أم درمان- خرج المشيعون بقيادة الرئيس السوداني عمر حسن البشير أمس لتشييع جنازة الأديب البارز الطيب صالح بعد أن نقل جثمانه الى الخرطوم.
وتوفي صالح في لندن يوم الاربعاء الماضي عن عمر يناهز 80 عاما. وكان أكثر الروائيين العرب في القرن العشرين الذين ترجمت أعمالهم.
وحضر أكثر من 1500 شخص مراسم دفنه في مقبرة البكري في أم درمان على الضفة الغربية من النيل قبالة الخرطوم.
وقال وزير الثقافة السابق عبد الباسط ابراهيم في كلمة ألقاها في الجنازة التي حضرها وزراء الى جانب الرئيس ان صالح حقق شهرة عالمية.
وحضر عدد محدود من النساء الجنازة وهو أمر غير معتاد في السودان حيث تقتصر الجنازات ومراسم الدفن على الرجال.
وتركزت بعض أشهر أعمال صالح الادبية على الاستعمار والصدام الحضاري مع الغرب.
واكتسب الكاتب الذي أمضى أغلب فترة حياته العملية في أوروبا شهرة كبيرة بعد صدور روايته "موسم الهجرة الى الشمال" في العام 1966.
والطيب الصالح الذي تم ترشيحه للمرة الثانية من قبل كتاب سودانيين وعرب للحصول على جائزة نوبل لهذا العام، من اكبر الادباء العرب في القرن العشرين واشهرهم اثر ترجمة روايته الشهير الى 56 لغة واختيارها في 2002 من بين اهم مئة رواية في تاريخ الأدب العالمي.
ولد الطيب صالح في قرية كرمكول شمال السودان عام 1929 ثم انتقل الى الخرطوم حيث التحق بالجامعة التي لم يتم دراسته فيها. وفي 1952 غادر السودان الى بريطانيا حيث عمل في القسم العربي في هيئة الاذاعة البريطانية (بي بي سي) وشغل منصب مدير قسم الدراما.
وانتقل صالح بعد ذلك للعمل في قطر ثم عاد ليتولى منصبا دوليا في مقر المنظمة الدولية للتربية والثقافة والعلوم في باريس.
بدأ الطيب صالح يكتسب شهرة كروائي متميز في 1966 عند صدور روايته "موسم الهجرة الى الشمال" عن دار العودة في بيروت. وقام كبار النقاد العرب بالكتابة عن روايته. وقد ابرز قيمتها الادبية خصوصا الناقد المصري الراحل رجاء النقاش مما دفع بها لواجهة الادب العربي باعتبارها واحدة من أهم الروايات العربية المعاصرة.
وتعد "موسم الهجرة إلى الشمال" من الاعمال العربية الأولى التي تناولت لقاء الثقافات وتفاعلها وصورة الاخر الغربي بعيون الشرقي والغربي بعيون الآخر الشرقي الذي ينظر إليه كشخص قادم من عالم رومانسي يسوده السحر ويكتنفه الغموض.
وقد تطرق الطيب صالح في روايته إلى هذه العلاقة من خلال شخصية بطلها السوداني الذي يذهب ليدرس في العاصمة البريطانية لندن. وهناك يضيف إلى جانب تميزه وذكائه العقلي وتحصيله الجامعي العالى رصيدا كبيرا في اثبات فحولته الجنسية مع نساء بريطانيا الذين احتلوا بلاده مع تقديم صورة ساحرة عن الحياة في المجتمع الريفي السوداني.
ورغم الاحتفاء بروايته عربيا وعالميا، منع تداولها في بلاده في تسعينات القرن الماضي، بعد أكثر من ثلاثين عاما على صدورها اثر تولى الاسلاميين السلطة فيها، وذلك لتصويرها مشاهد واستخدامها كلمات توحي بالجنس.
ولم يكتب الطيب صالح سوى أربع روايات ومجموعة قصصية خلال رحلة طويلة مع الادب بدأت منذ 1960 سنة نشره اول قصة قصيرة "نخلة على الجدول" في احدى الصحف اللبنانية.إلا أنه كتب اعماله بنفس ورؤية واسلوب مختلف ركز فيها بغالبيتها على حياة الريف السوداني باساليب مختلفة.
والروايات الصادرة له إلى جانب "موسم الهجرة الى الشمال" هي "مريود" و"ضو البيت" و"عرس الزين". اما مجموعته القصصية فتحمل عنوان "دومة ود حامد".
