شارك في هذه اللقاء كل من الدكتورة مرام أبو النادي، الناقد زياد الجيوسي، إلى جانب مديرة المنتدى هيفاء البشير. تحدثت الروائية دلال عبد الغني عن تجربتها ومسيرتها الإبداعية وتنقلها في بلدان عدة، وحول أبرز التحديات التي واجهتها، فعندما وصلت إلى السويد وهي شابة ومعها ثلاثة أطفال، كان التحدي الأكبر بالنسبة لها هو إثبات هويتها ووجودها والتعريف بهما، مبينة أنها حققت جزءا من ذلك من خلال إنجازها درجة الماجستير في علم النفس الاجتماعي من جامعة سويدية.
تحدثت عبد الغني في البداية عن مشوارها مع الكتابة والتأليف، قائلة: "بدايتي مع التأليف تمت بمشاركتي في مسابقات ثقافية عدة بقصص قصيرة كنت أجمعها على شكل كتاب أنثولوجي لمجموعة من المهاجرين باللغة السويدية، وكان أحد الكتب قد ترجم حرفيا بعنوان "البلد الجديد"، وكتاب يتناول كيف يمر الزمن على السجين في سجون الاحتلال، وانتقدت فيه طريقة تعامل السويديين مع الأجانب".
وبينت الروائية أنها في كتاباتها لا تبحث عن تجميل الواقع وهذا لا يعجب البعض، قائلة "أنا في كتاباتي أبحث عن القارئ الذي يجد في هذه الكتابة مرآة تعكس له ذاته، ففي الغربة يميل الإنسان إلى تجميل الماضي على حساب الحاضر، وفي كتاباتي لا أسعى لتجميل الواقع إنما أكشفه بمرارته وبجرأة، رغم علمي أن الإنسان في كثير من الأحيان لا يهوى الحقيقة التي كثيرا ما تكون غير متحضرة وغير إنسانية".
وخلصت إلى أنها تكتب في الغربة، فيقرأ الغريب ابن البلد الجديد بمنطق وزوايا لم يعهدها، ويقرأ القريب حيث تمس قلبه سطرا ربما يجد فيه ذاته، وفي هاتين الحالتين هذا مكسب ثقافي بحت، مضيفة أنها لا تكتب من أجل ذلك فقط، وإنما لأنها تحب الكتابة التي تمثل لها بوحا وعلاجا نفسيا.
فيما قالت الدكتورة مرام أبو النادي "نحن هنا من أجل أن نلقي الضوء على جزء من تجربة دلال عبد الغني، ووصلنا من إبداعها باللغة العربية ثلاثة روايات؛ "رؤوس هشة على حافة الانكسار" و"ظل التانغو" و"غربة الحجل"، لافتة إلى أن الإنسان هو حصيلة متكاملة من التفاعلات والظروف والثقافة والخبرات والإيمان بمبادئ، فالإبداع بالكلمة والفكرة لا يكون وليد لحظة ولا يكون لشخص غير متفاعل مع هذا الكون وقضاياه، إنما حالة تكللت عند الروائية عبد الغني.
وتحدثت أبو النادي عن روايات عبد الغني؛ حيث أشارت إلى أن رواية "ظل التانغو" أنموذج تركز فيه على التناقضات في المجتمع واختلاف الثقافات في السويد وتأثيرها على النسيج الاجتماعي، كما سلطت الضوء على صورة المرأة في المجتمع الشرقي وحالة الاضطهاد الاجتماعي وأثبتت أن الضغط يولد الانفجار.
أما في رواية "رؤوس هشة على حافة الانكسار"، فقد أخذت فيها القاعدة المكانية للرواية السويد، بالإضافة إلى سلسلة من الأحداث التي تتفجر عن ظواهر، أهمها تعامل المهاجرين مع القوانين في بلد أجنبي، أيضا التعامل مع المرأة واضطهادها. أما الفكرة الرئيسية فهي حول التقاطعات المشتركة بين إنتاجاتها الأدبية ضمن شخصيات وأحداث مختلفة، كما أنها تحاول أن تكون مؤثرة في المجتمع السويدي.
وخلصت أبو النادي إلى أن عبد الغني عاشت في الكويت ودرست في الجزائر وكان لها عيش في سورية والولايات المتحدة واستقرت في السويد؛ فهذا التنقل المكاني الجغرافي لا يعكس حالة من الرفاهية، فمن المؤكد أنها واجهت تحديات وصعوبات، نضيف إلى ذلك أنها كانت مؤججة بمشاعر الحرية، فلا يمكن أن نستثني رحلة نضالها كونها كانت سياسية نشطة، وكان السبب في اختيارها السويد بلدا للاستقرار، كل ما ذكرته كان سببا أساسيا في صقل شخصيتها الذاتية، وبالتالي الحالة الإبداعية.
فيما استعرض الناقد زياد جيوسي، سيرة الروائية التي تحمل الجنسية السويدية وشهادة الماجستير في علم النفس الاجتماعي، لافتا إلى أن حصولها على هذه الشهادة يوضح توجهات الكاتبة في رواياتها المتعددة بمعالجة قضايا اجتماعية، وخاصة لدى المهاجرين العرب في السويد بشكل خاص، حيث نجد الكاتبة اهتمت بالأبعاد الاجتماعية، وخاصة موضوع التكيف بين الماضي وبين قوانين بلد غربي، وهو تصادم في الثقافات المختلفة، واهتمت بالخلفيات النفسية لكل شخوص الروايات تقريبا والعوامل التي بنت شخصياتهم وسلوكهم.
وأشار جيوسي إلى أن عبد الغني أصدرت ثلاث روايات تتحدث عن وضع المهاجرين العرب في السويد، وتربط فيها بين الماضي والحاضر الفلسطيني، ومعاناة الأسيرات الفلسطينيات، كما صدر لها كتابان على شكل دراسات عن تمكين المرأة وكتاب عن الفلسطينيين في الشتات، وكتب مشتركة عدة مع كتاب سويديين، ولها تجربة كبيرة، فهي محاضرة وصحفية ومترجمة وعضو محلف في محكمة مدينتها فكشو في السويد.