تعرّف على أبرز الانتفاضات الطلابية التي غيرت العالم

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

"إنها ثورة، ثورة يقودها الطلبة"، هكذا وصف رئيس الحكومة الانتقالية في بنغلادش محمد يونس الوضع في بلاده بعد أسابيع تحولت فيها الاحتجاجات إلى انتفاضة واسعة النطاق أجبرت رئيسة الوزراء السابقة الشيخة حسينة (76 عاما) على الفرار وترك منصبها لينتهي عهدها الذي استمر 15 عاما.

اضافة اعلان


بدأت المظاهرات سلمية قبل أسابيع وكان يقودها في المقام الأول الطلاب المحبطون من نظام الحصص الذي يحتفظ ببعض الوظائف في القطاع العام للمحاربين القدامى في حرب استقلال بنجلاديش عام 1971، والذي ينظر إليه باعتباره محاباة لحلفاء الحزب الحاكم.


وتحولت الاحتجاجات إلى العنف في 15 يوليو الماضي عندما اشتبك الطلاب المحتجون مع مسؤولي الأمن والناشطين المؤيدين للحكومة، مما جعلها تتطور إلى حملة للإطاحة بحسينة، التي فازت بولاية رابعة على التوالي في يناير، في انتخابات قاطعها حزب بنغلادش الوطني، وهو حزب المعارضة الرئيسي في البلادبزعامة منافستها رئيسة الوزراء السابقة خالدة ضياء.


وعانت بنغلادش، التي كانت ذات يوم واحدة من أسرع الاقتصادات نموا في العالم، في الآونة الأخيرة من تباطؤ النمو الاقتصادي والتضخم والبطالة.


وفرت حسينة بعد الاضطرابات التي قُتل خلالها ما يقرب من 300 شخص، بما في ذلك الطلاب وضباط الشرطة.


وأصبحت ثورة الطلاب في بنغلادش أحدث الانتفاضات التي قادها الشباب وأسقطت حكومات أو أجبرتها على تغيير السياسات.
وفيما يلي أبرز الاحتجاجات الطلابية التي غيرت التاريخ:


سريلانكا.. مخيم على اسم مسرحية

 


كما حدث في بنغلادش، تمكنت الاحتجاجات الواسعة النطاق في سريلانكا في عام 2022 من إسقاط الحكومة، بعد أن لعب الشباب دورا رئيسيا فيها.


تحولت المظاهرات المتفرقة إلى احتجاجات استمرت شهورًا بدأت في مارس 2022 مع تفاقم الأزمة الاقتصادية في الدولة الجزيرة الواقعة في المحيط الهندي، مما أدى إلى نقص الوقود وغاز الطهي وغيرها من الضروريات بالإضافة إلى انقطاع التيار الكهربائي لفترة طويلة.

في أبريل، احتل المتظاهرون بقيادة طلاب الجامعات وغيرهم من الشباب ساحة مجاورة لمكتب الرئيس غوتابايا راجاباكسا في العاصمة كولومبو، مطالبين باستقالته وحكومته.


انضم مزيد من الناس يوميا، وأقاموا معسكرا من الخيام أطلق عليه "غوتا غو غاما" على اسم مسرحية.


كان موقع الاحتجاج سلميا، حيث قدم المنظمون الطعام والمياه والمراحيض وحتى الرعاية الطبية للناس مجانا.


وكان قادة المعسكر، الذين كان العديد منهم من طلاب الجامعات، يعقدون إحاطات إعلامية يومية ويلقون خطابات منتظمة، بينما كان الحشد يستمتع بالفرق الموسيقية والمسرحيات.


وتحت الضغط، استقال العديد من الوزراء، لكن الرئيس راجاباكسا وشقيقه الأكبر، رئيس الوزراء ماهيندا راجاباكسا، بقيا في مناصبهما.


في مايو، هاجم أنصار راجاباكسا معسكر الاحتجاج، مما أثار إدانة واسعة النطاق من جميع أنحاء البلاد وأجبر رئيس الوزراء على الاستقالة.
تمسك غوتابايا راجاباكسا بالسلطة حتى يوليو، عندما اقتحم المتظاهرون مقر إقامته الرسمي، مما أجبره على الفرار من البلاد. بعد اللجوء المؤقت إلى جزر المالديف، ثم استقال في وقت لاحق.


وحاول خلف راجاباكسا، رانيل ويكرمسينغي، استعادة النظام بسرعة من خلال إصدار أوامر للشرطة بتوقيف قادة الحركة الاحتجاجية، كما تمكن من معالجة النقص في الغذاء والوقود والأدوية.


وعادت البلاد إلى النمو الاقتصادي وتم احتواء التضخم حاليا بعدما بلغ ذروته مسجلا حوالي 70 بالمئة في سبتمبر 2022.


ومع ذلك، تستمر الشكاوى بشأن ارتفاع الضرائب وفواتير الكهرباء التي تشكل جزءًا من جهود الحكومة الجديدة لتلبية شروط قرض صندوق النقد الدولي.


وسوف يترشح الرئيس السريلانكي رانيل ويكريميسينغه (75 عامًا) ونجل رئيس الوزراء السابق نامال راجاباكسا في الانتخابات الرئاسية في سبتمبر المقبل.


إندونيسيا.. اعتصام جامعة يقود إلى استقالة سوهارتو

 


قُتل نصف مليون من الشيوعيين والمناصرين في 1965 و1966 في مجازر مخطط لها مع وصول محمد سوهارتو الى السلطة، وهو من أشد المعارضين للشيوعية.


أدت عمليات القتل إلى القIضاء على الحزب الشيوعي الإندونيسي المحظور اليوم، والذي كان آنذاك أحد أهم الأحزاب الشيوعية في العالم بعد الصين والاتحاد السوفياتي.

وبعد أن حكم البلاد لثلاثين عاما، انتفض الطلاب في جامعة تريساكتي كجزء من الطلاب في عموم إندونيسيا في حركة احتجاج سلمية للمطالبة بالإصلاح بسبب الأزمة المالية التي كانت تعصف بالدولة، بحسب موقع الجامعة على الإنترنت.


وصلت الحركة إلى ذروتها عندما قتل أربعة طلاب في جامعة تريساكتي في 12 مايو 1998، عندما قمعت الشرطة التظاهرات بعنف، مما أدى إلى اتساعها خارج نطاق الجامعة ومقتل مئات، ثم سقوط النظام الحاكم في 21 مايو 1998.


ولإحياء ذكرى المأساة تم وضع المتحف في بهو مبنى الدكتور سياريف ثاجب في حرم جامعة تريساكتي في غروغول غرب جاكرتا.


ساحة  تيانانمن الصينية.. مواجهة الطلاب بالدبابات

 


لا تزال الصين تحاول استهداف كل من يحاول إحياء ذكرى الضحايا الذين سقطوا في ساحة "تيانانمن" في بكين عام 1989، حين سحق النظام الصيني بالدبابات والجنود تظاهرات طلابية كانت تطالب بالديموقراطية.

ففي الرابع من يونيو 1989 أرسل النظام الشيوعي الدبابات والجنود لسحق تظاهرات طالبية استمرّت أسابيع.
وتتراوح تقديرات مختلفة لأعداد ضحايا تلك المجزرة بين مئات القتلى وآلاف منهم.

وترفض الحكومة منذ ذلك الحين الحديث عن عدد من قتلوا هناك، ويمنع الحديث على الإنترنت عن تلك الأحداث.


ويتجمع عشرات الآلاف سنوياً في هونغ كونغ التي تتمتع بإدارة شبه ذاتية لإحياء الذكرى، لكن أي ذكر للتظاهرات المطالبة بالديموقراطية ممنوع بشدّة.


ويحظر كذلك ذكر اسم يوان على موقع "ويبو" الصيني للتغريدات ولا يمكن العثور على اسمه عند وضعه في محرك البحث تماشياً مع "القانون".


وفي يونيو الماضي، اتهمت منظمة العفو الدولية (أمنستي) ا بكين باستهداف صينيين يتابعون دراساتهم في الخارج على خلفية نشاطهم السياسي، مشيرة الى أن عائلاتهم في الصين تلقت تهديدات بعد مشاركتهم في مراسم خارج البلاد مثل إحياء ذكرى القمع الدامي في ساحة تيانانمن عام 1989.


الثورة المخملية في تشيكوسلوفاكيا

 


مع ترنح الحكومات الشيوعية في أوروبا الشرقية في عام 1989، اندلعت مظاهرات واسعة النطاق في تشيكوسلوفاكيا بعد أن قمعت شرطة مكافحة الشغب احتجاجا طلابيا في براغ في 17 نوفمبر بعد سقوط جدار برلين بأربعة أيام.
في 20 نوفمبر، ومع تنامي الاحتجاجات المناهضة للشيوعية، انضم إلى الطلاب عشرات آخرون وخرج نحو نصف مليون شخص إلى شوارع براغ.


أطلق على الاحتجاجات اسم "الثورة المخملية" بسبب طبيعتها غير العنيفة، وأدت إلى استقالة قيادة الحزب الشيوعي في 28 نوفمبر.
في عام 1992، انقسمت تشيكوسلوفاكيا سلميا إلى بلدين، جمهورية التشيك وسلوفاكيا.


انتفاضة سويتو في جنوب أفريقيا

 


في النضال الذي دام عقودًا ضد حكم الأقلية البيضاء في جنوب أفريقيا، جاءت لحظة محورية في عام 1976 في منطقة سويتو في جوهانسبرغ.


فبعد سلسلة من الاحتجاجات التي بدأت في 16 يونيو، نزل طلاب سود من مدارس متعددة إلى الشوارع للاحتجاج بشكل سلمي على إجبارهم على الدراسة باللغة الأفريكانية، وهي اللغة الهولندية التي كان الحكام البيض يستخدمونها في تصميم نظام القمع العنصري المعروف باسم الفصل العنصري.

وانتشرت الاحتجاجات إلى مناطق أخرى في جنوب أفريقيا، فأصبحت نقطة اشتعال للغضب إزاء نظام حرم الأغلبية السوداء في البلاد من التعليم الكافي، والحق في التصويت، وغير ذلك من الحقوق الأساسية.


لكن تم قمع هذه الاحتجاجات بشكل دام، مما أدى إلى مقتل مئات المحتجين بحسب التقديرات، وفق "أسوشيتد برس".


ونجحت جنوب أفريقيا لاحقا في تمكين الديمقراطية من خلال انتخابات حكم الأغلبية في عام 1994، وأصبح يوم 16 يونيو عطلة وطنية.


مظاهرات الطلاب في أميركا ضد حرب فيتنام

 


كان الطلاب الأميركيون يحتجون منذ فترة طويلة على تورط الولايات المتحدة في فيتنام عندما أذن الرئيس ريتشارد نيكسون بشن هجمات على كمبوديا المحايدة في أبريل 1970، الأمر الذي أدى إلى توسيع الصراع في محاولة لقطع خطوط إمداد العدو.


وفي الرابع من مايو، تجمع مئات الطلاب في جامعة كينت في ولاية أوهايو للاحتجاج على قصف كمبوديا، واستدعت السلطات الحرس الوطني في أوهايو لتفريق الحشد.

وبعد فشلهم في فض الاحتجاج باستخدام الغاز المسيل للدموع، تقدم الحرس الوطني وأطلق بعضهم النار على الحشد، مما أسفر عن مقتل أربعة طلاب وإصابة تسعة آخرين وإطلاق العنان لموجة من الاضطرابات في أنحاء البلاد.


بحلول عام 1970، كانت حرب فيتنام قد أكملت خمس سنوات، وأعلن الرئيس آنذاك الجمهوري ريتشارد نيكسون توسيع نطاق الحرب لتشمل كمبوديا. وبحلول نهاية عام 1970، كان قد تم تجنيد ما يقرب من 1.8 مليون شاب أميركي، ولقي ما يقرب من 30 ألفا حتفهم، وفق وكالة رويترز.


وبحسب الوكالة، فقد تلقت الحركة المناهضة لحرب فيتنام زخما من التغطية الإعلامية للصراع، الذي أطلق عليه "الحرب التلفزيونية" الأولى للولايات المتحدة، مع البث اليومي لصور جثث الجنود القتلى العائدين إلى البلاد. ويحظر الجيش الأميركي الآن هذه الصور.

وقد أشعلت شرارة إضراب شارك فيه أربعة ملايين طالب في جميع أنحاء الولايات المتحدة، مما أدى إلى إغلاق حوالي 900 كلية وجامعة مؤقتا. ويزعم المؤرخون أن الأحداث لعبت أيضا دورا محوريا في تحويل الرأي العام ضد الصراع في جنوب شرق آسيا، بحسب "أسوشيتد برس".


"الوردة البيضاء".. المقاومة الطلابية للنظام النازي

 


شكل طلاب في جامعة ميونيخ مجموعة مقاومة صغيرة للنظام النازي من خلال المنشورات تحت اسم "الوردة البيضاء".
كانت المجموعة تضم الأشقاء هانز وصوفي شول، وزملاءهما الطلاب ألكسندر شموريل، وويلي غراف، وكريستوف بروبست، وأستاذ الفلسفة وعلم الموسيقى في جامعة ميونيح كورت هوبر،  بحسب موقع المتحف الوطني للحرب العالمية الثانية في نيو أورلينز.

ووفق المصدر ذاته، وزع الطلاب ستة بيانات واستخدموا الكتابة على الجدران للتنديد بجرائم النازيين والنظام السياسي، ودعوا فيها إلى مقاومة الدولة النازية، قبل أن تقطع رؤوسهم بسبب هذه المنشورات عام 1943.


بدأ الطلاب في البداية كتابة منشوراتهم على الآلة الكاتبة، ثم طبعوها باستخدام آلة نسخ.


في البداية، وزعوها عن طريق البريد، حيث أرسلوها إلى الأساتذة وبائعي الكتب والمؤلفين والأصدقاء وغيرهم بعد البحث في دفاتر الهاتف عن العناوين وكتبوا كل ظرف بخط اليد.


وفي النهاية، وزعوا آلاف المنشورات، ووصلوا إلى المنازل في جميع أنحاء ألمانيا.


كان الحصول على مثل هذه الكميات الكبيرة من الورق والمظاريف والطوابع في وقت من التقنين الصارم دون إثارة الشكوك تحديا كبيرا، لكن الطلاب تمكنوا من ذلك من خلال إشراك شبكة واسعة النطاق من المؤيدين في المدن والبلدات في أقصى الشمال والجنوب.


كما تم تنشيط هذه الشبكات لتوزيع المنشورات، في محاولة لخداع النظام النازي للاعتقاد بأن "الوردة البيضاء" لديها مواقع في جميع أنحاء البلاد.


الاحتلال البريطاني في مصر.. ميلاد الحركة الطلابية

 


وخلال فترة الاحتلال الإنكليزي لمصر، اهتم مصطفى كامل بتنظيم صفوف طلبة المدارس العليا لدعم الحركة الوطنية بتأسيس "نادى المدارس العليا" عام 1905 بهدف تنمية الوعى السياسى للطلبة، وتعبئتهم ضد الاحتلال البريطانى ضمن شباب الحزب الوطني الذى أسسه، ثم خلفه محمد فريد، بحسب مقال يؤرخ للحركة الطلابية في مصر على موقع "البوابة نيوز".


وفي ثورة 1919، انطلقت المظاهرات المنددة بنفى سعد زغلول من ميدان جامعة القاهرة وسقط فيها العديد من القتلى.


كون الطلاب حينها جهاز شرطة خاصا أطلقوا عليه "البوليس الوطنى" لحماية المظاهرات من المندسين وخاصة مظاهرة النساء الأولى التى شاركت بها طالبات مدرسة السنية، كما شكلوا "الجهاز السري" و"اليد السوداء" وكان لكل منهما دوره فى التحريك والتنظيم وتوزيع المنشورات، بحسب موقع "البوابة".

وفى عام 1935 هبت مظاهرات طلابية حاشدة من ميدان الجامعة حين صرح وزير الخارجية البريطانى فى نوفمبر بأن الحكومة المصرية استشارت الحكومة البريطانية بشأن عودة دستور 1923 فأبدت عدم ملاءمة ذلك، فقامت المظاهرات بالقاهرة وبعض المدن احتجاجا على هذا التصريح.


وتسمى هذه التظاهرات بـ"واقعة كوبري عباس" بسبب المظاهرات التي كانت قد بدأت من ساحة جامعة الملك فؤاد الأول واتجهت إلى القاهرة من خلال كوبري عباس حيث قابلتها الشرطة حينها بالرصاص الحي فقتل بعض الطلاب.


وكان هذا الكوبري شاهدا على عملية قمع جديدة من عناصر الأمن ضد مظاهرات الطلاب في فبراير 1946 حيث خرج الطلاب من نفس الجامعة إلى قصر عابدين للمطالبة بجلاء الإنجليز وقطع المفاوضات مع بريطانيا، "وقامت الشرطة المصرية بفتح "كوبري عباس" بأمر من رئيس الوزراء وزير الداخلية محمود فهمي النقراشي عندما كان يمر من فوقه الطلبة، وأدى ذلك إلى تساقطهم في نهر النيل ووفاتهم غرقًا وإلقاء القبض على من نجى منهم، بحسب صحيفة "الأخبار المسائي" الحكومية المصرية.


واندلعت المظاهرات فى الإسكندرية والزقازيق والمنصورة وأسيوط احتجاجا على مأساة كوبرى عباس وتضامن أعضاء هيئة التدريس بالجامعة مع الطلاب، كما تضامنت معهم اتحادات خريجى الجامعة وخريجى الأزهر وتقرر أن يكون يوم الخميس 21 فبراير "يوم الجلاء".


وفي نفس الشهر خرجت من الأزهر مظاهرة هائلة شاركت فيها الجماهير اتجهت إلى ميدان الأوبرا حيث عقد مؤتمر شعبى اتخذ قرارات بالتمسك بالجلاء عن وادى النيل، وتحرير مصر والسودان، ثم زحفت المظاهرة الكبرى بعد انتهاء المؤتمر إلى ميدان قصر النيل وميدان الإسماعيلية "التحرير الآن"، وتم اعتماد ذلك اليوم ليصبح اليوم العالمي للطالب المصري.