زواج القاصرات قد يصبح قانونا في العراق لكنه كارثة عالمية أيضا

طفلتان مع زوجيهما في اليمن، حيث تنتشر ظاهرة زواج القاصرات - (أرشفية)
طفلتان مع زوجيهما في اليمن، حيث تنتشر ظاهرة زواج القاصرات - (أرشفية)

غوردون براون* — (الغارديان)

ترجمة: عبد الرحمن الحسيني


عندما ذهب العراقيون إلى صناديق الاقتراع نهاية نيسان (أبريل)، كان من المرجح أن يؤيدوا الأحزاب التي تخطط لإضفاء صفة الشرعية على زواج الفتيات عند سن التاسعة. واستناداً إلى الفقه الشيعي الإسلامي، كان المجلس الوزاري قد أقر ما يدعى قانون الأحوال الشخصية الجعفرية قبل ثمانية أسابيع. ويصف القانون الفتيات بأنهن يصلن سن البلوع عند سن التاسعة، وأنهن تبعاً لذلك يكن مؤهلات للزواج. أما عمر الزواج القانوني الحالي، فهو 18 عاماً.
سوف يمنح هذا القانون البربري والرجعي الآباء حق الوصاية الوحيد على بناتهم الإناث من عمر العامين، بالإضافة إلى إضفاء الشرعية على ممارسة الاغتصاب بواسطة الزواج. وقد أرعب هذا القانون النساء العراقيات اللواتي أعلن يوم المرأة العالمي في شهر آذار (مارس) يوم حداد وطني رداً على التطورات المقلقة. وكان حسن الشمري، وزير العدل العراقي، هو الذي اقترح مشروع القانون، وهو عضو في حزب الفضيلة الإسلامي الصغير المؤتلف مع رئيس الوزراء، نوري المالكي، الذي يسعى إلى الحصول على ولاية ثالثة كرئيس للوزراء.
تشكل هذه الخطوة مزيداً من إضعاف الحماية الفتيات في العمر المدرسي. وحتى من دون القانون الجديد، فإن عدد زواج القاصرات في العراق آخذ في الارتفاع. ففي العام 1997، كانت نسبة 15% من حالات الزواج لفتيات تحت سن 18 عاماً، وفق أرقام الحكومة العراقية – ثم قفز النسبة إلى أكثر من 20% في العام 2012، مع وجود 5% من القاصرات اللواتي تزوجن مع وصولهن سن 15 عاماً.
يشعر الناشطون بالقلق، في الأثناء، من مسألة المصاعب المالية، حيث تجد العائلات نفسها مجبرة على تزويج بناتها صغيرات عندما تعرض عليهم مهور مجزية. وثمة مخاوف جادة من أنه إذا دخل هذا القانون الجديد حيز التنفيذ، فسيكون من شأنه أن يصعد من وتيرة هذا الاتجاه.
لكن العراق ليس وحيداً في هذه الظاهرة، وهناك حول العالم نحو 10 ملايين من الفتيات غير المسجلات في المدارس اليوم نتيجة لزواجهن كعرائس قاصرات -وهو عدد يتصاعد في العديد من البلدان. وفي الشهور القليلة الماضية، كانت موريتانيا في مركز مزاعم حول انتشار عمليات تشويه الأعضاء التناسلية لجعل زواج الفتيات في سن الثامنة والتاسعة ممكناً. وقد قاوم البلد الضغوط من أجل تحديد عمر أدنى للزواج. وفي اليمن، حيث تقدر الأمم المتحدة أن أكثر من 50% من الفتيات يتزوجن قبل بلوغهن سن 18 عاماً، ما يزال هناك عدم تحديد للسن الأدنى للزواج.
إلى ذلك، ما تزال نيجيريا تدرس خفض سن الزواج. كما أن الهند، حيث دفعت حالات الاغتصاب الملايين للنزول إلى الشارع احتجاجاً، ما تزال تعرض وجود 40 في المائة من العرائس القاصرات في العالم.
تقول الحقائق إن الطريwقة الأمينة الوحيدة لمنع زواج الأطفال هي إقرار حق كل طفل في الذهاب إلى المدرسة. فالفتاة التي تحوز بعض التعليم لا تكون أقل احتمالاً للزواج في سن الثامنة أو التاسعة أو العاشرة وحسب، وإنما تكون أقل احتمالاً بستة أضعاف لأن تتزوج في سن 18 عاماً أيضاً.
في الأثناء، ترتفع أعداد المناطق التي تعمل على عدم تزويج القاصرات، حيث تتجمع الفتيات سوية ويرفضن هذا الزواج في شبه القارة –أولاً في باكستان ثم بنغلاديش، وهناك العديد من الحركات التي ستنشأ في بلدان أخرى مثل مالاوي قريبا. وأصبحنا نشاهد أن الفتيات لم يعدن على استعداد للخضوع إلى المصير الذي حدده لهن آخرون، أو الانتظار من الآخرين تقديم الحماية لهن.
سوية مع مجموعة من الشخصيات الرفيعة، أشعر بالفخر لأن أكون جزءاً من ائتلاف الطواريء لعمل التعليم. ويلتزم الائتلاف بتحقيق استثناء للفتيات من التعليم حجمه صفر، وهذا سيعني صفر زواج أطفال. ونحن نتصل مع حركات حقوق الفتيات في عموم العالم النامي، بما في ذلك منتدى نيبال العام لحرية هالمال هاري، ومنطقة عدم زواج الأطفال "نيلفاماري" في بنغلاديش، ونادي حماية الأطفال الأوغنديين ومجموعة تمكين الأطفال الاندونيسيين "غروبوغان".
 يرتبط الكثيرون بحركة الفتيات الراشدات وليس العرائس التي تترأسها الأميرة مابل فان أورانج من هولندا -وثمة أكثر من 300 منظمة قومية منتسبة إليها أصلاً. وهي تحاول وقف زواج القاصرات بواسطة القانون وتسجيل الفتيات بأعمارهن الصحيحة وإنفاذ الأحكام القانونية التي تحظر الزواج، وتشجيع تسجيل الفتيات في المدارس.
إن حقوق الأطفال يجب أن تصان في عموم العالم، ونحن ندعو كل البلدان إلى وضع حد للممارسة البربرية المتمثلة في زواج القُصّر وضمان أن يذهب كل الأطفال إلى المدارس وأن يحوزوا التعليم المناسب.

*نشر هذا المقال تحت عنوان:
 Child marriage could become law in Iraq this week, but it’s a global scourge
*رئيس وزراء بريطاني سابق.

اضافة اعلان

[email protected]

@abdrahamanalhuseini