يشرع مهرجان جرش للثقافة والفنون، الذي يعد نافذة لتمكين المرأة والمجتمعات المحلية اقتصاديا، وتسويق المنتجات التقليدية والحرفية التراثية سياحيا، أبوابه التي تتيحها مرافقه، إلى معروضات المنتجات والمنتجين، ليتحسسوا سبيلهم نحو فضاءات الصناعات الإبداعية.
وتسهم مشاركة المرأة بشكل فردي وعبر الجمعيات التعاونية الإنتاجية في حلقة المنتجات والمشغولات والحرف التقليدية والتراثية، بتمكينها اقتصاديا واجتماعيا، مثلما تلعب دورا مهما بتمكين المجتمع المحلي من حولها من خلال من يحيطها في الدائرة الأقرب؛ الأسرة، لتتسع في حلقة أكبر تسهم في خلق فرص عمل للعديد من الشباب والشابات الذين يواجهون تحديات البطالة.
وبحسب مقدمة مخرجات الجلسات الحوارية التي عقدت في شهر شباط (فبراير) من العام الحالي، حول التمكين الاقتصادي للمرأة في إطار رؤية التحديث الاقتصادي، والتي نظمها المجلس الاقتصادي الاجتماعي الأردني، بالتعاون مع اللجنة الوطنية لشؤون المرأة وبدعم من مشروع "مكانتي" الممول من الوكالة الأميركية، فإنه "في ضوء الأهمية المتزايدة لدور المرأة في المجتمع نجد أن هناك تأثيرا عميقا لها، لا يقتصر على المحافظة على التراث فقط، بل يمتد لتضمين الابتكار والإبداع في الحرف اليدوية من خلال التركيز على الحرف اليدوية والابتكار".
وقالت مديرة وحدة تمكين المرأة في محافظة جرش إيمان بني مصطفى: "إن الوحدة تعمل منذ العام 2018 في المحافظة، بالتعاون مع الجمعيات الخيرية والتعاونية سواء على مستوى المحافظة أو المحافظات الأخرى لتمكين المرأة".
وأشارت إلى أن الوحدة تعاونت في السنوات السابقة مع العديد من الجمعيات التي تعمل على تمكين المرأة، من خلال تعزيز القدرة الإنتاجية للسيدات لتسويق منتجاتهن اليدوية من مطرزات وأثواب تقليدية، التي تعكس تراث الأردن ومناطقه.
وقالت: "إنه من أبرز تلك المنتجات "الهدب" الذي يعكس تراثنا الشعبي والتقليدي، وكذلك تقوم السيدات بصناعة المنتجات الغذائية التراثية وإعداد المأكولات الشعبية"، منوهة إلى أن معظم السيدات يتمتعن بالقدرة الإنتاجية لهذه المنتجات.
وتطرقت إلى دور السيدات والفتيات المنتجات في الصناعات التقليدية والحرف اليدوية والتي تدخل في إطار الصناعات الإبداعية ومنها المنحوتات الخشبية و"الريزن"، الرسم على الرمل والخزفيات، إعادة تدوير "الديكوباج" التي هي لوحات فنية من مواد الخشب يتم تشكيلها من مواد تم استخدامها سابقا، الأمر الذي يسهم بتمكين المرأة اقتصاديا وإيجاد مصدر دخل لها ولأسرتها، كما يسهم بالمحافظة على البيئة.
وقالت رئيسة الاتحاد النسائي في محافظة جرش جليلة الصمادي: "إن أهم هدف من أهداف الاتحاد ومن خلال الجمعيات النسائية التعاونية والإنتاجية هو التمكين الاقتصادي للمرأة، والذي يسهم بتحسين الوضع الأسري بشكل عام من ناحية التعليم والصحة والمشاركة في صنع القرار".
وبينت الصمادي أن الجمعيات النسائية تسهم بدمج قدرات الشباب والشابات مع السيدات اللاتي لديهن خبرات في الإنتاج التراثي والحرف اليدوية والتقليدية ومنها، المأكولات الشعبية والمنتجات الغذائية التراثية والمشغولات اليدوية والحرفية والتراث الفني بمختلف أشكاله.
بدوره، قال رئيس جمعية رواق جرش للثقافة والتراث رئيس لجنة تنظيم الحرف في شارع الأعمدة بمهرجان جرش أحمد الصمادي: "إن الجمعية تعمل على تسويق المنتجات من خلال مشاركتها وأعضائها سواء في المعارض والفعاليات التي تنظمها أمانة عمان الكبرى ووزارات السياحة والآثار، الثقافة، التنمية الاجتماعية، الصناعة والتجارة".
ولفت الصمادي إلى أن أعضاء الجمعية والجمعيات الأخرى، ينتظرون بفارغ الصبر موعد إقامة مهرجان جرش كل عام لأنه يمثل لهم موسما يدر على المنتجات والمنتجين للحرف التقليدية والتراثية والمشغولات والمنتجات الغذائية الشعبية والريفية عوائد اقتصادية تسهم بتمكين الأسر والمجتمعات المحلية.
وتحدثت رئيسة الاتحاد النسائي فرع محافظة مادبا ورئيسة جمعية فتيات بني حميدة لصناعة البسط فوزة العجالين، عن مشروع البسط (المفارش) في جبل بني حميدة والذي يهدف لتمكين السيدات اقتصاديا، حيث تنسج السيدات البسط في منازلهن، ما ساهم بتمكينهن اقتصاديا والمحافظة على إحدى مفردات التراث الأردني.
ونوهت العجالين، بمشاركتها في الدورة السابقة الــ37 لمهرجان جرش للثقافة والفنون، حيث كانت تقوم بعرض وتقديم شرح لزوار المهرجان عن كيفية صناعة البسط من صوف الأغنام وتنظيفه وغزله وتلوينه، ومن خلال توظيف حرفة "الحتو" ليتحول البساط الى لوحة فنية رائعة.
وقال رئيس جمعية صناع الحرف التقليدية رائد البدري: "إن الجمعية تأسست العام 2005، وهي الممثل الوطني في مجلس الحرف العالمي ومجلس آسيا، وتشارك في العديد من المهرجانات والفعاليات".
وأضاف أن الجمعية تمثل الأردن في العديد من الفعاليات التي تعنى بمجالها، من خلال الممارسين لمختلف الحرف التقليدية والمشغولات التراثية الأصيلة؛ ومنها الفسيفساء الحجري، النحاسيات، خشب الزيتون، المطرزات، الخزف الفخاريات والكروشيه، وجميع أنواع الحرف التقليدية التي تنتج في الأردن من خامات طبيعية ومواد خام معادة التدوير، وهي منتجات تسوق سياحيا، بوصفها منتجات تحمل التراث والهوية الأردنية وتحاكي المواقع الأثرية والتاريخية في المملكة من لوحات فسيفساء حجري ومجسمات ورموز وطنية وتراثية أردنية.
من جهته، اعتبر أستاذ الاقتصاد في جامعة مؤتة الباحث الدكتور أحمد المجالي، أن مهرجان جرش الذي يقام سنويا يعد منصة استراتيجية لتمكين المرأة وتسويق الحرف اليدوية الأردنية، ووصفه بأنه واحد من أرقى وأعرق المهرجانات الثقافية والفنية في الأردن وعلى المستويين العربي والدولي، كونه يجسد مزيجاً من الثقافة والفن والتراث.
وقال: "إن المهرجان يجسد أهمية حقيقية تتجاوز الترفيه لتصل إلى تمكين المجتمعات المحلية اقتصاديا وتسويق المنتجات الحرفية اليدوية والتراثية سياحيا، بما يسهم في تحقيق تنمية اقتصادية مستدامة". -(بترا)