فنانون لـ "الغد": انحدار الفن الأردني وتراجع مكانته سيلقيان بنا خارج التاريخ

فنانون لـ "الغد": انحدار الفن الأردني وتراجع مكانته سيلقيان بنا خارج التاريخ
فنانون لـ "الغد": انحدار الفن الأردني وتراجع مكانته سيلقيان بنا خارج التاريخ

فوزي باكير

عمان- عند دوار باريس في جبل اللويبدة تجمع الفنانون الأردنيون ورفعوا مشاعلَهم وتابوتا، وضع كلّ واحد منهم حفنةً من روحه فيه، وساروا في جنازة رمزيّة ينعون فيها "الفنّان الأردني"، قطعوا مسافة ليست طويلة، لكنّها نتاج عمر طويل من العطاء الفنيّ والإبداعيّ، حتى وصلوا نقابتهم، نقابة الفنانين الأردنيين، لتكون الأبخرة والأضواء الخافتة في انتظار ذاك التابوت، الذي رفعوه على منصّة عالية، لتظهر العبارة التي كُتبت عليه "قتلتم فينا الإبداع!".

اضافة اعلان

فنانون أردنيون أكدوا "للغد" أن احتفالهم بهذه الطريقة ما هو إلا صرخة يريدون أن يسمع دويّها أصحاب القرار، للنهوض والارتقاء بالفن والفنان الأردني، وإخراجهما من "غرفة الإنعاش" التي طال مكوثهم فيها، مطالبين الجهات المعنية بالالتفات إلى حقوق الفنان الأردني لاسيما أن الأمر مرتبط بالإبداع وإيصال رسالة سياسية وإنسانية واجتماعية، فضلا عن أنها مصدر رزق لهم.

الفنّان ساري الأسعد، يرى أن احتفالهم بيوم الفنان الأردني بهذه الطريقة "صرخة" من الفنانين الأردنيين والنقابة للحكومة بأن الآوان قد آن ليكون الفن "جزءا من الإصلاح السياسي وانعكاسا لهموم الوطن والمواطن الأردني، والمطالبة بحقوق الفنانين الأردنيين التي تم تهميشها وعدم الاكتراث بها".

من جهتها ترى الفنانة صبا مبارك، أن الفن في الأردن بحاجة لإنتاج حقيقيّ، "وأن يخصّص جزء من النزر المالي اليسير المتوفر لدى المؤسسات المختصة لصرفه على الإنتاج الفني في الأردن"، لافتة إلى أن مؤسسة الإذاعة والتلفزيون "لا تنتج شيئا، وإن أنتجت تنتج ما هو سيئ!"، منوهة إلى أن "كل البلاد العربية تنتج وتقدّم مبدعيها، لدينا مساحة كافية من الحرية مثلا، ليست موجودة نهائيا بإيران، لكن كل سنة نجد أن فيلما إيرانيا يفوز بمهرجان كان السينمائي وذلك؛ لأنهم يحترمون مبدعيهم وينتجون لهم!"، وتضيف "التلفزيون الأردني يهمّش كل المشاكل الاجتماعية ولا ينتج إلا أعمالا بدوية"، مؤكدة أن "الأردن ليس خيمة فقط، هناك حياة كاملة مسكوت عنها علينا الانتباه لها".

أما الفنانة والمخرجة المسرحية أسماء مصطفى فأسقطت حال الوضع الفني في الأردن على حال مريض في المشفى "نحن في غرفة الإنعاش! ونتعرض لجلسات كهربائية كي نبقى على قيد الحياة، لم نعد نفهم بعضنا بعضا، أصبح الفن وكأنه حالة من الترف من دون الانتباه إلى أنه المحرك الأساسي للشعوب، ففي العالم كله، المؤسسات الكبرى هي التي تدعمه وتواكبه لوعيها تجاه أثره الاجتماعي البنّاء، الذي يشكّل وعي الشعوب وثقافتها، كما أنه لا ينفصل عن السياسة، فهما متوازيان ومتقاطعان في آن واحد".

في حين شدد الممثل والمخرج المسرحي صلاح أبو هنّود على ضرورة إعادة النظر في دور مؤسسة الإذاعة التلفزيون، كونها المسؤول الأول والرئيسي عما يحدث في الحركة الثقافية والفنية، "يجب رصد موازنات من قبل الدولة حتى يتم إنجاز أعمال فنية تعبر عن روح المكان الأردني وتاريخه"، مبينا أنه "ليس من مسؤولية المحطات الفضائية الخارجية أن تقوم بإنتاج أعمال تتحدث عن تاريخ الأردن وهموم المواطن الأردني، إنما هي مسؤولية المؤسسة الوطنية التي يملكها الشعب".

وفي هذا اليوم الذي يحتفى به في الفنان الأردني وعطائه قال الفنان زهير النوباني "نطالب بأن تفتح الأبواب أمامه؛ لأن الفنان الأردني هو من أسس كل هذه الفضائيات وقدّم من أجلها طاقته الإبداعية، فيجب أن يأخذ حقّه، وأن تُدار المؤسسات الإعلامية باتجاه يصب بمصلحة الوطن والشعب".

بينما طالب الفنان موسى حجازين، "بكرامة الفنان الأردني"، منوها إلى أن "هناك إهمالا كبيرا من الجهات التي يفترض أنها تعنى بالشأن الفني بشتى ألوانه، من تمثيل أو تشكيل وكل أنواع الفنون"، مقترحا أن يكون هذا اليوم هو "يوم رغيف الفنان الأردني"، ليضيف ممازحا بخفة ظله التي عود جمهوره عليها "بس بدون تغميس!".

كما شدد الفنان محمد قباني بأن يسترجع الفنانون ما سُرق منهم، دورهم الذي يقدمونه للمجتمع "فأصحاب القرار والمسؤولون ومع تعاقب الحكومات يجهلون ولا يريدون أن يدركوا دورهم في دعم الفن، ولا يهتم لهذا الأمر، فضلا عن عدم تقديرهم لدور المثقف في الارتقاء بمجتمعه، والفنان هو جزء من هذه الحركة الثقافية التي لا يريد أحد أن يديرها".

أما الممثل والمخرج المسرحي الشاب، فهد باكير، فطالب أن يُمنح الفنان الأردني المساحة الإبداعية التي يستحقها، "فالمسؤولون عن الحركة الفنية لا يحسنون إدارتها ولا يستحقون الإشراف عليها".

فيما طالب الفنان الشاب أحمد سرور، بإعادة الاعتبار للفن والثقافة، فهما مرآة تعكس المجتمع، "فانحدار الفن في أي مجتمع له تأثيراته السلبية، حيث يصبح الشارع بلا نبض، ولن يمكن للمجتمع أن يؤكد ويخلق هوية ولا رسالة ولا موقف ولا مبدأ من دون الفن، وهذا ما سيدخله في دوامة ستلقي به خارج المعنى والتاريخ، إذ لن يكون ذا قيمة".

[email protected]