المفرق- في قلب الصحراء الأردنية، حيث تلتقي أصالة التراث بتحديات العصر، يقف مربو المواشي في محافظة المفرق كحراس لتاريخ طويل من الزراعة وتربية المواشي، وسط جملة من التحديات التي يواجهونها في مجال عملهم، إلا أن الأمل ينبعث في نفوسهم مع كل دورة من دورات مهرجان الأغنام والماعز التي انعقدت الثانية منها قبل أيام، حيث تحيا الآمال بفرص جديدة لتحسين أوضاعهم وتعزيز دورهم الحيوي في دعم الاقتصاد المحلي وتحقيق الأمن الغذائي.
ومعروف أن محافظة المفرق، تعد من المناطق الحيوية في الأردن لتربية المواشي، حيث يعتمد جزء كبير من سكانها على هذا النشاط كمصدر رئيسي للدخل، بينما تتنوع التحديات التي تواجه المربين، ومنها ندرة المياه إذ يشكل نقص المياه تحديا كبيرا، يؤثر على الزراعة وتربية المواشي على حد سواء، بالإضافة إلى معاناة المربين من الارتفاع المستمر لتكاليف العلف، مما يزيد من تكاليف الإنتاج، فضلا عن نقص الخدمات البيطرية، إذ تحتاج المنطقة إلى المزيد من الخدمات البيطرية المتخصصة لضمان صحة المواشي وجودة الإنتاج.
ووفق مربي المواشي أيمن نويري، الذي شارك في فعاليات مهرجان الأغنام والماعز، فإن "مربي المواشي يعانون من مشكلة كبيرة تتعلق بالأعلاف، وهذه المشكلة تشكل عبئا كبيرا على المزارعين ومربي الماشية، حيث لا يحصلون على كود من وزارة الزراعة يتيح لهم الحصول على الأعلاف بأسعار مدعومة".
وأشار إلى أن "أسعار الشعير تتقلب بشكل مستمر، حيث تصل أحيانا إلى 10 دنانير للشوال الواحد الذي يزن ما يقارب 50 كيلوغراما، وأحيانا أخرى إلى 10.5 أو 11 دينارا، مما يضعهم في مواجهة تحديات مالية كبيرة".
وأضاف نويري، أن "المهرجان كان فرصة ذهبية لاكتشاف سلالات جديدة من الأغنام والتعرف على تجار جدد، وهو ما يمكن أن يساهم في تحسين أوضاعهم"، لافتا بهذا الصدد، إلى معاناة مربي المواشي من قلة الأسواق، حيث يتم البيع عادة من خلال المزادات، وهي قليلة جدا في الأردن".
وأوضح أنه من سكان الزرقاء فيضطر للنزول إلى البقعة لبيع الأغنام، لكنه أكد أن المزاد الذي أقيم في المهرجان اليوم كان نافذة ممتازة للتعرف على أسواق جديدة، وأن مشاركته الأولى في المهرجان كانت فرصة قيمة للتواصل مع تجار جدد والاستفادة من الخبرات المتبادلة.
أما أحمد الصيفي، وهو مربي مواش شامية، ومن المشاركين أيضا في المهرجان، فيقول إنه "يعاني من تحديات عديدة، أبرزها ارتفاع أسعار الأعلاف وصعوبة التسويق"، مؤكدا في المقابل أن المهرجان يمثل فرصة مهمة للترويج لمواشيه الشامية وتسويقها بشكل أوسع.
وشارك الصيفي في المهرجان وعرض أغنامه وماشيته، كما شارك في المزاد ومسابقات الفحول، حيث حصل على المركز الرابع، وأكد أن مشاركته في هذا المهرجان ليست الأولى، فهو يسعى دوما للاستفادة من الفرص المتاحة للتواصل.
وبحسب المهندس ناصر الدغمي، مدير مديرية الزراعة في لواء البادية الشمالية الغربية بالوكالة: "يعد هذا المهرجان فرصة مهمة لتعريف المجتمع بأهمية قطاع الثروة الحيوانية والتحديات التي يواجهها، وللاحتفاء بالنجاحات التي حققها مربو الأغنام والماعز بفضل جهودهم الكبيرة والتزامهم".
وأضاف الدغمي، "كما يهدف المهرجان إلى تعزيز التفاهم والتعاون بين مختلف الجهات المعنية لضمان مستقبل مزدهر ومستدام لهذا القطاع. نحن ملتزمون بمواصلة العمل مع جميع الشركاء لتحقيق الأهداف المشتركة، ونسعى دائما إلى تبني الابتكارات والحلول المستدامة التي تسهم في تطوير قطاع الثروة الحيوانية، حيث يمثل هذا المهرجان بداية جديدة لمزيد من التعاون والنجاح، ونتطلع إلى تحقيق إنجازات أكبر في المستقبل".
ومن وجهة نظر المهندسة كاتلينا الحراحشة، رئيس شعبة التنمية الريفية وتمكين المرأة في مديرية زراعة محافظة المفرق، فإن "مهرجان الأغنام والماعز يأتي في وقت حاسم تحتاج فيه محافظتنا إلى تعزيز الهوية الزراعية والترويج للمنتجات المحلية"، مضيفة أن "تربية الأغنام والماعز ليست مجرد نشاط اقتصادي، بل تشكل جزءا أساسيا من ثقافتنا وتراثنا، وتلعب دورا محوريا في استدامة المجتمعات الريفية، فمن خلال هذا المهرجان، نحن نسعى لتسليط الضوء على أهمية هذه الأنشطة في دعم الاقتصاد المحلي وتعزيز التراث الثقافي الذي نعتز به".
ولا يقتصر دور المهرجان على ما سبق، ذلك أنه يبرز أيضا دور سيدات المجتمع المحلي في المشاركة الفعّالة، حيث قدمن منتجات غذائية عالية الجودة تسهم في تعزيز الترويج للمنتجات المحلية، بينما لا تقتصر مساهماتهن على تعزيز الاقتصاد المحلي فحسب، بل تعكس أيضا التزامهن بالحفاظ على التراث الثقافي والممارسات التقليدية، وهذه المشاركة تدعم كذلك أهداف المهرجان في تعزيز التنمية المستدامة وتعزيز قدرة المجتمع المحلي على المساهمة الفعالة في القطاع الزراعي.
تصف هالة العناسوة، صاحبة مشروع تصنيع الشوكولاتة، مشاركتها في مهرجان الأغنام والماعز بالقول: "يمثل هذا المهرجان فرصة بارزة لعرض إبداعي في مجال تصنيع الشوكولاتة، رغم التحديات التي نواجهها مثل ضعف التسويق.
إن التواجد في هذا الحدث يتيح لي فرصة فريدة للتواصل مع الجمهور وتعريفهم بجودة منتجاتي، مما يسهم في تعزيز ظهور مشروعي وتوسيع قاعدة عملائي".
وبالنسبة لعبدالرحمن بسام، وهو صاحب مشروع مزرعة زعفران الأردن، فإن "مهرجان الأغنام والماعز، يعد فرصة رائعة لعرض مشروع مزرعة الزعفران الذي أعمل عليه. ومن خلال هذا الحدث، أستطيع تقديم لمحة عن جودة الزعفران الأردني والتفاعل مع الحضور لتعريفهم بفوائد هذا المنتج الفريد".
وأضاف بسام، "رغم التحديات التي تواجهنا، مثل تأمين الموارد والاهتمام بالتسويق، فإن المهرجان يتيح لي الفرصة للتواصل مع مستثمرين وتجّار جدد، مما يعزز من فرص نجاح المشروع ويدعم جهودنا في تطوير الزراعة المحلية وتحقيق أهدافنا في توفير منتجات ذات جودة عالية للسوق الأردني".
ويُنظر إلى مهرجان الأغنام والماعز، بوصفه فرصة ذهبية لتسليط الضوء على الجهود المبذولة لدعم هذا القطاع الحيوي وتعزيز التعاون بين جميع الأطراف المعنية، مما يسهم في ضمان مستقبل أفضل لمربي المواشي والمجتمع المحلي ككل، لا سيما أن الاستثمار في تطوير البنية التحتية وتقديم الدعم اللازم للمربين يعدان السبيل لتحقيق الاستدامة الاقتصادية والاجتماعية في محافظة المفرق، وضمان استمرار هذا التراث الزراعي الأصيل من خلال تعزيز هذه المبادرات وتنظيم فعاليات مماثلة، والسير بخطوات ثابتة نحو تعزيز قدرة هذا القطاع على الصمود والازدهار، مما يعكس حجم الالتزام العميق بدعم التنمية المستدامة وحماية التراث الزراعي.
اقرأ أيضا:
المفرق تتحضر لمهرجان "الأغنام والماعز" الثاني