‏الذخائر العنقودية لن تكسب الحرب في أوكرانيا

بطارية من النظام الصاروخي MLR تطلق النار من على عربة مجنزرة – (أرشيفية) ‏
بطارية من النظام الصاروخي MLR تطلق النار من على عربة مجنزرة – (أرشيفية) ‏

دانيال دافيس – (19-فورتي فايف) 2023/7/8
‏أستطيع أن أؤكد من تجربتي الشخصية أن الذخائر العنقودية قوية جدًا في الحقيقة، ولكنها أيضًا لن تغيّر في حد ذاتها ميزان القوى في الحرب لصالح أوكرانيا.‏
                    *   *   *
‏قررت‏‏ ‏‏إدارة بايدن أخيرا‏‏ السماح بتسليم الذخائر العنقودية لأوكرانيا في حربها المستمرة ضد روسيا. ‏و‏يدعي مؤيدو هذه الخطوة أن هذه الفئة من القنابل فعالة للغاية، وأنها يمكن أن تغير ‏‏قواعد اللعبة‏‏ في الحرب لصالح كييف.‏

اضافة اعلان


أستطيع أن أؤكد من واقع تجربتي الشخصية أن الذخائر العنقودية قوية جدا بالفعل، لكنها أيضًا لن تستطيع في حد ذاتها أن تعدِّل ميزان القوى في الحرب لصالح أوكرانيا.‏ ومن المهم أن نفهم ما يمكن لهذه الذخيرة، وما لا يمكنها، فعله.‏

أطلقت بنفسي ذخائر عنقودية في القتال‏

 

كانت وظيفتي الأولى في الجيش الأميركي في منتصف ثمانينيات القرن العشرين هي الخدمة في طاقم نظام إطلاق الصواريخ المتعددة "إم. إل. آر. أس" (MLRS). وتحمل قاذفة هذه الصواريخ 12 صاروخا في أي لحظة، وتحمل بعض الرؤوس الحربية –مثل نوع الذخائر العنقودية (أم. 77) 466 ذخيرة صغيرة‏، أو قنيبلة.

 

وسوف تسقط هذه القنابل الصغيرة التي بحجم اليد فوق الهدف وتنتشر على مسافة كبيرة، وتمطر كل شيء في المنطقة بانفجارات قوية. والقنبلة العنقودية الأكثر شيوعًا هي الذخيرة التقليدية المحسنة ثنائية الغرض، (DPICM)، لمدافع الهاوتزر من عيار 644 ملم.‏

 

سوف تطير قذيفة  الذخيرة المحسنة ثنائية الغرض من عيار 155 ملم، مثل ابنة عمها "أم. إل. آر. أس"، فوق الهدف ثم تطلق 88 قنبلة صغيرة. وسوف يتم تزويد هذه الذخائر بمفجر لتنفجر فوق سطح الأرض، مما يؤدي إلى سقوط شظايا قاتلة من الفولاذ على القوات أو المركبات ذات الدروع الضعيفة.

 

أما بقية القنابل الصغيرة، فعبارة عن عبوات صغيرة يتم إعدادها لتنفجر متأخرة عند الاصطدام، مرسلة الفولاذ المنصهر إلى الدروع الرقيقة للدبابات وناقلات الجنود المدرعة ضعيفة التحصين. وكما لاحظت في العام 1991، فإن الآثار التي يمكن أن تخلفها هذه القذائف أثناء القتال مدمرة.‏


‏في العام 1991 كنت ضابط دعم ناري في قوات "سلاح الفرسان" في عملية "عاصفة الصحراء". وكانت وظيفتي هناك هي تنسيق نيران المدفعية وقذائف الهاون والصواريخ لخطة مناورة قائد الدبابة بمجرد اتصالنا بالقوات المدرعة العراقية في شمال الكويت.

 

وفي ليلة 26 شباط (فبراير)، قاتلت وحدتي (قوات النسر من‏‏ فوج الفرسان المدرع 2) في ‏‏أكبر معركة دبابات تخوضها القوات الأميركية‏‏ منذ الحرب العالمية الثانية، معركة "إيستنغ 73". في وقت متأخر من تلك الليلة، أمر قائد القوات الأميركية وحدتنا بأن تبقى ثابتة حتى تتمكن فرقتان مدرعتان أميركيتان من المرور عبر خطوطنا لمواصلة القتال.‏


‏ومع ذلك، كان هناك مركز لوجستي للعدو خارج نطاق إصابة دباباتنا في الأمام على جبهتنا، واعتقدَ ضابط استخباراتنا أن هناك كتيبة دبابات أخرى تنتظر في كمين أي وحدة أميركية تحاول المضي قدمًا.

 

ولقمع العدو، قمت بالتنسيق مع قائد المناورة لدينا لشن هجوم كبير بنيران المدفعية بعيدة المدى وإطلاق صواريخ  "أم. إل. آر. أس" على موقع العدو باستخدام الصواريخ المحسنة ثنائية الغرض، وصواريخ "أم 77". ويجب أن تهبط صليات قذائف المدفعية العادية من عيار 155 ملم، والقذائف شديدة الانفجار (HE)، مباشرة فوق دبابة للعدو تقريبا لإعطابها وإخراجها من القتال. وكانت الصواريخ المحسنة ثنائية الغرض، كما لاحظت، أكثر فتكا بكثير.‏


حتى من على بعد أميال عديدة من منطقة الارتطام، كان بإمكاني رؤية الطلقات والشعور بها وهي تتخلل الموقع المستهدف. واكتشفنا لاحقا أن معظم مركبات العدو وأفراده قد دُمروا في هذه الضربة الهائلة. ويبين هذا المثال قدرات وحدود ما يمكن أن تفعله الذخائر العنقودية.‏


تمكنا من إطلاق نيران كثيفة من كتيبة مدفعية بأكملها، وبطارية صواريخ محسنة ثنائية الغرض على الهدف. وكان لدينا "فوج الفرسان" المدرع كاملا في الهجوم، منتشرا على مسافة أكثر من 10 كيلومترات، ويتألف‏‏ من ‏‏دبابات "أبرامز"‏‏، ‏‏ومركبات "برادلي" القتالية‏‏، ‏‏وطائرات عمودية استكشافية وهجومية، مع تواجُد ‏‏طائرات هجومية من طراز A10 ‏‏تحلق‏‏ فوقنا، وفرقتين مدرعتين أميركيتين خلفنا (ناهيك عن القدرة الاستخباراتية لمقر الفيلق الخامس الأميركي). 


وكنا قد تدربنا، كوحدة، لأكثر من عام قبل خوض تلك المعركة الكبيرة. وكنا نقاتل أيضًا في الصحراء المفتوحة حيث لم تكن هناك إمكانية للاختباء وراء أي غطاء.‏


‏وبالإضافة إلى ذلك، كان لدينا طاقم كامل من الجنود وأفراد الطواقم الذين تدربوا لأكثر من عام على مركباتهم القتالية، وكانوا ذوي كفاءة عالية في دباباتهم الفردية ومركبات قتال المشاة. وكان لدينا تدريب إضافي على مستويات الفصيلة، والسرية، والكتيبة، وأخيرا الفوج (اللواء). والأهم من ذلك: كانت لدى قادتنا في كل مستوى -من الفصيلة إلى اللواء- خبرة تتناسب مع مناصبهم: سنة إلى سنتين لقادة الفصائل، وخمس سنوات لقائد السرية، و12 إلى 15 سنة لقائد الكتيبة، و22 سنة لقائد الفوج.‏

لكن أوكرانيا لا تمتلك أيا من هذه المكونات

 

‏على سبيل المثال، كان أحد ألوية النخبة الأوكرانية، اللواء الميكانيكي 47،‏‏ بقيادة ضابط -‏العقيد أولكسندر ساك‏‏ البالغ من العمر 28 عامًا-‏ الذي يتمتع بخبرة مماثلة لملازم متمرس في لواء دبابات أميركي تقريبا.

 

وتم تشكيل وتدريب جميع الألوية الهجومية الأوكرانية تقريبا في غضون أشهر فقط، مع تدريب ابتدائي قدمته دول حلف الناتو نظرا لوجود مزيج من المعدات الغربية الحديثة والسوفياتية القديمة، مع وقت غير كاف بكل وضوح لتشكيل وحدات متماسكة، ناهيك عن تشكيلات الأسلحة المشتركة المنسقة والمجهزة.‏

 

وبذلك، فإن إضافة الذخائر العنقودية من القذائف شديدة الانفجار من عيار 15 ملم القياسية لن تحدث -بغض النظر عن مدى فتكها- فرقًا في نتيجة الهجوم الحالي. سوف تزيد جولات القصف بالقذائف العنقودية من فتك المدفعية الأوكرانية ضد الأعداء الروس، لكنها لن تستطيع وحدها تغيير مسار الحرب. وللأسف، ينطبق الشيء نفسه على طائرات "أف-16" والصواريخ بعيدة المدى التي قد يتم توفيرها لأوكرانيا في وقت لاحق من هذا العام.‏

‏*‏دانيال ‏‏إل ديفيس‏‏ ‏‏Daniel L. Davis، محرر مساهم في موقع 1945. و‏‏هو زميل أقدم لأولويات الدفاع ومقدم سابق في الجيش الأميركي خدم في مناطق القتال خارج الولايات المتحدة أربع مرات. وهو مؤلف كتاب "‏‏الساعة الحادية عشرة‏‏ في أميركا 2020" The Eleventh Hour in 2020 America


*نشر هذا المقال تحت عنوان: I Fired Cluster Munitions In Combat. They Won’t Win The War In Ukraine

 

اقرأ المزيد في ترجمات:

أوكرانيا والنظام العالمي‏