الشرق الأوسط يدور حول الهاوية‏

إيرانيون يشيعون جثمان إسماعيل هنية في طهران - (أرشيفية)
إيرانيون يشيعون جثمان إسماعيل هنية في طهران - (أرشيفية)

هيئة التحرير - (الغارديان) 31/7/2024
‏اغتيال إسماعيل هنية في طهران يقرب المنطقة من الحريق الذي يخشاه الكثيرون منذ أشهر‏.

‏ *   *   *
انطفأت ‏الآمال الخافتة بأن يكون وقف إطلاق النار في غزة قد بات قريبًا في الأفق، في الوقت الحالي على الأقل، بعد ‏‏اغتيال إسماعيل هنية‏‏ في طهران. ولم تعلن إسرائيل مسؤوليتها عن قتل ‏‏الزعيم السياسي لحركة حماس‏‏، لكن المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، كان سريعاً في التعهد بالانتقام.‏

اضافة اعلان


‏جاء ذلك الاغتيال بعد ساعات من إعلان إسرائيل أنها ‏‏قتلت فؤاد شكر‏‏؛ القائد العسكري الأعلى لحزب الله اللبناني، في غارة جوية شنتها في جنوب بيروت. وكانت إسرائيل قد ألقت باللوم على شكر في الهجوم الذي ‏‏أسفر عن مقتل 12 طفلا‏‏ في مرتفعات الجولان المحتلة الأسبوع الماضي.

 

ولم تؤكد الجماعة اللبنانية المتشددة وفاته على الفور؛ فالغموض يترك مجالا للمناورة أيضًا. وإذا أضفنا إلى ذلك ‏‏الضربات الأخيرة التي وجهتها إسرائيل إلى ميناء الحديدة اليمني‏‏، بعد يوم واحد من تهديدها بالانتقام بعد هجوم الحوثيين بطائرة من دون طيار على تل أبيب، فإن ثمة نمطًا واضحًا.‏


‏ولكن، إذا كانت ‏‏إسرائيل تعتقد‏‏ أنها تعيد تأسيس الردع بهذه العمليات، فمن المؤكد أن المزيد من الوفيات ستكون على الطريق. وسوف تأتي أولاً في غزة، ولو أنه من غير المرجح أن يقتصر حدوثها على القطاع. وسارعت قطر، وهي وسيط في الصراع، إلى الإشارة إلى أنه من غير المرجح أن تزدهر محادثات وقف إطلاق النار عندما يموت المفاوض. وكان المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية قد أصدر مؤخرًا مذكرة توقيف ضد هنية بتهمة ارتكاب جرائم حرب.

 

ومع ذلك، كان ينظر إليه على أنه أكثر براغماتية نسبياً من قائد حماس العسكري، يحيى السنوار، وغيره من المتشددين في حماس. ولن يضمن وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن وقف التصعيد، لكن وقف التصعيد لا يمكن أن يحدث من دون ذلك.‏


لن تشعر إيران بأنها تستطيع أن تتجاهل هذا الهجوم الذي وقع بعد وقت قصير من حضور هنية حفل تنصيب ‏‏رئيسها الجديد‏‏، مسعود بزشكيان. وبدلاً من استعراض قوتها من خلال التجمع الكبير لحلفائها، تعرضت طهران للإذلال بسبب فشل استخباراتي صارخ في وقت يشهد تشديدًا للإجراءات الأمنية. ‏


في نقاط الأزمات الأخرى على مدى الأشهر العشرة الماضية -مثلما حدث في نيسان (أبريل)، عندما شنت إيران ‏‏أول هجوم عسكري مباشر لها على إسرائيل‏‏ بعد اغتيال أحد قادتها في دمشق- تم تجنب نشوب حرب إقليمية شاملة. في تلك المرة، جعل اللاعبون ردودهم محسوبة.

 

لكن ذلك لا ينبغي أن يقدم تطمينات زائفة؛ بدلاً من ذلك، سوف يزيد ‏‏كل حادث جديد من منسوب المخاطر‏‏.

 

وربما تتم معايرة كل حركة، ومع ذلك يتوجب أن يتم تعيينها على درجة أعلى من السابقة.

 

وإذا نظرنا أبعد في الميدان، فسنرى‏ الولايات المتحدة وقد نفذت للتو ضربة في العراق رداً على الهجمات الأخيرة التي شنتها على قواعدها الميليشيات المرتبطة بإيران.‏


‏في الأثناء، اضطرت إسرائيل إلى نشر جنود لحراسة مراكز الاحتجاز لديها لأنها ‏‏لا تستطيع الوثوق بالشرطة‏‏ لصد هجوم اليمين المتطرف، بفضل شركاء نتنياهو المتطرفين في الائتلاف. وكان أعضاء في الكنيست ووزراء من بين الغوغاء الذين ‏‏اقتحموا قاعدة عسكرية احتجاجا‏‏ على اعتقال تسعة جنود للاشتباه في قيامهم بتعذيب معتقل فلسطيني والاعتداء عليه جنسياً. هذا النوع من الانهيار الداخلي، ‏‏كما أشارت‏‏ المحللة داليا شيندلين، كان خبرًا مرحبا به لأعداء إسرائيل.‏


‏قبل عام، بوجود قادة سياسيين وعسكريين سابقين من الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أوروبية، أجرى مركز أبحاث في تل أبيب ‏‏"لعبة حرب"‏‏ انتهت إلى نشوب صراع إقليمي واسع النطاق.

 

وخلص أحد المنظمين إلى أنها "لا توجد آلية جيدة لإرسال الرسائل من خلال القوة العسكرية؛ كانت الرسائل تصل محرّفة". ولكن، مع انشغال الولايات المتحدة بقضاياها الداخلية وانشغال أوروبا بأوكرانيا، فإن الجهود الدبلوماسية تتعثر أيضًا. وليس اندلاع حريق إقليمي حتميا.

 

ويدرك المعنيون العواقب الوخيمة التي سيجلبها عليهم مثل ذلك الصراع، أيا كان الفائز.

 

ويمكن، بل ويجب، تجنبه. ومع ذلك، فإن كل هجوم وهجوم مضاد يخلق مسارا جديدا نحو الصراع، ويكدس العقبات على طول الطريق إلى الخروج.‏

*نشر هذا المقال الافتتاحي تحت عنوان: The Guardian on the killing of a Hamas leader: the Middle East

circles the abyss

 

اقرأ المزيد في ترجمات:

الشرق الأوسط يستعد للفوضى مع تصاعد التوتر بين إيران والغرب