"ظل السلطان".. لقاء الشرق بالغرب في مرحلة تاريخية حرجة

عمان-الغد- يقدم كتاب "ظل السلطان.. حكم عائلة واحدة عند تقاطع الشرق والغرب"، الذي ترجمه إلى العربية محمد بن عبدالله بن حمد الحارثي، وسوف يدشن في معرض مسقط للكتاب في شهر شباط (فبراير) المقبل؛ مجموعة من الأحداث المشوقة التي جرت في عُمان وزنجبار خلال القرن التاسع عشر، ويكشف تفاصيل غابت عن أذهان مؤرخي تلك الفترة والمهتمين بها؛ وهي فترة مصيرية شهدت تأسيس دولة قوية في زنجبار على يد سعيد بن سلطان البوسعيدي، وبقيت تلك الدولة راسخة الجذور في الجزيرة الإفريقية إلى سنة 1964م.اضافة اعلان
وجاء الكتاب الصادر عن "الآن ناشرون وموزعون" في الأردن في 480 صفحة من القطع الكبير، وأشارت مؤلفته؛ كريستيان بيرد، إلى أن فكرة الكتاب جاءتها إثر إشارة إلى تجارة العرب بالرقيق كانت قرأتها في مقال تاريخي متخصص، فدشنت تلك المقالة رحلة بحثها في تاريخ تلك الفترة الحاسمة من تاريخ الشرق والغرب.
ورأى مترجم الكتاب أن المؤلفة رسمت في كتابها هذا "أحداثاً لقصص مشوقة بين الحقيقة والخيال حدثت في عُمان وزنجبار في نهاية القرن التاسع عشر".
وبين أنها استندت في بحثها "إلى ترجمة مصدرين عمانيين تقليديين؛ الأول كتاب سرحان بن سعيد بن سرحان الإزكوي "كشف الغمة الجامع لأخبار الأمة"، والثاني كتاب حميد بن محمد بن رزيق "تاريخ أئمة وسادة البوسعيد"، إضافة إلى كتاب عبدالله صالح الفارسي "سعيد بن سلطان"، وإلى العشرات من أهم المصادر الغربية التي كتبت عن عُمان والمنطقة العربية وشرق إفريقيا".
وأشار إلى أن كتابها قد لا يعد بحثا تاريخيا بحتا، لكن طابعه السردي جعل منه وثيقة ممتعة يمكن من خلالها الولوج إلى أحداث تلك المرحلة.
وترى المؤلفة أن سعيد بن سلطان هو "أحد أبرز حكام الدولة البوسعيدية؛ فقد بدأ مع وصوله إلى السلطة قرن مشحون بالرومانسية والأحداث والقساوة على نحو مذهل في تاريخ الشرق. وخلال عهده الذي دام خمسون عاماً، أسس إمبراطوريةً تجارية واسعة على طول ساحل شرق إفريقيا، مستهلاً علاقات دولية مع أوروبا والولايات المتحدة، وناقلاً عاصمة بلاده من شبه الجزيرة العربية إلى زنجبار، ومحولا تلك الجزيرة المغمورة إلى عاصمة إنتاج القرنفل في العالم، وكذلك مركز تجارة الرقيق في المحيط الهندي. وبعد وفاة السيد سعيد، تواصل إرثه مع نجليه ماجد وبرغش".
وقد اتسم الكتاب بموسوعيته وتناوله مجموعة كبيرة من المواضيع المتشابكة، فخرج على شكل مدونة تاريخية أحاطت بغير سمة من سمات تلك الفترة التاريخية المهمة.
وأسهم امتداد أحداثه الجغرافي الواسع في جعل مادته لقاء حقيقيا بين الشرق بالغرب؛ فقد بسط سلاطين البوسعيد نفوذهم آنذاك على إمبراطورية واسعة امتدت لآلاف الأميال وضمت عشرات الشعوب. وكان لهذه الدولة دورا في انتشار الإسلام في المنطقة قبل أن تهيمن الدول الغربية على المحيط الهندي تمهيدا لتلاشي قوة زنجبار.
وحمل الكتاب أيضا بعدا دراميا تمثل في تتبعه لحياة مجموعة من الشخصيات التي عاشت في تلك الفترة؛ سواء من أولئك الذين انتموا إلى الأسرة الحاكمة في زنجبار، أو من آخرين جاؤوا من دول غربية استعمارية، أو أعلام أثروا في مسار الأحداث بحكم مهنهم التي مارسوها كتجارة الرقيق والملاحة والكشوفات الجغرافية.
وترى الكاتبة كذلك أن "قصة سعيد وأولاده هي قصة شخصية وعامة على حد سواء، تتبع صعود وهبوط نجم عائلة وإمبراطورية أيضاً. إنها قصة تزخر بمواضيع معاصرة: الإسلام في مقابل المسيحية، والدين في مقابل العلمانية، وحقوق المرأة، وحقوق الإنسان، والتعدد الحضاري، وحق أمّة ما في تقرير مصيرها. والحوليات التاريخية لعُمانيي القرن التاسع عشر. وهي أيضاً تأريخٌ لتجارة الرقيق في المحيط الهندي".
ومن الجدير بالذكر أن محمد بن عبدالله بن حمد الحارثي مترجم عُماني حاصل على درجة البكالوريوس في إدارة الأعمال والمحاسبة، ودرجة الماجستير في الاقتصاد من الولايات المتحدة الأميركية العام(1981).
وقد ترجم مجموعة كبيرة من الأعمال التي تتناول التاريخ العُماني من منظور غربي، ومن أهمها: "عمان بناء الدولة العصرية"، موسوعة "يوميات المقيمية في الخليج والوكالة السياسية في مسقط"، موسوعة "النفط والحدود في الخليج" في 3 مجلدات، موسوعة "عُمان.. الوثائق السرية" في 20 مجلدا صدر في كانون الثاني( يناير) 2023 م، موسوعة "الوثائق البريطانية السرية.. جذور الدولة العربية الحديثة" في أربعة أجزاء ضمت 25 مجلدا سوف يصدر في نهاية سنة 2023 م، إضافة إلى كتابي "المضيرب وإبراء أنموذجين للمدينة العمانية"، "السلطة وتعاقب الحكم في الممالك العربية" من جزئين، ومقالات اقتصادية بعنوان "مقال مقابلة وكلمة" في جزئين.