منتدون يناقشون "ملامح لوجوه عدة" للدكتورة عنبتاوي

1685871932538319700
جانب من الندوة - (من المصدر)
عزيزة علي

عمان- أقام منتدى الرواد الكبار أول من أمس، ندوة بعنوان "ملامح لوجوه عدة.. قصص قصيرة جدا"، لعضو اللجنة الثقافية في منتدى الرواد الكبار، الدكتورة دلال عنبتاوي.اضافة اعلان
أدارت الندوة المستشارة الثقافية للمنتدى القاصة سحر ملص، والتي حضرها جمهور من المهتمين بالشأن الثقافي، إلى جانب حضور مديرة المنتدى هيفاء البشير التي رحبت بالحضور قائلة: "في عالمنا المتسارع هذا لم يبق للإنسان وقت لقراءة المطولات الأدبية من الروايات الطويلة على الرغم من جمالها ولم تكن يوماً القراءة هدفها الأوحد الامتاع، بل هي تغذية للروح والفكر، وبث رسائل حياتية للقارئ، وقد تعددت أشكال السرد وتنوعت وطغت القصة القصيرة لتكون وسيلة تعبير عما يجول في أعماق الكاتب".
وأضافت البشير، "نقف اليوم أمام القصة القصيرة والمعبرة جداً لنستلهم منها ما تتحدث به صفحات في الرواية لتختصره ومضة القصة القصيرة، لتترك القارئ في دهشته وحيرته".
وقالت البشير: "نسعد اليوم معاً وقد عدنا بعد احتفالات بالعرس الوطني، لسمو ولي العهد الأمير الحسين وعروسه لنكمل احتفالنا من خلال متابعة المسير في درب العمل والثقافة، ومن على هذا المنبر أرفع آيات التهنئة والتبريك لجلالة الملك عبد الله الثاني وجلالة الملكة رانيا باسمي وباسم منتدى الرواد الكبار.
من جانبها قالت الدكتورة مرام أبو النادي: "بين الاختصاص في النقد والإبداع الأدبي نجحت عنبتاوي في التعامل مع كل نص من نصوص المجموعة القصصية وفقا لمعايير القصة القصيرة ومقوماتها؛ فلم تبالغ بتعريضه لأدوات النقد ليظهر جسد كل نص على الصورة المثالية التي ستؤول إلى مجرد صنم غير حي بجمال ظاهري يفتقر إلى الحميمية لدى المتلقي- القارئ، على خلاف ذلك فقد كان التخصص العلمي لأديبتنا مرآة استعانت بها لتشذيب العمل الأدبي ليخرج بشكل أقرب ما يكون انعكاسا لبوح كل واحد منا ولكن بطريقتها الأدبية التي ارتأت أن تكون على صورة القصة القصيرة جدا".
وأضافت أبو النادي، يمكن أن نلمس في هذه المجموعة الوحدة العضوية لكل قصة قصيرة وردت في منتجها، وهي "123"، حيث استطاعت عنبتاوي أن تحافظ على وحدة المشاعر ووحدة التصوير الفني لكل قصة بحيث تتماسك أجزاؤها بل وأدى كل جزء وظيفته بكل إتقان، ووجدت أن الاحترافية تتمثل هنا بأن النص نفسه قصير فقد بلغت قصة (تجاهل) الثلاثة أسطر، ومع ذلك أتقنت التعامل مع مفاتيح الوحدة العضوية لها".
وتابعت أبو النادي حديثها عن الوحدة الموضوعية قائلة: "تعرف عنبتاوي وجهتها في مسار كل قصة؛ فاقتصار النص على موضوع الفكرة الواحدة، يجعل القارئ متمكنًّا من موضوع القصة القصيرة، فيكفية أن يرجع فقط إلى عنوانها ليستذكر الهدف أو الفكرة منه، ويدخل في تعزيز الوحدة الموضوعية التكثيف، فالركيزة الأساسية التي اعتمدتها المؤلفة في مجموعة القصص القصيرة جدا والتي تعد من أهم عناصرها هي اللغة المكثفة، إذ استخدمت لغة مختارة بعناية ليصل المعنى مركزا وغنيا للقارئ. فعملية الاختزال في الدلالات والمعاني تتطلب جهدا ذهنيا وأعتقد أن المؤلفة أجادت في عملية حصر القارئ بعوالم افترضتها".
أما في مجال اللغة والأسلوب، فقد رأت المحاضرة أبو النادي، أن الكاتبة ضمنت أدوات اللغة من الصور البلاغية والمحسنات في كل قصصها القصيرة، والتي أدت وظيفتها في السياق؛ فلم تكن مجرد كماليات أو استعراض لجزالتها اللغوية، بل كانت تسري سريان الماء في الجداول بانسيابية، ومن هنا أشيد باعتمادها على أسلوب الغائب في السرد في معظم المواقع وتجنبها للغة الخطابية وهذا ما يساعد من وجهة نظري في تكثيف المشهد والتخلص من اللغة الحوارية، مبينة أن عنبتاوي اعتمدت على أهم عنصر من عناصر القصة القصيرة وأي عمل نثري ألا وهو عنصر الدهشة – الإدهاش فلم تخلو قصة من "القفلة" التي تشكل صفعات إن جاز التشبيه.
كما تحدثت أبو النادي عن بنية هذه القصص، مشيرة إلى أنها تنتمي إلى الواقعية، ويمكن أن أعتبره شخصيا من أنجح الأنواع؛ لأن القارئ سيكون شريكا مع الأحداث شاء أم أبى؛ وقد يجد نفسه بين الشخصيات؛ فهي منا، وسيساوره الشك إن كانت د. دلال تقصده في مواطن مختلفة! لقد كانت الأديبة حقيقية واقعية فدمجت الخيال بالكثير من الواقع المعاش؛ فسيلتحم القارئ بمعظم الأحداث، لأنها عوالم كما ذكرت افترضتها ولكنها اقترضتها من وحي حياة نعيشها جميعا. وهنا تكمن الجمالية فأحداثها ليست ببعيدة عنا؛ والقارئ جزء منها دون شك.
ولفتت المحاضرة، إلى أن وجود إسقاطات حياتية متناثرة تركتها عنبتاوي في بعض قصصها يستطيع القارئ لها التقاط العبارات الأكثر تكرارا... كأن البوح الداخلي لا يمكن كبحه وهذا له دلالة واضحة على أن الأديب ينتج أعماله الأدبية الفنية، ويستحيل أن ينفصل عنها بكليته كإنسان.
ثم عرجت أبو النادي، على الموضوعات التي تم تناولها في المجموعة وهي كما قالت: "تنوعت الموضوعات وهذا مؤشر واضح على الثراء الحياتي للأديبة، فالخبرات تولد الحكمة وهذا ما سيلمسه القارئ في معظم القصص، تنوع القضايا الاجتماعية ارتبط بالمنظومة الأخلاقية، التي حاولت الأديبة أن تمررها في مجموعتها ومن هنا وجب علي أن أنحني احتراما لشخصها وتقديرا لدورها الثقافي والمتمثل بالدور الأدبي الأخلاقي، ففقد جعلت مجموعتها القصصية منارة تشع بالقيم، فلم تترك قيمة سلبية وإيجابية إلا وأضاءت عليها، وأنا أقدر دور المثقف الإصلاحي للمجتمع الذي يعيش فيه".
تلا ذلك، قراءة عنبتاوي لمجموعة من القصص التي تضمها المجموعة.