"غيم على قافية الوحيد".. كتاب وشعراء يحتفون بتجربة الشاعر محمد لافي

1723633416791347400
"غيم على قافية الوحيد".. كتاب وشعراء يحتفون بتجربة الشاعر محمد لافي

عمان- احتفى كتاب وشعراء ونقاد بتجربة الشاعر محمد لافي في حفل تكريمه وتوقيع ديوانه الجديد "غيم على قافية الوحيد"، الصادر عن اتحاد الكتاب والأدباء الفلسطينيين، وذلك أول من أمس في مقر رابطة الكتاب.
شارك في الحفل الذي أداره الشاعر صلاح أبو لاوي، رئيس رابطة الكتاب الأردنيين د. موفق محادين، ورئيس اتحاد الكتاب والأدباء الفلسطينيين الشاعر مراد السوداني.
وقدم كل من: الروائي رشاد أبو شاور شهادة حول تجربة لافي، د. محمد عبيدالله، والشاعر مهدي نصير ورقة نقدية.
استذكر متحدثون في الاحتفال مراحل من تجربة لافي الممتدة من عمان إلى دمشق، ثم إلى عمان. د. موفق محادين قال: "من أين نبدأ، يا محمد، من غزة وفلسطين كلها غزات تحت شمس.. من الأسماء وقد صارت أشياء وأشلاء على الحيطان، مضيفا "لابيضٌا صَنائِعُنا سودٌ وَقائِعُنهم.. ولا خضرا مرابعهم، لا حُمرٌ مَواضيهم.. لا خيلهم موريات، ولا عادياتهم ضبحا".
ومن جهته، قال مراد السوداني: "إن قصائد لافي لم تكن تصل إلى داخل فلسطين، لذلك قام اتحاد الكتاب والأدباء الفلسطينيين بطباعة هذا الديوان، حتى يصل هذا الصوت إلى كل شعبه العربي والفلسطيني، لافتا إلى أن ديوان "غيم على قافية الوحيدة"، هو أوراق قدمها الشاعر لافي من قلبه المدخر بالجماليات ومعاندة زمن الرمل والمرمليين والأشياء الذين امتهنوا البهتان والنكران في لحظة الردة والارتداد الزاحف.. أوقف لاقي النبيل نصه على الموقف محلقا بالجماليات فكانت قصائدة توقيعات ثورية وتوريقات الجمال الغامر. بلغته الشعرية اللينة القمرية واغترافه من المورث نقاط الضوء والبهاء، هندس ابن لافي حملته الشعرية، إذ نحت مجراه الخاص بما يليق بشاعر مكين".
وبين السوداني أن قصيدة لافي مرجل غضب وحزن فعال؛ مراثة مالحة ذابحة، أزهار شجنه عاصفة، في وضوحها صفاء الينابيع وتكثيفها صرة الوجع الهتان، جمل صبره ركاض في جمله الشعرية بحمولة المعنى واحتمال الأهوال وهجاج المنتأيات والمنافي، أغترب نواح يلوب به الوحيد بقافية تقيم في سياق الرفض والاعتراض والكلمة الجليلة.
فيما قدم الروائي رشاد أبو شاور شهادة حول تجربته ومعرفته بلافي التي تمتد لزمن طويل، كما تحدث عن السابع من أكتوبر "طوفان الأقصى"، وتلك الحالة التي صنعها هذا الطوفان في نفوس وعقول الناس، وواقع هذا الخبر عليه عندما سمعه وكل الشعوب العربية والفلسطينية.
فيما قدم الناقد والشاعر د. محمد عبيد الله ورقة بعنوان "تجليات الأسلوب الأخير"، في ديوان (غيم على قافية الوحيد)، قائلا: "إن الشعر في تجربة محمد لافي وحياته أبعد وأوسع من جنس أدبي يتقن أداءه، إنه الحياة نفسها بعبارة موجزة، وهو نافذته الرحبة التي تتيح له أن يعبر عن الحنين والمقاومة والمجابهة والانكسار، يستعيد طفولته مرة في حنين غامر إلى الولد الذي يأبى أن يكبر رغم ثقل السنين، ومرة ينتقد المرحلة ويهجو ما آلت إليه بعد سقوط آخر الرايات. وفي مستوى جمالية الشعر يجتهد دوما في المواءمة بين المبنى والمعنى، بين ما يقال وكيف يقال، ذلك أنه شاعر مثقل بالمعاني والخسارات، وليس باحثا عن صور فاتنة".
وقال عبيدالله: "إن الديوان يضم مجموعة من القصائد الغنائية المركزة التي تحمل عنوان (عزف منفرد)، حتى أمكن أن يكون هذا العنوان تصنيفا للقصائد إلى جانب وظيفة عنونة. ويحيل هذا العنوان الطاقة الغنائية للقصائد بمنزعها الرؤيوي وصياغتها الإيقاعية والتصويرية الملائمة للغنائية الشعرية ذات المنابع الأصيلة في تجربة الشعر العربي، ويعزز هذا الصنف الحضور الثري للأنا في مواجهة العالم والزمن".
ورأى عبيدالله أن الغنائية تقوم جوهريا على نظرة عميقة في مرآة الذات أو مرآة الداخل، فهي تنسج صلات خفية مع طور المرآة والشبيه. ويقرب منها تلك القصائد التي تتأسس على استرجاع لحظات ضائعة ومكثفة من السيرة الذاتية والذكريات البعيدة التي تفجرها القصيدة وتغتني بها، وتعيد أثرها من جديد. فالسيرة المستعادة عند لافي هي سيرة وجدانية عمادها أشياء وتفاصيل قديمة تبقت وترسبت في النفس، وليست أحداثا واقعية أو تاريخية ذات أهمية خارجية، فهي إذن سيرة نفسية أو وجدانية تغذي ما أسميناه - تبعا لجاك لاكان- طور المرآة عند الشاعر.
أشار عبيدالله إلى أن هذا الديوان جاء متأخرا بعض الشيء عن ديوانه الثامن وهو بعنوان "ويقول الرصيف"، المنشور العام 2010، لافتا إلى أن عنوان الديوان الجديد هو الجملة الختامية لقصيدة (غيم) المهداة للأديب الفلسطيني المعروف محمود شقير، وهي قصيدة تكثف عنوانها الكلمة المفتاحية المتكررة قصدا والتي تبدأ بها جمل القصيدة ذات الصيغة الإسمية غالبا، وتنتهي في سطورها الأخيرة إلى السطور الآتية (ص197):"غيمٌ على رسائل البريد/غيم على القريب والبعيد/غيم على... قافية الوحيد".
مهدي نصير قال: "إن لافي في مجموعته الجديدة التي شكل فيها قافية عميقة لكل هذه الومضات والمعزوفات المنفردة والوصايا والتيه والندم والحنين والتذكر والغضب والنزق والثمالة على مدار 138 مقطوعة شعرية قصيرة لا تتعدى في معظم المقطوعات الصفحة الواحدة، وكأنه كان يبني هذه المقطوعات على فكرة أو ومضة ذهنية أو عتب أو غضب على صديق قريب أو ذكرى وحنين لأيام مضت ولأصدقاء حفروا في قلبه ذكريات عزيزة، لذلك أهدى كثيرا من مقطوعاته في هذه المجموعة لأصدقائه.
ويعتبر نصير أن لافي في هذا الديوان كأنه يكتب يوميات شاعر وخيباته وانكساراته وغضبه على كل هذه الهزائم التي يعيشها والتي تعيشها أمته ووطنه فلسطين، لذلك نراه نزقا يقطع ويُقطِّعُ النص في حالات كثيرة قبل اكتماله وكأنه يريد أن يقول: "إن القصيدة الحقيقية ما تزال خداجاً، مبينا أن قصائد لافي في هذا الديوان تنتمي لقصيدة التفعيلة غير الصارمة فهناك خروجات وتلوينات لا يتقنها إلا شاعر عجن القصيدة وإيقاعاتها وتفاعيلها وسادها، كذلك هناك مقطوعات شعرية عمودية على بحور الخليل، رصدت بحدود عشرة مقطوعات شعرية عمودية على بحور الطويل، البسيط، الكامل، الخفيف والوافر وهي مقطوعات رقيقة وجميلة ومتقنة.

اضافة اعلان