متوالية تراجع ميزانية العائلة الأردنية.. إلى إين؟!

مثقال عيسى مقطش

عمان- قرأت بتمعن ما أشارت اليه الزميلة سماح بيبرس في صحيفة "الغد" بأن تقريرا دوليا أوضح بأن ارتفاع أسعار الأغذية عالميا زاد من نفقات الأسر الأردنية بنسبة تتراوح بين 20 % الى 40 %، ما يشكل ضغطا اضافيا على ميزانية تلك الأسر!!اضافة اعلان
ان مضمون هذا التقرير يجعلنا نتساءل: بماذا نفسر ارتفاع سعر كيلوغرام البندورة الى دينار اردني وبالحد الادنى في الاسواق الشعبية بسعر 700 فلس؟ وما الاسباب المؤدية الى حصول هذا الارتفاع؟ وما النتيجة التي يواجهها "الغلابى" وما اكثرهم من جراء ارتفاع اسعار عدد من الخضار والفواكه؟ فهل يخلو اي بيت من البندورة ودورها الرئيس في الطعام؟ الم تستعض الفئات الفقيرة البندورة بدلا من اللحوم مرتفعة السعر، وهذه الفئات تشكل اكثر من 70% من تعداد السكان؟
فإلى أين تسير أسواقنا؟!
ارتفعت أسعار بعض أصناف الخضار في السوق المحلية وأمام هكذا وضع، ماذا في حيلة المواطن عمله سوى أن يواصل شد الاحزمة على البطون؟، والسؤال الذي يتردد على ألسنة الناس هو: ماذا تبقى لديهم لترشيد الاستهلاك؟ وكيف يمكنهم الاستمرار في تلبية احتياجاتهم الاساسية اذا لم تأخذ الحكومة زمام المبادرة لتطبيق منظومة العلاقة الطردية والايجابية وليست العكسية بين مقومات الحياة الاقتصادية ودورة الاسعار وقوى العرض والطلب ومعادلة ثبات القوة الشرائية للنقد المتداول بين ايدي الناس؟
وصندوق النقد الدولي يعرض على المملكة تنفيذ برنامج تصحيح اقتصادي، ومؤسسات دولية تربط مساعدة الأردن ماليا وفنيا بوقف دعم الأسعار!
والنتيجة الحتمية، أننا سنكون في مأزق ارتفاع متزايد في اسعار المواد الغذائية، وربما شح تواجدها بسبب عاملين رئيسيين هما: الأول عدم تناسب العرض والانتاج مع الطلب المتزايد، بفعل تزايد التعداد السكاني، بمعدلات تفوق مثيلاتها في الدول العربية الاخرى والشرق اوسطية، وتصاعد اعداد الوافدين من الدول المجاورة، والسبب الثاني هو: التصاعد الطبيعي للاسعار، بفعل متوالية الضرائب المفروضة على القطاعات الاخرى، التي حتما تؤثر على مستويات تكاليف الانتاج، في الدورة الاقتصادية.
وان المطلوب، بالحد الادنى، هو إعفاء كل المواد الغذائية من ضريبة المبيعات بصفة دائمة! والسؤال هو: كيف ومتى تعيد الحكومة النظر في ضريبة المبيعات على الاغذية التي يتناولها الفقراء، في وقت تواجه المدخلات الانتاجية ارتفاعا في الاسعار، نتيجة لارتفاع التكلفة المرتبطة ضمن الدورة الاقتصادية في الاسواق المحلية بمتوالية ارتفاعات اسعار المحروقات والطاقة الكهربائية واجور الايدي العاملة ومستوى الايجارات وارتفاع تكلفة المستوردات!
وماذا نقول لدول العالم الذي يحرق منتجات غذائية للتخلص منها بهدف الحفاظ على توازن العرض والطلب عند مستوى معين حتى لا يتسبب زيادة المعروض عن الطلب بانخفاض الاسعار في اسواق التصدير؟
 وقبل عامين، انعقدت قمة الغذاء العالمية في روما بمشاركة مندوبي اكثر من خمسين دولة وبرعاية مؤسسة "الفاو" للاغذية والزراعة، وحاول المشاركون الخروج بتوليفة من شأنها انقاذ البشرية من جوع مدقع لمئات الملايين من سكان العالم وبخطة طارئة تقدر تكاليفها بمبالغ تتجاوز 15 الى 20 مليار دولار، وللاسف جزئيات صغيرة من هذه الاموال تصل الى مستحقيها في دول العالم الثالث المتخم بالفئات المجتمعية الفقيرة والباحثة عن غذاء متوازن!
ان عرض الارقام المتعلقة بالميزان التجاري الاردني وغيره من الاحصاءات الرسمية العاكسة للوضع الاقتصادي العام من المفروض ان لا تبقى صماء، وحتى تتحقق الفائدة المرجوة من الجهود والوقت والمال المبذول في سبيل استخراجها، فإنه لا بد من إخضاعها للتحليل التفصيلي والمقارن.
وعلى ضوء النتائج، فانه يتقرر إجراء تقييم فصلي شامل للمؤشرات الحياتية والقوانين المتعلقة بالأوضاع الغذائية، وإجراء ما يلزم ويناسب من تعديلات وتغييرات، ضمن بوتقة الاهداف العامة المتوخاة في التحديث والتطوير والنهج الاقتصادي وحد الفقر ومستوى الرفاه الاجتماعي وحاجة الناس من الاغذية المتوازنة واللازمة لبقائهم في صحة مقبولة، عن طريق وضع برنامج متكامل لمتطلبات واولويات تصدير واستيراد المواد الغذائية!
وبقي من القول: يدق ناقوس الخطر ونحن نقف امام التقارير الدولية التي تؤكد على متوالية تراجع ميزانية العائلة الاردنية.. فإلى أين ومتى وكيف يتوقف هذا التراجع؟!

[email protected]