إيران توشك أن تصبح دولة نووية.. وخيارات بايدن كلها سيئة

مفاعل بوشهر "الكهروذري" جنوب إيران - (أرشيفية)
مفاعل بوشهر "الكهروذري" جنوب إيران - (أرشيفية)
 فيما حذر محللون من أن إيران باتت راهنا على أعتاب أن تصبح دولة نووية، حملوا على إدارة الرئيس الاميركي جو بايدن في طريقة تعاطي البيت الأبيض مع هذا الحال.اضافة اعلان
الباحث في شؤون الشرق الأوسط  في مركز "ناشونال إنترست" غريغ بريدي في مقال بالمجلة إلى أنه أضحى جليا في الآونة الأخيرة أن هناك جهدا أوسع نطاقا لتحفيز إيران على إبطاء وتيرة برنامجها لتخصيب اليورانيوم وخفض التوترات في الشرق الأوسط.
وأوضح أن الهدف من ذلك هو بناء "تفاهمات" غير رسمية مع إيران عن طريق إبلاغها بـ"الخطوط الحمراء" الأميركية، والتخفيف الواضح من وطأة العقوبات التي تستهدف صادرات النفط الإيرانية بدل التفاوض على اتفاق رسمي، والذي من شأنه أن يخضع لقانون مراجعة الاتفاق النووي الإيراني من قبل الكونغرس.
ويعتقد الكاتب أن هذا النهج لن يحظى بدعم علني كبير من الطبقة السياسية في واشنطن من كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري.
ومع ذلك، ففي ظل عدم وجود بدائل أفضل، فإن ذلك النهج يعد فرصة أمام إدارة بايدن للحد من تصاعد الأزمة مع إيران "والتصدي لتحركات السعودية الرامية إلى رفع أسعار النفط، وكلاهما قد يقوِّض مسعى بايدن لإعادة انتخابه في 2024".
ووفق المقال، فإن نتائج هذه الجهود على المسار النووي الإيراني ما تزال "متواضعة" حتى الآن.
ويرى بريدي في مقاله أن إدارة بايدن التزمت حتى الآن الصمت إزاء مباحثاتها غير المباشرة مع إيران، ولم تعترف بأي صفقة تربط امتناع إيران عن تخصيب اليورانيوم وإيقافها هجمات "وكلائها"، بــ"التسامح" الأميركي البائن بشأن إنفاذ العقوبات.
بيد أنه من غير المرجح برأي الكاتب أن تحث إدارة بايدن إيران على التراجع عن برنامجها النووي إلى مستوى قريب من القيود المفروضة عليها بموجب خطة العمل المشتركة.
وأعرب بريدي عن أسفه، إذ إن إيران باتت على مشارف أن تصبح دولة نووية، "وهي وضعية لا يمكن تغييرها إلى الأبد، حتى لو اندلع صراع عسكري".
وكان أستاذ كرسي هنري كيسنجر للشؤون العالمية في كلية الدراسات الدولية المتقدمة بجامعة جونز هوبكنز هال براندز، أشار في تحليل سابق، إلى أن الرئيس الأميركي  جو بادين كان يسعى في البداية لتخفيف التوتر مع روسيا وإيران حتى تتمكن الولايات المتحدة من التركيز على الصين. وفي 2021 قال إنه يسعى إلى علاقات "مستقرة ويمكن التنبؤ بتطوراتها" مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، وقال إنه يسعى للوصول لاتفاق نووي "أطول مدى وأقوى" من الاتفاق النووي الإيراني الحالي المعروف باسم "خطة العمل المشتركة الشاملة". ولكن الأمور مع موسكو لم تمض كما أراد بايدن، وكذلك الأمور مع طهران.
فقد وصلت إيران إلى تخصيب كمية من اليورانيوم بنسبة 84 % ، وهو ما يقل قليلا عن النسبة المطلوبة لإنتاج القنبلة النووية، وهي 90 %. ورغم أن أغلب مخزون اليورانيوم لدى إيران مخصب بنسبة 60 % فقط فإن إيران تسابق الوقت، ولن تحتاج إلى فترة طويلة حتى تتمكن من امتلاك اليورانيوم اللازم لتصنيع القنبلة إذا أرادت ذلك، وربما خلال أقل من أسبوعين.
ويرى براندز أن إيران تتحرك ببطء نحو خط النهاية، ورغم ذلك فقد أصبحت على عتبة نادي الدول النووية، في حين يفتقد بايدن للخيارات الدبلوماسية الفعالة لكبح جماحها.
فمفاوضات إحياء الاتفاق النووي، الذي انسحب منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، لم تصل لأي نتيجة حتى الآن. ومن غير المحتمل أن تعود إيران، التي أصبحت أكثر تشددا، إلى نفس الاتفاق النووي الذي انسحبت منه الولايات المتحدة من جانب واحد، إلا إذا حصلت على بعض المكاسب. في المقابل من غير المحتمل أن يقبل بايدن باتفاق أضعف، من وجهة النظر الأميركية، عن الاتفاق الأصلي. لذلك فإمكانية الوصول إلى حل دبلوماسي تتراجع بشدة.
وما يحدث بعد ذلك سيكون إكراها شديدا. فآخر شيء يريده بايدن هو حرب أميركية جديدة في الشرق الأوسط، لذلك ربما  سيظل يعتقد أن شن ضربات أميركية على المنشآت النووية الإيرانية خيار أخير. والاحتمال الأقوى هو قيام الولايات المتحدة وإسرائيل بتشديد الضغط على إيران دون الوصول إلى حالة الحرب، بما يضمن إبطاء سرعة البرنامج النووي الإيراني أو وقفه.
وهناك أيضا العديد من الخيارات الأخرى، منها  الهجمات السيبرانية، أو عمليات التخريب السرية  ضد البرنامج النووي الإيراني، والقيام بهجمات عسكرية محدودة، وتشديد العقوبات الأميركية ضد إيران، والعمل على إحياء العقوبات الدولية عليها، والتي تم إلغاؤها عقب التوصل للاتفاق النووي عام 2015.
 وتشير الولايات المتحدة وإسرائيل إلى استعدادهما للقيام بما هو أكبر من ذلك ضد إيران إذا لزم الأمر. ففي كانون الثاني (يناير) الماضي أجرت القوات الأميركية والإسرائيلية أكبر تدريب عسكري مشترك، تضمن الكثير من المهام التي يمكن تنفيذها ضد البرنامج النووي الإيراني. ويؤكد المسؤولون الإسرائيليون باستمرار رفضهم القاطع لامتلاك إيران قنبلة نووية، ويقول المسؤولون الأميركيون إنهم لن يقيدوا أيدي إسرائيل في هذه الحالة.
ويقول براندز، الباحث المقيم في معهد أميركان إنتربرايز، إنه رغم خطورة امتلاك إيران للقنبلة النووية، فإن محاولات منعها من الوصول لهذا الهدف تنطوي على مخاطر كبيرة.
من غير المحتمل أن يقبل بايدن باتفاق أضعف، من وجهة النظر الأميركية، عن الاتفاق الأصلي. لذلك فإمكانية الوصول إلى حل دبلوماسي تتراجع بشدة.
ويرى براندز أن إيران لن تقف مكتوفة الأيدي، بينما أعداؤها يكثفون الضغط عليها. وربما ترد على اي استهداف لها بطرق عنيفة ومثيرة للاضطرابات في الإقليم ككل، مضيفا أن هناك خطر آخر يواجه أي تحرك أميركي ضد إيران، وهو أن روسيا إحدى الدول الموقعة على الاتفاق النووي لن تساعد في تشديد الضغوط على طهران. ليس هذا فحسب، بل ربما ترى موسكو أن تورط واشنطن في حرب ضد إيران سيفيدها لأنه  يشتت اهتمام أميركا بعيدا عن الحرب الروسية ضد أوكرانيا.-(وكالات)