الزحف المتهور على بغداد: الدروس الصحيحة والخاطئة من حرب العراق (1 – 2)
لقد دفعنا إلغاء القيود والخصخصة، ونفذنا مهمات تجارية ضخمة لمساعدة الشركات الأميركية على الفوز بعقود كبيرة في الأسواق الناشئة. لقد أصبح تعزيز العولمة الاقتصادية المبدأ المنظم لمعظم سياستنا الخارجية. وكانت الشركات الأميركية شركاء فعليين على طول الطريق”. كان هذا سردًا جيدًا للكيفية التي كانت تنظر بها أجندة النخب الأميركية عبر الفتحات في أسوار الإمبراطورية: قم بإدارة العرض بأفضل ما يمكنك، ولكن لا تهز القارب أكثر مما يجب، بمعنى التصرف بشكل صارخ كرجل العصابات العالمي الرئيسي: تفكيك مجلس الأمن، وتعكير صفو العالم العربي، وإثارة الاضطرابات الشعبية في تركيا، كل ذلك كان يعد هزًا قويًا للقوارب على نطاق خطير. بحلول نهاية المناقشة الوطنية التي دامت نصف عام حول جدوى مهاجمة العراق، كان كبار رجال الأعمال ما يزالون يمضغون أظافرهم ويرتعدون من الأرقام الاقتصادية؛ كانت صحيفة “نيويورك تايمز” ضد الحرب، وفقد جورج الابن دعم والده، الذي أصدر توبيخًا واضحًا خلال جلسة أسئلة وأجوبة أقيمت في تافتس في منتصف الربيع. وبالمثل، أعرب أقرب مساعدي جورج الأب، جيمس بيكر وبرنت سكوكروفت، عن عدم موافقتهم على الحرب. ولكن، في مواجهة هذه المعارضة، أثبتت العوامل السياسية المحلية أنها ذات أهمية قصوى وساحقة. كان مناخ ما بعد 11 أيلول (سبتمبر) يوفر لليمين الأميركي أكبر فرصة له منذ الأيام الأولى لإدارة ريغان، وربما حتى منذ أوائل الخمسينيات لوضع جدول أعماله الأساسي موضع التنفيذ بدأب استخلاص الدم من الحجر: ممارسة السلطة غير المقيدة في الخارج، والتراجع في الداخل عن جميع المكاسب الليبرالية منذ بداية “الصفقة الجديدة”. وليس ذلك فحسب، بل كانت تلك فرصة أيضًا لإحداث تأثير دائم لإضعاف شراء الدعم اليهودي والأموال التي يحتفظ بها الحزب الديمقراطي منذ ترومان. كان هذا القدر واضحًا تمامًا: لقد أمضى المسؤولون الأميركيون سنوات في اتخاذ قرارات، عن علم، والتي أدت إلى موت مئات الآلاف من المدنيين العراقيين الأكثر فقرًا، الذين يعيشون في مهد الحضارة، ومعظمهم من الأطفال. * * كنتُ قد احتفظت بمجموعة من الاقتباسات والأقوال عن حرب العراق لسنوات. وفي ما يلي جرد لهذه الأقوال؛ من الذي قالها، وما الذي قالوه ومتى، وهو ما يوفر نوعًا من التاريخ الشفوي للحرب -في الغالب من وجهة نظر الجناة … ”قال منشق عراقي وصف نفسه بأنه مهندس مدني، إنه عمل شخصيًا في تجديد منشآت سرية للأسلحة البيولوجية والكيميائية والنووية في الآبار الجوفية والفيلات الخاصة وتحت مستشفى صدام حسين في بغداد قبل عام”. - جوديث ميلر، صحيفة “نيويورك تايمز”، 20 كانون الأول (ديسمبر) 2001 ”الدعم الذي يتمتع به صدام، بما في ذلك داخل تنظيمه العسكري، سينهار بعد أول نفحة من البارود”. - ريتشارد بيرل، رئيس مجلس سياسة الدفاع في البنتاغون، 11 تموز (يوليو) 2002 ”ببساطة، ليس هناك شك في أن صدام حسين لديه الآن أسلحة دمار شامل”. - ديك تشيني، 26 آب (أغسطس) 2002 ”كل يوم يبقى فيه صدام في السلطة، مع امتلاك أسلحة كيماوية وبيولوجية وتطوير أسلحة نووية، هو يوم خطر على الولايات المتحدة”. - السناتور جوزيف ليبرمان، 4 أيلول (سبتمبر) 2002 “إذا انتظرنا حتى يتضح الخطر، فقد يكون الأوان قد فات”. - السناتور جوزيف بايدن، 4 أيلول (سبتمبر) 2002 ”شريطة عدم تحديد هويته أو البلد الذي أجريت معه المقابلة فيه، قال أحمد الشمري، وهو اسمه المستعار، إن العراق استمر في تطوير وإنتاج وتخزين العوامل الكيميائية في العديد من المواقع المتنقلة والثابتة في جميع أنحاء البلاد، والكثير منها تحت الأرض”. وقال السيد شمري: “كل العراق هو مرفق تخزين واحد كبير”. - جوديث ميلر ومايكل جوردون، صحيفة “نيويورك تايمز”، 7 أيلول (سبتمبر) 2002 “في الوقت الحالي، يقوم العراق بتوسيع وتحسين المرافق التي كانت تستخدم لإنتاج الأسلحة البيولوجية”. - جورج دبليو بوش، 12 أيلول (سبتمبر) 2002 ”أعلن أمامكم أن العراق خال من جميع الأسلحة النووية والكيميائية والبيولوجية”. - صدام حسين في رسالة إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، 19 أيلول (سبتمبر) 2002 ”سوف أصوت لمنح رئيس الولايات المتحدة سلطة استخدام القوة -إذا لزم الأمر- لنزع سلاح صدام حسين، لأنني أعتقد أن ترسانة فتاكة من أسلحة الدمار الشامل بين يديه تشكل تهديدًا حقيقيًا وخطيرًا لأمننا”. - جون كيري، 9 تشرين الأول (أكتوبر) 2002 ”استمرت حرب الخليج في التسعينيات خمسة أيام على الأرض. لا أستطيع أن أخبركم بما إذا كان استخدام القوة في العراق اليوم سيستمر خمسة أيام أو خمسة أسابيع أو خمسة أشهر. لكنها بالتأكيد لن تستمر لأكثر من ذلك”. - دونالد رامسفيلد، 14 تشرين الثاني (نوفمبر) 2002 ”إذا أعلن أنه لا يملك شيئًا، فسوف نعرف أن صدام حسين يضلل العالم مرة أخرى”. - آري فلايشر، 2 كانون الأول (ديسمبر) 2002 ”تحقق وكالة المخابرات المركزية في اتهام مخبر بأن العراق حصل على سلالة خبيثة بشكل خاص من بكتيريا الجدري من عالم روسي كان يعمل في مختبر للجدري في موسكو خلال الحقبة السوفياتية”. - جوديث ميلر، صحيفة “نيويورك تايمز”، 3 كانون الأول (ديسمبر) 2002 ”نحن نعرف كحقيقة أن هناك أسلحة”. - آري فليتشر، 9 كانون الثاني (يناير) 2003 (يُتبع) *جيفري سانت كلير Jeffrey St. Clair: هو محرر مجلة “كاونتربنش”. ولد في إنديانابوليس بولاية إنديانا والتحق بالجامعة الأميركية في واشنطن العاصمة، وتخصص في اللغة الإنجليزية والتاريخ. عمل كمنظم بيئي وكاتب لشبكة “أصدقاء الأرض”، ومجموعة “العمل من أجل مياه نظيفة”، و”مجلس هوسير” البيئي. في العام 1990، انتقل إلى ولاية أوريغون لتحرير المجلة البيئية Forest Watch. وفي العام 1994، انضم إلى الصحفيين ألكسندر كوبيرن وكين سيلفرشتاين في مجلة “كاونتربنش” التي شارك في تحريرها من 1999 إلى 2012 مع كوبيرن حتى وفاة الأخير في العام 2012. وعمل سانت كلير كمحرر للمجلة منذ العام 2012، وانضم إليه مدير التحرير جوشوا فرانك في العام 2012. في العام 1998، نشر كتابه الأول، مع كوبيرن، Whiteout: the CIA, Drugs and the Press، وهو تاريخ لعلاقات وكالة المخابرات المركزية المزعومة بعصابات المخدرات من الحرب العالمية الثانية إلى المجاهدين والكونترا النيكاراغويين. تبع ذلك “دليل ميداني للأشرار البيئيين” A Field Guide to Environmental Bad Guys (مع جيمس ريدجواي)، ومع كوبيرن، “خمسة أيام هزت العالم: سياتل وما بعدها” Five Days that Shook the World: Seattle and Beyond، و”آل جور: دليل للمستخدم” Al Gore: a User’s Manual. كتب سانت كلير كتاب “ولدت تحت سماء سيئة: ملاحظات من الجانب المظلم من الأرض” Born Under a Bad Sky: Notes from the Dark Side of the Earth. نشر كتابه، “بيرني والساندرنستا: ملاحظات ميدانية من ثورة فاشلة” Bernie and the Sandernistas: Field Notes from a Failed Revolution، في أواخر العام 2016. أحدث كتبه هو ”عربدة اللصوص: النيوبرالية وعيوبها” An Orgy of Thieves: Neoliberalism and Its Discontents (مع ألكسندر كوبيرن). يعيش في مدينة أوريغون بولاية أوريغون الأميركية. *نشر هذا المقال تحت عنوان: American Dream, Global Nightmare: On the Origins of the Iraq War * * هوامش المترجم: (1) ريتشارد نورمان بيرل Richard Norman Perle: (من مواليد 16 أيلول/ سبتمبر 1941) هو مستشار سياسي أميركي شغل منصب مساعد وزير الدفاع للشؤون الاستراتيجية العالمية في عهد الرئيس رونالد ريغان. بدأ حياته السياسية كموظف كبير للسيناتور هنري “سكوب” جاكسون في لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ في السبعينيات. خدم في اللجنة الاستشارية لمجلس سياسة الدفاع من 1987 إلى 2004 حيث شغل منصب الرئيس من 2001 إلى 2003 في ظل إدارة بوش قبل الاستقالة بسبب تضارب المصالح. كان بيرل مستشارًا رئيسيًا لوزير الدفاع دونالد رامسفيلد في إدارة بوش، وكان أحد مهندسي حرب العراق. وادعى في آذار (مارس) 2001 أن نظام صدام حسين يمتلك أسلحة دمار شامل. وُصف بأنه من صقور المحافظين الجدد في قضايا السياسة الخارجية. شارك في العديد من مراكز الفكر، بما في ذلك معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، ومركز السياسة الأمنية، ومعهد أميركان إنتربرايز، ومشروع القرن الأميركي الجديد، والمعهد اليهودي لشؤون الأمن القومي. (2) دوغلاس جاي فيث Douglas Jay Feith: (من مواليد 16 تموز/ يوليو 1953) شغل منصب وكيل وزارة الدفاع للسياسة لرئيس الولايات المتحدة جورج دبليو بوش، من تموز (يوليو) 2001 حتى آب (أغسطس) 2005. وهو زميل أقدم في معهد هدسون، وهو مركز أبحاث محافظ. وُصف بأنه أحد مهندسي حرب العراق. في الفترة التي سبقت الحرب، لعب دورًا رئيسيًا في الترويج للادعاء بأن نظام صدام حسين كانت له علاقة عملياتية مع تنظيم القاعدة (على الرغم من وجود أدلة ضئيلة موثوقة على مثل هذه العلاقة في ذلك الوقت). ووجد تقرير المفتش العام في البنتاغون أن مكتب فيث “طور وأنتج ثم نشر تقييمات استخباراتية بديلة حول العلاقة بين العراق والقاعدة، والتي تضمنت بعض الاستنتاجات التي لا تتفق مع إجماع مجتمع الاستخبارات، لكبار صانعي القرار”. (3) مؤسسة ليندي وهاري برادل، المعروفة باسم مؤسسة برادلي Bradley Foundation، هي مؤسسة خيرية أميركية مقرها في ميلووكي، ويسكونسن، تدعم في المقام الأول قضايا المحافظين. اقرأ أيضا في ترجمات