وقد أولى سموه كذلك اهتماما كبيرا بالتحول في جودة ونوعية خدمات المواطنين ورقمنتها، وتسريع جهود وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة، لإدخال الجيل الخامس في قطاع الاتصالات، والتوسع بتطوير البنى التحتية في المحافظات، للتعامل مع متطلبات أتمتة الخدمات الحكومية ورقمنتها.
وتأتي متابعة سمو ولي العهد للبرامج وللمؤسسات ذات العلاقة بتطوير الخدمات العامة للمواطنين، انطلاقـا من الرؤية الملكية السامية بتطوير مؤسسات القطاع العام وبرامج خدماته، وهذا ما جاءت به رؤية جلالة الملك منذ التكليف السامي للحكومة الحالية، وسابقاتها، وتُرجمت تلك التوجيهات والاهتمامات الملكية المتواصلة منذ أكثر من عام، بالتأكيد على الحكومة باتباع ثلاثة أطر للنهضة والتطوير، تمثلت بخطط: تطوير الإدارة العامة، وتطوير العمل السياسي، والتنموي الاقتصادي.
وفي هذا الإطار، يؤكد رئيس ديوان الخدمة المدنية سامح الناصر، أن ما يوليه ولي العهد من اهتمام لتطوير وتحديث القطاع العام، إنما يستكمل عبره توجيهات جلالة الملك عبدالله الثاني الملهمة في العناية والاهتمام بملفات الإصلاح والتحديث السياسي والاقتصادي والإداري في الدولة.
وأضاف الناصر، نظرا للدور المحوري الذي يشكله الإصلاح والتحديث الإداري في نجاح الإصلاحات السياسية والاقتصادية في المئوية الثانية للدولة، والتي يقود محاورها المختلفة جلالة الملك المعزز، ويسانده بهذا الجهد الكبير سمو ولي العهد الأمير
الحسين بن عبدالله الثاني، يحرص سموه على متابعة أعمال التنفيذ لخريطة تحديث القطاع العام، مع إعطاء الأولوية لمكوني تنمية الموارد البشرية، وتطوير الخدمات الحكومية ورقمنتها، بحيث زار سموه في الربع الأول من العام الحالي، معهد الإدارة العامة، واطلع على البرامج التدريبية الموجهة التي ينفذها المعهد، لتأهيل الموظف العام وتطوير قدراته ومهاراته، واكتشاف المواهب، والقيادات المبكرة، إضافة لتعزيز قدرات الإدارات التنفيذية الوسطى، نظرا لأهمية هذه الحلقة والمستوى الوظيفي في إدارة وتخطيط الموارد البشرية، ومتابعة تنفيذ الخطط والبرامج ومؤشرات الأداء الكمية والنوعية، المنبثقة عن الخطة الإستراتيجية والتشغيلية في الدائرة.
وأشار إلى أن سموه، أكد خلال الزيارة على دعمه الكامل لجهود إدارة المعهد لتطوير أساليب ومحتوى البرامج التدريبية فيه، وخصوصا تلك المرتبطة بمخرجات خريطة الطريق ذات الصلة.
وأضاف الناصر، من جهة أخرى، وبذات الأهمية، أولى سموه اهتماما كبيرا للتحول في جودة ونوعية الخدمات المقدمة للمواطنين ورقمنتها، والإشارة إلى أهمية تسريع جهود وزارة الاقتصاد الرقمي والريادة، لإدخال الجيل الخامس في قطاع الاتصالات، والتوسع بتطوير البنى التحتية في المحافظات، للتعامل مع متطلبات أتمتة الخدمات الحكومية ورقمنتها".
وقد أكد سموه ضرورة إيلاء قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والتحول الرقمي، اهتماما خاصا من المعنيين في القطاعين العام والخاص، باعتباره من القطاعات والمجالات الاقتصادية المهمة، والمتوقع تزايد مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي في السنوات القليلة المقبلة.
بدوره، يقول خبير الإدارة الحكومية؛ أمين عام وزارة تطوير القطاع العام ومدير عام معهد الإدارة السابق د. عبدالله القضاة، إن أجهزة الإدارة العامة في العالم تواجه تحدي الاستجابة لضغوط المواطنين في إنجاح تقديم الخدمات العامة، بصورة كافية وعادلة وبجودة عالية، بالاعتماد على موارد قليلة وقدرات تنفيذية محدودة.
واضاف القضاة "سعينا عبر الحكومات السابقة لتحسين نوعية الخدمات الحكومية للمواطنين، وتبسيط الإجراءات وأتمتتها، وبالتالي محاربة الفساد والمحسوبية، غير أن مؤشرات الحوكمة العالمية حسب قاعدة بيانات البنك الدولي لعام 2020، تشير إلى أنّه بالرغم من تحسّن مرتبة الأردن في بعض المؤشرات، لكن هناك تراجعا في مستوى جودة الخدمات العامة ومؤشر "السيطرة على الفساد"، ومدى استغلال السلطة العامة لتحقيق مكاسب خاصة، وجاء أداء الأردن في مؤشر "تنمية الحكومة الإلكترونية" متوسطاً، ليحتل المرتبة 117 من بين 193 دولة، بدرجة بلغت 53.1/ 100 في مؤشر تنمية الحكومة الإلكترونية عام 2020.
وأضاف، من هنا تكمن أهمية زيارة سمو ولي العهد لمركز الخدمات الحكومية الشامل في منطقة المقابلين جنوب العاصمة، ومن بعدها زيارته لمعهد الإدارة؛ إذ أن هناك رسالتين أراد إيصالهما: الأولى: أن عملية التحديث الإداري، تقع ضمن أهم الأولويات التي يؤمن بها ويدعمها، وهذا يعكس التزام أعلى المستويات بالدولة بأهمية محور التحديث الإداري الذي يعد ممكنا أساسيا لمحوري التحديث الاقتصادي والسياسي، والثانية، أن على الحكومة التقاط الرسالة وتسريع عملية التنفيذ؛ إذ لا يجب الاكتفاء بتبني مجموعة أهداف خاصة بمحور الخدمات؛ مثل تقديم خدمات حكومية متكاملة ومترابطة، تمتاز بسهولة الوصول إليها، وسرعة تنفيذها وإجراءاتها، وإرساء ثقافة مؤسسية محورها خدمة المواطن وتجربته بالحصول على الخدمات.
ولفت القضاة، الى ان هذه رؤية طموحة جدا؛ لكن المواطن ينظر إليها كنوع من الحلم والتنظير، فالفترة التي انقضت من عمر خطة التحديث، لا تدلل على تنفيذ يتوافق مع المستهدفات المعلنة، وعليه؛ من حق سمو ولي العهد أن يسأل: متى تنجز الحكومة التحول الرقمي الكامل للخدمات الحكومية، وبشكل مستدام وبجودة عالية؟ وهل الرقمنة المعلن عنها تعتمد على منهجية علمية في هندسة العمليات، وتبسيط الإجراءات وترشيقها؟ ثم؛ هل التدريب والتأهيل كاف لموظفي الصف الأول والمعنيين بتحسين الخدمات في القطاع العام؛ أم يفتقر للتمويل والاستدامة؟ والأهم من ذلك: هل فعلت الحكومة أدوات المحاسبة والمساءلة والمكافأة والتحفيز؟
وأشار إلى أن زيارة سمو ولي العهد، لم يمكن الهدف منها، التقاط الصور والسلام على بعض المسؤولين؛ إنها زيارة تحمل معاني المسؤولية والتحقق من أن الأمور، يجب أن تتحرك بالاتجاه الإيجابي، بما يرفع مستوى الجودة ويحسن رضا المتعاملين، عبر رقمنة حقيقية للعمليات الحكومية، لتعزيز عمل إدارة القطاع العام كوحدة واحدة، تخدم المواطن بشمولية وتكاملية من النافذة المتاحة له، بالإضافة لتحديد وتصميم خدمات حكومية مشتركة جديدة، تحقق قيمة لمتعامليها، وتمتاز بالمرونة وتوحد الإجراءات وتقلل التكاليف.
وأوضح القضاة، أن الحكومة مطالبة، برفع تقرير دوري يبين مدى الإنجاز الحقيقي في مشروع التحديث الإداري؛ ويتضمن مؤشرات وأرقاما فعلية، بعيدا عن السرد الإنشائي؛ ويبين أهم التحديات التي تواجه سير العمل، ليطمئن ولي العهد بأن الدولة تدخل مئويتها الثانية وفق مخطط وتنفيذ سليمين، والأهم من ذلك، أن الحكومة بحاجة لقيادات إدارية تصنع وتقود النجاح برؤية عصرية حديثة.
من جهته، قال مدير معهد الإدارة السابق د. راضي العتوم، إن متابعة ولي العهد للبرامج والمؤسسات ذات العلاقة بتطوير الخدمات العامة، تنطلق من الرؤية الملكية السامية في تطوير مؤسسات القطاع العام وبرامج خدماته، وهذا ما جاءت به رؤية جلالة الملك منذ التكليف السامي لهذه الحكومة، والحكومات السابقة.
وأضاف العتوم "وقد تُرجمت تلك التوجيهات والاهتمامات الملكية المتواصلة منذ أكثر من عام، بالتأكيد على الحكومة باتباع ثلاثة أطر للنهضة والتطوير، تمثلت بخطط: تطوير الإدارة العامة، وتطوير العمل السياسي، والتنموي الاقتصادي".
ولفت إلى أن حقيقة التكامل بين البرامج التطويرية الثلاثة، هو الأساس في الانطلاق للتنمية الاقتصادية والاجتماعية التي أصبحت ملحة في وقتنا الحاضر والمستقبل.
واضاف "لعل زيارة سمو ولي العهد لمعهد الإدارة، تعدّ غاية في الحيوية، بحيث تؤشر وتؤكد أهمية تطوير العنصر البشري الحكومي، وتأهيله لرفع مهاراته وقدراته لتقديم الخدمات العامة بشكل أفضل، وضمن أسس موضوعية شفافة يشعر بها المواطن؛ فتأهيل الكوادر البشرية الحكومية هي منطلق التنمية وعمودها الفقري.
وأشار إلى أنه وعلى الجانب الآخر، فإن زيارة سمو ولي العهد لمركز الخدمات الحكومية الشامل في المقابلين، غاية في الأهمية، بحيث ربط التدريب والتأهيل بتقديم الخدمة العامة للمواطنين من مركز شامل حيوي، يقدم أكثر من 45 خدمة تابعة لـ15 وزارة ودائرة حكومية، وخلال ساعات دوام طويلة منذ الـ9 صباحا وحتى الـ9 ليلا، وكذلك لـ12 ليلا لخدمات جوازات السفر.
ويرى العتوم، أن الربط المتكامل للزيارتين، يعطي درسا لأصحاب القرار الحكومي، ومجلس الوزراء، بخاصة وأن الغاية من تدريب وتأهيل الموظف العام، هو تغيير نمط سلوكه، بالإضافة لتطوير قدراته ومهاراته ليقدم خدمة أفضل، هذا فضلا عن تأشيره إلى الاهتمام بالتوسع وتكرار نموذج المركز الشامل للخدمات الحكومية في باقي المحافظات.