وكانت مدينة الكرك قد شهدت على مدار السنوات الماضية إخلاء وانتقال غالبية المؤسسات والدوائر الرسمية والبنوك ومحال تجارية كبرى خارجها بسبب ضيق الشوارع وغياب المتسوقين. ففي الوسط التجاري لوحده أغلق زهاء 300 محل تجاري أبوابه أو انتقل إلى مكان آخر خارج المدينة، ما أثر سلبا على الحركة التجارية بمدينة الكرك، ناهيك عن انتقال مئات الأسر من منازلها القديمة بالمدينة إلى غيرها بضواحي الكرك بسبب قدم تلك المناطق وعدم قدرتها على استيعاب الأعداد المتزايدة من السكان.
ويؤكد سكان وفاعليات تجارية بالكرك بأن قرارات البلدية يمكنها أن تسهم في إعادة الحياة إلى المدينة بعد أن هجرها سكانها والعديد من الفعاليات التجارية، والتي أصبحت تبدو، شبه خالية من السكان والنشاطات المختلفة، في مشهد يثير القلق من أن تتحول إلى مدينة مهجورة بعد أن كانت ولسنوات قليلة مضت مركز الحركة ومحور نشاطها.
وخلال عشر سنوات مضت، كانت جميع مقرات المؤسسات الرسمية تتواجد بوسط مدينة الكرك، فيما تم نقلها إلى ضواحي مناطق المرج والكرك الجديدة والثنية والمنشية، ولم يتبق في وسط المدينة أي مؤسسة رسمية، ما حد من دخول أعداد كبيرة من المواطنين المراجعين وأوقف النشاط التجاري فيها.
وفي شوارع أطراف المدينة، تتعمق الحالة، إذ تبدو الشوارع فارغة بعد إغلاق عشرات المحال التجارية فيها، رغم انها كانت خلال السنوات الماضية تضج حيوية ونشاطا، حيث أغلقت العديد من محال بيع الملابس والأحذية والخضار والفواكه وبيع اللحوم والبقالة والمخابز والمطاعم ومحال بيع الأدوات الشعبية، وتقع غالبية المحال التجارية التي أغلقت في شوارع مهمة، والتي شهدت عمليات ترميم وتأهيل من قبل وزارة السياحة ضمن المشروع السياحي الثالث.
وقامت الوزارة بعملية تجديد وتغيير أبواب ويافطات المحال التجارية ووضع أبواب خشبية قديمة ذات قيمة تراثية.
وقال رئيس بلدية الكرك محمد المعايطة إن البلدية تعمل بشكل وثيق مع أطراف عديدة لأجل استعادة مدينة الكرك عافيتها وإعادة الحركة اليها بعد أن أصبحت شبه مهجورة بفضل سياسات مختلفة.
وأكد أن مدينة الكرك التاريخية تواجه عملية تفريغ من المحال التجارية والمؤسسات وحتى السكان، لافتا إلى أن البلدية وفي خطوة منها لوقف نزيف السكان والحركة التجارية أطلقت سابقا مبادرة لإعفاء كل شخص يقوم باستخدام منزل أو مبنى قديم بالمدينة في نشاط تجاري أو سياحي من الرسوم المختلفة وتقديم تسهيلات أخرى .
وأشار إلى أن البلدية ستعمل في الفترة المقبلة بالتعاون مع فاعليات ثقافية وشعبية مختلفة على تنفيذ برامج مختلفة هدفها إعادة إحياء المدينة القديمة تجاريا وثقافيا وسياحيا حرصا على عدم تفريغها من سكانها، إضافة إلى إعادة تأهيل مبان تراثية قديمة وجعلها مباني لمرافق خدمية للبلدية لإدامة استقبال المراجعين من مختلف مناطق المحافظة.
وأضاف أن المجلس البلدي وضمن إجراءاته بهذا الخصوص للحفاظ على سوق الكرك الرئيسي واتخاذ كافة الخطوات والقرارات التي من شأنها تنشيط الحركة التجارية والاقتصادية قرر مجلس بلدي الكرك الموافقة على منع إصدار أي رخصة مهن لأي بنك داخل حدود قصبة الكرك ما لم يكن له فرع داخل مدينة الكرك. إضافة إلى وقف ترخيص المحال التجارية التي تبيع الذهب خارج مدينة الكرك واتخاذ الإجراءات القانونية بحق من يقوم بفتح محل خارج الوسط التجاري.
وأشار إلى أن البلدية عملت أيضا على افتتاح مركز الخدمات المجتمعية الذي يشمل جميع الخدمات الضرورية للمواطنين داخل المدينة وخارجها وهو يقدم خدمات متنوعة تساهم في عودة الحياة إلى مدينة الكرك.
ورغما من كون هذه القرارات جاءت لحماية الحركة التجارية بالكرك إلا أن بعض التجار لم يعجبهم القرار وخصوصا تجار الذهب الذين يطالبون بمنع الجميع أو السماح للجميع.
ويعتبر تاجر الذهب عمر زكريا أن مسؤولية إعادة إحياء مدينة الكرك القديمة والتاريخية تقع على عاتق الأطراف المختلفة الرسمية والشعبية، مشددا على أهمية أن تكون جميع القرارات صارمة بحق الجميع دون استثناء.
وأكد أن هناك أسبابا عديدة لتفريغ المدينة من السكان والمواطنين المتسوقين وأهم الأسباب هو خلوها من مواقف المركبات بحيث أصبح من الصعب على السكان والمتسوقين إيجاد موقف للمركبة، إضافة إلى عدم وجود مؤسسات خدمية فيها وغياب النظافة العامة والبسطات التي احتلت كل موقع بوسط المدينة.
وأشار رئيس ملتقى الكرك للفعاليات الشعبية السابق خالد الضمور إلى أن الملتقى منذ سنوات عديدة وحرصا على إبقاء ألق المدينة التي تعتبر الأقدم في المملكة، أطلق نداء للتحذير من خلو المدينة من السكان والحركة التجارية وهي التي تستحق أن يكون حالها أفضل مما هي عليه الآن.
وأشار إلى أن هناك عملية إخلاء جماعي للمدينة من السكان والمؤسسات وكل شخص يلقي بالمسؤولية على الآخر في حين أن المسؤولية هي جماعية وتقع على كافة الأطراف التي ساهمت في الوصول لهذه الحال المؤلم لمدينة الكرك، والتي تظهر خالية من السكان والمواطنين في أوقات عديدة ويمكن أن ترى أحياء كاملة باتت خالية تماما من سكانها، مشددا على أن إجراءات البلدية الأخيرة من شأنها أن تعيد الحياة مجددا للمدينة وتمنع تحولها إلى مدينة مهجورة نهائيا.
وقال الناشط هيثم هلسا، إن حال مدينة الكرك أصبح صعبا ومؤلما بشكل حقيقي، ويدعو للقلق لما وصلت اليها المدينة القديمة، وخصوصا مع تدمير وتخريب العديد من المنازل التراثية بمدينة الكرك، لافتا إلى أن مسؤولية وقف تردي وضع المدينة يتطلب أن يبادر كل شخص يملك بيتا في الكرك القديمة بترميمه وقضاء يوم العطلة والأعياد فيه.
وبين أن المدينة بحاجة إلى إجراءات أكثر من تلك التي أعلنتها البلدية من قبيل قيام النوادي والمؤسسات الثقافية والأهلية باستئجار البيوت غير المستعملة والمهجورة وتقيم نشاطاتها فيها. وأشار إلى اهمية استثمار مختلف المواقع لمصالح تجارية وخصوصا وأن البلدية قررت إعفاء التجار من بدلات الترخيص ومزاولة المهن لمن يستغل بيتا قديما.
وأضاف ان على أصحاب المحال التجارية عدم الانتقال إلى أماكن أخرى لتعود حركة التسوق من جديد داخل مدينة الكرك وخصوصا وأن هناك مواقف للمركبات داخل مجمع هزاع التجاري إضافة إلى منع اصطفاف المركبات داخل المدينة داخل الشوارع الرئيسية والتجارية.