وبعد فوز أردوغان بالرئاسة لخمس سنوات قادمة ما الذي ينتظر تركيا من تحديات في قادم الأيام، أو على مدى ولاية أردوغان للسنوات الخمس المقبلة.
من أبرز التحديات التي سيواجهها أردوغان وفق محللين التحديات الداخلية، ورأسها الوضع الاقتصادي المتدهور، وهو أحد أهم التحديات الداخلية التي يتعين على أردوغان التعامل معه بشكل سريع، لا سيما وأن الاقتصاد التركي يمر بمرحلة حرجة، فقد وصل معدل التضخم رسميا إلى نحو 44 %، لكن كثيرين يشككون في هذا النسبة ويقولون إن معدل التضخم أعلى من ذلك بكثير.
وفي ظل تلك الأوضاع ارتفعت أسعار المواد الغذائية 54 % على أساس سنوي في نيسان (أبريل) الماضي، مع انخفاض معدل التضخم مؤخرا بعد أن بلغ ذروته في تشرين أول (أكتوبر) الماضي عند 85.5 %، وهو أعلى مستوى خلال حكم أردوغان.
وظل التضخم السنوي أكثر من 10 % طوال خمس سنوات تقريبا منذ انتخابات العام 2018. إلا أنه بدأ في الارتفاع بشدة بعد أزمة العملة أواخر العام 2021، التي نجمت وفقا لمحللين عن سلسلة من تخفيضات أسعار الفائدة ضمن سياسة اقتصادية غير تقليدية لأردوغان.
وكانت سنوات أردوغان الأولى نموذجا للنمو الاقتصادي القوي ومشاريع البناء الضخمة، والتزمت تركيا دائما بشروط اتفاقيات القروض مع صندوق النقد الدولي.
غير أن الليرة التركية خسرت 44 % من قيمتها العام 2021 و30 % العام 2022، وذلك بسبب سياسات أردوغان النقدية من جهة، وحرب أوكرانيا والخلافات مع واشنطن من جهة أخرى.
ويحذر سيلفا ديمير ألب، أستاذ الاقتصاد في جامعة كوج في إسطنبول بالقول "إذا استمروا في معدلات فائدة منخفضة، كما أشار أردوغان، فإن الخيار الآخر الوحيد هو قيود أكثر صرامة على رأس المال".
وكان الاقتصاد بعيدا عن أذهان مؤيدي أردوغان، الذين تحدثوا عن فخرهم بمكانته القوية في العالم، وعن موقفه المتشدد في محاربة "الإرهابيين"، ويقصدون بذلك المسلحين الأكراد.
وفي محاولة لجذب أصوات الناخبين في ظل الوضع الاقتصادي المتردي، خاصة الشباب، وعد أردوغان بخلق ستة ملايين وظيفة وتحقيق معدلات نمو عالية وإعطاء دفعة كبيرة للسياحة.
وأكثر أردوغان، الذي رفع الحد الأدنى للأجور ثلاث مرات في غضون سنة، من الوعود السخية خلال حملته الانتخابية ومنها تقديم منح للطلاب الذي فقدوا أقاربهم جراء الزلزال.
ومن التحديات التي سيواجهها الرئيس أردوغان التحديات الخارجية، والذي يعد ملف اللاجئين السوريين أحد أبرز رؤوسها، وهي واحدة من ضمن ثلاث قضايا تشغل بال الشارع التركي.
ووفقا للمفوضية العليا للاجئين، يعيش في تركيا نحو 3.7 مليون لاجئ سوري قدموا إلى البلاد بعد اندلاع الصراع السوري العام 2011.
لكن ممثلي الأحزاب السياسية، لا سيما أحزاب اليمين المتطرف، مثل حزب "الظفر" يقدرون أعدادهم ما بين 3 إلى 5 ملايين لاجئ بحكم أن فئة كبيرة منهم يعيشون بشكل غير شرعي في البلاد وغير مسجلين بقوائم المفوضية العليا للاجئين.
ويرى مراقبون أن ورقة اللاجئين مهمة لدى أحزاب المعارضة استخدمتها لتأليب الشارع والناخبين الأتراك.
وأدى ارتفاع عدد اللاجئين بكثرة إلى خلق نوع من التذمر عند الأتراك الذين حمل معظهم اللاجئين مسؤولية تدهور الاقتصاد وارتفاع الأسعار.
وكان زعيم المعارضة ومنافس أوغلو كليجدار أوغلو، قال إنه سيعمل على إعادة اللاجئين السوريين إلى وطنهم في غضون عامين على أبعد تقدير.
من جانبه سعى الرئيس أردوغان إلى التخفيف من استياء الشارع التركي من الوجود السوري في تركيا، من خلال وعده بالإسراع بالعودة الطوعية لمليون سوري. وأشار أردوغان أن منظمات تركية غير ربحية تقوم ببناء وحدات سكنية في الأجزاء الشمالية من سورية لهذا الغرض.
ومن ضمن التحديات الخارجية المهمة في الولاية الرئاسية الجديدة قضية تحالفات تركيا الدولية غربا وشرقا، وتعد تركيا جزءا من أوروبا، وعضوا مؤسسا في جميع المؤسسات الأوروبية تقريبا بما في ذلك مجلس أوروبا ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا وغيرها، كما أنها جزء من تحالف الغرب الدفاعي حلف شمال الأطلسي "لناتو".
لكن أردوغان وثق علاقات بلاده مع الصين وروسيا أيضا، حيث اشترت بلاده نظام الدفاع الجوي الروسي أس-400، وافتتحت قبل الانتخابات محطة طاقة نووية روسية الصنع، هي الأولى من نوعها في تركيا.
وفيما يدعو أردوغان لأن تتبنى تركيا تحالفات متعددة الأطراف، عبر خصمه في خضم الانتخابات عن رغبته في العودة إلى مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وتعزيز العلاقات العسكرية مع الولايات المتحدة، مع الحفاظ على علاقات تركيا مع روسيا.
وبعد فوزه شن أردوغان هجوما على منافسه قائلا "وداعا كمال" مستشهدا بتراجع عدد المقاعد المخصصة لحزب الشعب الجمهوري في الانتخابات البرلمانية.
أما مرشح المعارضة كليجدار أوغلو فقد تجنب أن يتناول بشكل واضح نتيجة السباق الرئاسي، في الكلمة التي ألقاها بعد إعلان الرئيس أردوغان فوزه بولاية رئاسية جديدة.
وأكد أردوغان أن تركيا تمكنت من التصدي للقيود والعراقيل والدسائس، وأن الشعب التركي نجح في إثبات نضجه.
وأشار إلى أن الانتخابات انتهت وعلينا الآن أن نسخر جهودنا للإنتاج وتوفير الخدمات للشعب وتضميد جروح ضحايا الزلزال، مضيفا أن مواجهة آثار الزلزال والتصدي للتضخم لن يكون بالأمر الصعب.
وكان أردوغان أعرب قبل ذلك عن تقديره للشعب التركي، وقال إنه "كلفني برئاسة الجمهورية لولاية أخرى لخمس سنوات"، مشيرا إلى أن الشعب لم يخيب آمال تحالف الجمهور (بقيادة حزب العدالة والتنمية).
وأكد أردوغان في خطاب له بالقصر الرئاسي بأنقرة بعد الإعلان غير الرسمي للنتائج أن الشعب صوت لصالح مئوية تركيا في هذه الانتخابات، واختار أن يكون معظم نواب البرلمان من تحالف الجمهور.-(وكالات)