في حين أن كامالا هاريس هي المرشحة الأوفر حظاً للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي بعد انسحاب جو بايدن، وعلى الرغم من الدعم الذي تتلقاه من كبار الديمقراطيين الآخرين، تظل التحديات الداخلية المحتملة قائمة، حيث يمكن للمؤتمر الحزبي أن يطعن في ترشيحها.
* * *
عندما قام الرئيس جو بايدن بإعلان عزمه التخلي عن خوض غمار السباق الانتخابي للفوز بولاية رئاسية ثانية، أعرب عن دعمه لنائبة الرئيس، كامالا هاريس، لتكون بديلته كمرشحة الحزب الديمقراطي، وعلى الرغم من أن هذا الدعم يمهد لها الطريق نحو نيل الترشيح، فإنه لا يضمن لها ضمان الفوز به على الإطلاق.
لماذا لا يستطيع الرئيس بايدن تقرير من يحل محله كمرشح؟
كان الأمر سيكون أكثر بساطة لو أن باستطاعة الرئيس ذلك، ولكن حتى المرشح الرسمي للحزب، كما كان الرئيس بايدن في الأساس، لا يمكنه أن يحدد ببساطة بديلاً عنه إذا ما اتخذ القرار بالتنحي، وبغض النظر عن سبب التنحي.
يأتي الفوز بترشيح الحزب لانتخابات الرئاسة في العادة كنتيجة لنصف عام كامل من الانتخابات التمهيدية والمؤتمرات الحزبية على مستوى الولايات، وهي عملية لا تتجزأ من النظام الديمقراطي الأميركي. وتمنح هذه العملية المرشح الفائز شرعية على مستوى الولايات.
وهذا العام كانت العملية أقصر وأقل بروزاً من العادة لأن دونالد ترامب كان وبصورة واضحة المرشح الأكثر حظًا لنيل ترشيح الحزب الجمهوري. ولم يواجه بايدن، كونه الرئيس الحالي، أي معارضة تقريباً من قبل حزبه، ولذلك حُسم اسما المرشحين في وقت مبكر.
أما في حال الاضطرار إلى تبديل أحد المرشحين، فلا يوجد الوقت الكافي لإعادة إجراء العملية من بدايتها. لكن المبدأ الذي ينص على أن الولايات تقرر الترشيح لمنصب الرئيس الفيدرالي ليس شيئاً يمكن التخلي عنه ببساطة.
لتأييد الرئيس بالتأكيد أثره الوازن، وقد شجع شخصيات كبيرة في الحزب على السير في الاتجاه نفسه، مما جعل نائبة الرئيس، هاريس، وبصورة واضحة المرشحة الأبرز، ولكن ذلك لا يحسم المسألة تماماً.
ماذا عن أموال التبرعات الانتخابية؟
هذه مسألة يمكن أن تؤدي إلى تعقيدات كبيرة، حيث تعتبر عملية جمع التبرعات جزءاً كبيرًا من العملية الانتخابية في الولايات المتحدة.
وفي العادة، يكون الفوز في الانتخابات من نصيب المرشح الذي يجمع قدراً أكبر من المال. وكان دونالد ترامب هو الوحيد الذي نجح في كسر تلك العادة من خلال انتصاره على هيلاري كلينتون في العام 2016، وغالباً ما تؤول معظم تبرعات ذلك المال إلى الحملات الانتخابية الفردية وليس إلى الحزب، مما يعني نظرياً أنه يجب تغيير ذلك في حال استبدال المرشح. ولا يستطيع الرئيس بايدن أن يقوم بتحويل كل أموال حملته إلى كامالا هاريس من دون موافقة الجهات المانحة، الذين عادة ما يكون لديهم حس عميق بالتوجهات السياسية المقبلة.
كان قيام الجهات المانحة بتعليق دعمها لبايدن أحد العوامل التي دفعت الرئيس بايدن إلى وضع حد لمساعيه إلى خوض غمار عملية إعادة انتخابه. ومنذ إعلانه هذا الموقف، تدفقت الأموال نحو هاريس، لكن القدرة على جمع الأموال ستكون عاملاً سوف يأخذه في الاعتبار أي شخص يفكر في منافستها على الترشيح.
ماذا سيحدث بعد ذلك؟
صرحت كامالا هاريس بشكل مباشر أنها تريد الفوز بالترشيح؛ بعبارة أخرى أنها ستكون مستعدة للتنافس مع الآخرين، وفي الوقت الحاضر يبدو أن هذا لن يكون ضرورياً، فقد استبعد المرشحون المحتملون، بما في ذلك حاكم كاليفورنيا غافين نيوسوم، أنفسهم، إما لعدم رغبتهم في منافسة ترامب أو لعدم رغبتهم في تعريض الوحدة الناشئة في الحزب الديمقراطي للخطر بعد قرار بايدن.
وإذا كانت هاريس هي المرشحة الوحيدة المعلنة فستخوض حملتها كمرشحة بحكم الأمر الواقع إلى أن يلتئم مؤتمر الحزب الديمقراطي في شيكاغو في غضون أربعة أسابيع، وهناك سيصوت مندوبو الولايات لتأكيد ترشيحها، كما كانوا ليفعلوا مع بايدن لو بقي في السباق، وسيكون الترشيح نهائياً.
هل يمكن أن تسوء الأمور بالنسبة لكامالا هاريس؟
عادة ما يكون التصويت على الترشيح إجراء شكلياً، ومع ذلك، من الممكن أن يوفر المؤتمر فرصة لأي شخص يعارض تعيين هاريس لإظهار موقفه.
وفي حال حدوث مثل هذا الاعتراض، فقد تكون هناك جلسة انتخابية واحدة أو أكثر في المؤتمر قبل التصويت من قبل مندوبي الولايات، وفي هذه الحالة يمكن أن يكون المؤتمر هو الهيئة التي تقرر فعلياً الترشيح.
هل من إشارة على اعتراض أحدهم على ترشيحها؟
في الوقت الحالي، يبدو أن كبار الديمقراطيين حريصون جداً على إنهاء الانقسامات التي برزت حول قدرات الرئيس بايدن على مزاولة مهماته كرئيس للبلاد لفترة رئاسية ثانية، لدرجة أن هناك معارضة قليلة ظاهرة لترشيح هاريس.
وكان الدعم من بيل وهيلاري كلينتون يتسم بأهمية خاصة. ومع ذلك، هناك شخص واحد يبدو أن تدخله كان حاسماً في إجبار بايدن على الانسحاب، ولكنه لم يدعم هاريس حتى كتابة هذه السطور، وهو باراك أوباما الذي كانت زوجته ميشيل من بين الذين ذُكروا كبديل محتمل. وقد يشير هذا في هذه المرحلة إلى أن ترشيح هاريس ليس مضموناً تماماً.
**[تحديث: أعلن أوباما عن دعمه لهاريس في 26 تموز (يوليو) 2024 بعد نشر هذه المقالة].
*ماري ديجيفسكي Marie Dejevsky: كاتبة في "أصوات الإندبندنت" متخصصة في الشؤون الخارجية. عملت كمراسلة في موسكو وباريس وواشنطن. كتبت عن انهيار الشيوعية والاتحاد السوفياتي السابق من داخل موسكو، كما قامت بتغطية حرب العراق. وهي مهتمة بشكل خاص بالعلاقات الدبلوماسية بين الكرملين والغرب.
اقرأ المزيد في ترجمات:
لهذه الأسباب تشبث بايدن بإعادة ترشحه قبل تنحيه