د. سيف الجنيدي
"الذكاء الاصطناعي هو الحدود الجديدة للإنسانية، وبمجرد عبور هذه الحدود، سيؤدي الذكاء الاصطناعي إلى شكل جديد من الحضارة الإنسانية"- أودري أزولاي المديرة العامة لليونسكو-. تشكل هذه الكلمات نداءً لاستشراف المستقبل، في سبيل أن نتمكن جميعاً من الحديث بلغة العصر مستقبلاً!، والبحث الجاد والفاعل من أجل مستقبل البشرية!
يدخل العالم اليوم، وبقفزات متسارعة، في كون جديد بتفاصيله وقواعده، وبتنبؤات ومعادلات وحسابات تنبع من سعي الإنسان للمحافظة على بقائه ووجوده، وسط مخاوف تحدي إمكانية سيطرة التقنية مستقبلاً.
حتى اليوم يخلو الذكاء الاصطناعي من التجاوب الثابت مع فلسفة القيم الإنسانية، وتبرز الحاجة إلى أنسنة تقنيات الذكاء الاصطناعي، وسيادة القانون والمنظومة الاخلاقية في العالم الرقمي، وعدالة مجتمع المعلومات، الأمر الذي قد يخلق مفهوماً جديداً للقواعد القانونية!، فمن أين نبدأ؟!
الحاجة اليوم مُلحة للسعي نحو ثبات القيم أمام المُستجدات، الأمر الذي يتطلب بلورة متكاملة لمفهوم الحقوق الرقمية، وفق ثلاثة أطر –على الأقل-؛ لاستثمار فرصة التطور التقني هذه بأبهى صورها والتكيف معها، بما يخدم البشرية دون أن نجد أنفسنا في لحظةٍ ما أمام عتمة الفراغ.
تطوير تقينات الذكاء الاصطناعي بنهج إنساني وبأفق العدالة، بعيداً عن التمييز، وتعميق فجوات التهميش والإقصاء وفق فلسفة أهداف التنمية المستدامة، وخلوه من التنميط، المقترن بضمان التمتع العادل بمخرجاته، والإسراع في بلورة معايير فاعلة للمساءلة.
أما الإطار الثاني، فهو تحدي الانتهاك التلقائي للخصوصية، من خلال إمكانية التجميع اللامحدود للبيانات الضخمة، وإمكانية معالجتها خصوصاً بتقنية الاستشعار، وقدرة هذه التقنيات على انتهاك الخصوصية بموجب آليات التصميم والبرمجة، الأمر الذي قد يُنجم "اضطراباً اجتماعياً" في ظل غياب الأخلاقيات في هذا الإطار.
ويتمثل الإطار الثالث، ببلورة قواعد أخلاقية مجردة وقواعد أخلاقية ذات أبعاد قانونية متكيفة مع التقنيات المستجدة؛ لضمان حماية حقوق الملكية الفكرية المُهددة!
هناك واقع جديد بدأ بفرض نفسه بقوةٍ وبوتيرةٍ متسارعة، ويتطلب تكيفاً من حيث تجديد نوعية التعليم من مهارات وتدريب وبناء قدرات. أما الانعكاس لهذا التطور على طبيعة المنظومة الاجتماعية، فتتمثل محاذيره بتنامي الفردانية أو القيمة المطلقة للفرد، فهل نحن اليوم أمام إعادة تشكل في تكوين المجتمعات الإنسانية؟
اضافة اعلان