قبل أن يعيد خوسيه لويس منديليبار السفينة إلى مسارها الثابت.
يطمح الظهير المخضرم قائد الفريق خيسوس نافاس إلى الفوز بلقب الدوري الأوروبي للمرة الرابعة له، بعد شهرين فقط من تولي منديليبار المسؤولية.
وقال لاعب مانشستر سيتي الإنجليزي السابق "نحن نتبدّل (في يوروبا ليغ) ومن المذهل كيف نخرج في كل مباراة".
وأضاف "إنها مسابقة أعطتنا الكثير، والفرحة التي توفرها لنا في كل مرة نشارك فيها تدفعنا إلى الذهاب أبعد ما يمكن".
وتابع متحدّثاً عن مدرّبه "ما فعله خوسيه لويس معنا كان أساسياً. لقد أخرج أفضل ما لدينا، وعندما تنظر إلى الفرق التي أقصيناها، فذلك شيء يجب أن نفخر به. إنه يستحق البقاء معنا لفترة طويلة".
وأردف نافاس "إنه مدرب يحفّزنا دائماً، ولديه أخلاقيات العمل هذه للتدرّب بجد والحصول على أفضل ما لدينا. تزامن وصوله مع تحوّل مذهل في موسمنا".
وأصبح نافاس يمتلك فرصة جديدة لتوسيع سجله من الألقاب بكأس أخرى للدوري الأوروبي، سعيا للقب الرابع له والـ13 في مسيرته الطويلة والناجحة ما بين النادي الأندلسي ومانشستر سيتي الإنجليزي ومنتخب إسبانيا.
فالجناح الأيمن الذي تحول مؤخرا للعب كظهير، البالغ من العمر 37 عاما، يمتلك في جعبته الكثير من الِألقاب المميزة أبرزها مونديال كأس العالم 2010 في جنوب أفريقيا وأمم أوروبا 2012 في بولندا وأوكرانيا، إضافة للقب البريمير ليج مع السيتي في 2014 وكأس الرابطة مرتين في 2014 و2016.
لكن نافاس، الذي نشأ كلاعب داخل جدران النادي الأندلسي، بإمكانه إضافة اللقب الثامن له مع إشبيلية الذي قضى معه حقبتين تخللتهما فترة احترافه في إنجلترا مع السيتي لأربع سنوات (2013-17).
وخاض نافاس الأربعاء الماضي أمام إلتشي (1-1) بالليجا مباراته الرسمية رقم 651 ليصبح اللاعب الأكثر ارتداء لقميص إشبيلية، ولم ينجح في زيادة هذا الرقم يوم الأحد أمام ريال مدريد بسبب عقوبة الإيقاف مباراة لتراكم البطاقات الصفراء، لكنه نعم سيوسع هذا الرقم اليوم في العاصمة المجرية.
ويتصدر النجم الإسباني المخضرم القائمة متفوقا على بابلو بلانكو (415 مباراة)، صاحب الرقم الذي تخطاه نافاس في كانون الأول (ديسمبر) 2017، ليمتلك الآن 471 مباراة في الليجا و65 في كأس الملك و64 في الدوري الأوروبي و43 في دوري الأبطال و5 في السوبر الإسباني و3 في السوبر الأوروبي.
وساهم هذا المعدل المدهش من المباريات مع إشبيلية في تتويج خيسوس نافاس بسبعة ألقاب معه، الأول في 2006 حينما توج الفريق الأندلسي بلقبه الأول في ما يسمى وقتها ببطولة كأس اليويفا بهولندا.
وبعدها أضاف لقبي كأس الملك في 2007 و2010، وكأس السوبر الإسباني في 2007 وكأس السوبر الأوروبي في 2006 قبل أن يضيف كأس اليويفا مجددا في 2007، وبعدها لقب الدوري الأوروبي (المسمى الجديد) في 2020 بكولن (ألمانيا) على حساب إنتر ميلان الإيطالي.
ويخوض نافاس، الذي أصبح رمزا حقيقيا لإشبيلية، النادي الذي يفخر باسمه بوضعه في جدارية على الواجهة الرئيسية لملعب رامون سانشيز بيزخوان، تحدي رفع كأس بطل الدوري الأوروبي مرة أخرى كقائد لناديه الذي يعشقه منذ الصغر وهذه المرة تحت قيادة المدرب خوسيه لويس مينديليبار.
إلى ذلك، يعد روما تحت قيادة مورينيو تعريفا مثاليا لما تعنيه كلمة فريق، إذ يلعب الجميع من أجل مصلحة مشتركة ويضحون من أجل هدف واحد ويتخلون عن خصائصهم الفردية كي تمضي الخطة قدما، بمن فيهم باولا ديبالا، بسبب دوره الخاص داخل منظومة المدرب. إنه فرشاة مورينيو الفنية التي يرسم بها كل مباراة بعناية كي يقربه من القمة.
يعد روما مع ديبالا فريق، ومن دونه فريق آخر تمامًا. هذا أمر واضح، ولهذا اكتسب اللاعب الملقب بـ"الجوهرة" احترام وإعجاب الجمهور، وبالمثل مدربه الذي راهن عليه، حين تخلى عنه اليوفي العام الماضي وقرر إنتر ألا يمضي قدما في سبيل الحصول عليه.
حينذاك، لم يكن ديبالا يلعب بانتظام، لكن مورينيو رأى فيه ما هو أكثر من هذا، وجعل من الأرجنتيني تحديه الشخصي. لم يشق عليه الأمر كثيرا، إذ منحه الثقة ومقاليد الفريق منذ بداية الموسم، فتجاوب معه ديبالا بما يفوق التوقعات.
حمل الفريق فوق ظهره هجوميا وصار لاعبا مضحيا أيضا في الدفاع، وهي مسألة لا تفاوض فيها مع مورينيو. عمل ديبالا بكل طاقته ليقدم أفضل نسخة منه، فسجل حتى الآن 16 هدفا وصنع سبعة مثلها منذ بداية الموسم.
ونشأ رابط خاص بين ديبالا ومورينيو لأنهما صارا يعلمان أنهما سبب رئيسي في نجاح الفريق، لهذا يبدي كل منهما امتنانه للآخر. يدين ديبالا لمورينيو بانبعاثه الكروي الجديد، ويدين البرتغالي له بأنه حقق القفزة النوعية المنتظرة لـ"ذئاب العاصمة" بالوصول إلى نهائي الدوري الأوروبي.
في النهاية يتعلق الأمر بهذا، فكل منهما لا يريد فقط أن يفوز بلقب، وإنما أن يفوز بلقب يؤهل الفريق إلى دوري الأبطال، لكن ثمة مشكلة وهي أن اللاعب يعاني من آلام في الفخذ الأيسر.
وستزداد فرص الفريق العاصمي بالتتويج بنهائي البطولة أمام إشبيلية إن لعب ديبالا. لا يعرف ما إذا كان سيلعب من البداية، لكن مورينيو سيدفع به بالطبع في المباراة، لأن نصف ساعة من ديبالا وهو في 50 % من مستواه قادرة على قلب الموازين.
ظهر هذا في ربع النهائي أمام فينيورد حين دخل (72) وقاد الفريق نحو الوقت الإضافي بالهدف الذي سجله (89) لتبدأ العودة.
وحين كان في حالة بدنية جيدة من دون الإصابات العضلية التي لحقت به في نهاية الموسم، قاد تأهل الفريق إلى ثمن نهائي أمام سالزبورج بالتسجيل، وعدل من وضعية الفريق في ربع النهائي أمام ريال سوسييداد بالهدف الذي صنعه.
لا يتعلق الأمر مع ديبالا بالجودة التي يقدمها في الملعب وإنما القلق الذي يثيره في الخصوم والثقة التي ينقلها إلى زملائه، وأهميته أيضا في الكرات الثابتة وشخصيته في المطالبة بالكرة في اللحظات المعقدة. إنه لاعب فارق داخل فريق يحتاج إلى النصر. شوهد هذا الأمر في الـ"سيري آ"، التي تراجع فيها روما في الجولات الأخيرة حين حرم من "الجوهرة".-(وكالات)