‏"طلب من أمازون": كيف يخزن عمالقة التكنولوجيا البيانات الكبيرة لحرب إسرائيل‏ (2-2)

فلسطينيون يتفقدون منزل عائلة الخطيب بعد تدميره في غارة جوية إسرائيلية، رفح، جنوب قطاع غزة، 29 نيسان (أبريل) 2024. (المصدر)‏
فلسطينيون يتفقدون منزل عائلة الخطيب بعد تدميره في غارة جوية إسرائيلية، رفح، جنوب قطاع غزة، 29 نيسان (أبريل) 2024. (المصدر)‏

يوفال أبراهام* - (مجلة 972+)4/8/2024
يتطابق سير العمل الذي وصفه ضباط المخابرات لـ"مجلة 972+" و"لوكال كول" -"طلب" البيانات من سحابة "أمازون لخدمات الويب" العامة، ثم إرسالها إلى شبكة عسكرية مغلقة- مع التفاصيل الواردة في كتاب ألفه في العام 2021 القائد الحالي لـ"الوحدة 8200"، وهي وحدة نخبة داخل مديرية الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، والذي كشفت صحيفة الغارديان مؤخرًا أنه ‏‏يوسي سارييل‏‏.‏

اضافة اعلان

 

 



‏"كيف يمكن للمؤسسات الأمنية استخدام ’سحابة أمازون‘ والشعور بأنك آمن؟"، كتب سارييل، داعيًا، كحل، إلى إنشاء شبكة خاصة يمكن فيها للنظام الداخلي للجيش والسحابة العامة "التواصل بشكل آمن مع بعضهما بعضا طوال الوقت". وأضاف أن نطاق المعلومات السرية التي تجمعها المخابرات الإسرائيلية كبير جدا بحيث يمكن تخزينها "فقط لدى شركات مثل ’أمازون‘ أو ’غوغل‘ أو ’مايكروسوفت‘". ‏


‏وفي العام نفسه، دعا‏‏ نائب قائد الوحدة 8200 في ‏‏مجلة استخباراتية‏‏ إسرائيلية ‏‏إلى عقد "شراكات جديدة" مع مزودي الخدمات السحابية العامة، لأن قدراتهم في مجال الذكاء الاصطناعي "لا يمكن الاستغناء عنها" وتتفوق على قدرات الجيش.

 

وألمح إلى أن شركات السحابة ستستفيد أيضًا من الشراكة مع الجيش: "تمتلك ’أمان‘ (المخابرات العسكرية) معظم البيانات في الجيش الإسرائيلي، بما في ذلك البيانات حول الأعداء التي تجلبها مجموعة واسعة من أجهزة الاستشعار –نوع البيانات التي ستدفع الشركات المدنية ثروة للحصول على وصول إليها".‏


‏"ما يستخدمه الجيش الإسرائيلي سيكون أحد أفضل نقاط البيع"

 


‏لسنوات، وفقًا لمصادر في الجيش وصناعة الأسلحة، كانت "مايكروسوفت أزور" تعد المزود السحابي الرئيسي لإسرائيل، حيث تبيع خدماتها لوزارة الدفاع ووحدات الجيش التي تتعامل مع المعلومات السرية. ووفقًا لأحد المصادر، كان من المفترض أن تزود "أزور" الجيش الإسرائيلي بالسحابة التي سيتم تخزين معلومات المراقبة عليها -لكن "أمازون" عرضت سعرًا أفضل. وقالت مصادر في شركات السحابة، كانت مطلعة على العلاقات مع وزارة الدفاع الإسرائيلية، إنه منذ فوز "أمازون" بمناقصة "نيمبوس"، ظلت تتنافس بقوة مع "أزور"، على أمل الحلول محلها كأكبر مزود خدمة للجيش الإسرائيلي. ‏



وأوضح كوشنير من "كون - آي. تي"، أنه، في الماضي، "استثمرت معظم الوكالات الحكومية والعسكرية الكثير في تطوير وإنشاء أنظمة تعتمد على ’أزور‘". ولكن، بما أن "أزور" لم تفز بمناقصة "نيبمبوس"، أجريت "عملية ترحيل معينة" في وزارة الدفاع إلى خوادم "أمازون" و"غوغل"، والتي تسارعت خلال الحرب الحالية.‏


‏وقالت مصادر في صناعة التكنولوجيا الفائقة إن وزارة الدفاع الإسرائيلية تُعد زبونا مهماً و"استراتيجياً" لشركات السحابة الثلاث. ولا يعود السبب في هذا إلى النطاق المالي الكبير للصفقات فحسب، وإنما لأنه يُنظر إلى إسرائيل على أنها مؤثرة في تشكيل الرأي العام في أوساط الأجهزة الأمنية في جميع أنحاء العالم وفي قيادة "الاتجاهات" التي تتبناها الوكالات الأمنية الأخرى.‏


‏أحد الأشخاص الذين أداروا لسنوات سياسة المشتريات الخاصة بوزارة الدفاع، وحافظوا على اتصال مع عمالقة السحابة، هو العقيد آفي دادون، الذي تحدث إلى "مجلة 972+" و"لوكال كول" كجزء من هذا التحقيق. وحتى العام 2023، ترأس دادون إدارة المشتريات في وزارة الدفاع وكان مسؤولاً عن المشتريات العسكرية التي بلغت قيمتها أكثر من 10 مليارات شيكل (حوالي 2.7 مليار دولار) سنوياً.‏


‏وقال دادون: "بالنسبة لـ(شركات السحابة)، إنه أقوى تسويق ممكن. إن ما يستخدمه الجيش الإسرائيلي كان وسيظل إحدى أفضل نقاط بيع المنتجات والخدمات في العالم. بالنسبة لهم، إنه مختبر. بالطبع يريدون (العمل معنا)".‏


وقال دادون إنه عقد العديد من الاجتماعات مع ممثلي "أمازون لخدمات الويب" و"ميكروسوفت أزور" و"غوغل كلاود" في إسرائيل، وكذلك في رحلات قام بها إلى الولايات المتحدة. كما كان على اتصال مع عمالقة السحابة حول مناقصة سرية تسمى "مشروع سيريوس" Sirius.‏

 



‏تم الإعلان عن هذا المشروع لأول مرة‏‏ في الصحيفة المالية الإسرائيلية "غلوبس" Globes في العام 2021، ويعد "سيروس" أكثر حساسية من "نيمبوس"، ولم يتم توقيع عقوده بعد مع أي من شركات التكنولوجيا. وفي أيار (مايو)، ‏‏أعلن‏‏ الجيش‏‏ على موقعه على الإنترنت أنه يسعى إلى توظيف خبير "سيعمل مع مزودي الخدمات السحابية الكبار" في "نقل الأنظمة (العسكرية) إلى السحابة العامة ’نيمبوس‘"، و"إعداد تحميل الأنظمة التشغيلية والعملياتية الأساسية إلى السحابة الأمنية" في إطار مناقصة "سيريوس".‏


‏وأوضح دادون: "سيريوس هي سحابة أمنية خاصة وذات فجوات هوائية (معزولة عن الشبكات العامة وغيرها)، وهي مخصصة فقط للجيش الإسرائيلي ووزارة الدفاع. وقد أجريت مناقشات على مدى أكثر من عقد حول الشكل الذي سيبدو عليه هذا".

 

ويُفترض أن تكون هذه السحابة الجديدة، وفقًا لثلاثة مصادر أمنية، منفصلة عن الإنترنت وقائمة على البنية التحتية لمقدمي الخدمات السحابية الكبار، مما يسمح لجميع وكالات الأمن الإسرائيلية باستخدامها لتشغيل الأنظمة السرية. ‏


‏لدى الخدمات السحابية العامة، وفقًا لدادون، القدرة على تعزيز مستوى فتك الجيش. وأوضح أنه عند البحث عن شخص "للقضاء عليه"، فإنك "تجمع مليارات التفاصيل التي تبدو غير مثيرة للاهتمام، وإنمام يترتب عليك تخزينها.

 

وبمجرد أن ترغب في معالجة (و) دمج كل شيء في منتج يخبرك بأن (الهدف) موجود هنا في هذه الساعة، تكون لديك خمس دقائق لتتصرف. ليس لديك كل النهار والليل. لذلك من الواضح أنك تكون في حاجة إلى المعلومات.‏


‏وتابع دادون: "لا يمكنك (القيام بذلك) على خوادمك الخاصة، لأنه يتعين عليك حذف ما تعتقد أنه غير ضروري باستمرار. هناك مقايضة حرجة للغاية يجب أن تجريها هنا. وبمجرد التحميل إلى السحابة، يكاد يكون من المستحيل العودة إلى التخزين "في المكان". يترتب عليك أن تتعرف إلى عالم جديد. لقد قمتَ بالفعل بتحميل معلومات أكبر بمرات عدة من حيث الحجم، وماذا ستفعل الآن؟ هل تشرع في حذفها؟‏".


‏وكما كشفت "مجلة 972+" و"لوكال كول"، في ‏‏تحقيق سابق‏‏، فإن العديد من الهجمات الإسرائيلية في غزة في بداية الحرب استندت إلى توصيات برنامج يسمى "لافندر". وبمساعدة الذكاء الاصطناعي، عالج هذا النظام معلومات عن معظم سكان غزة وجمَع قائمة بالناشطين العسكريين المشتبه بهم، بمن فيهم صغار الرتبة، من أجل اغتيالهم. وقد هاجمت إسرائيل هؤلاء الناشطين بشكل منهجي في منازلهم الخاصة، وهو ما أسفر عن مقتل عائلات بأكملها.

 

وبمرور الوقت، أدرك الجيش أن "لافندر" لم يكن "موثوقا" بدرجة كافية، وانخفض استخدامه لصالح برامج أخرى. ولم تتمكن "مجلة 972+" و"لوكال كول" من تأكيد ما إذا كان قد تم تطوير "لافندر" بمساعدة الشركات المدنية، بما في ذلك شركات السحابة العامة.‏


‏"أنت تقاتل من داخل حاسوبك المحمول"‏

 


‏في محاضرتها التي ألقتها الشهر الماضي، وصفت ديمبينسكي العملية العسكرية الحالية في غزة بأنها "الحرب الرقمية الأولى". وفي حين أن هذا يبدو مبالغًا فيه، بالنظر إلى أن هجوم العام 2021 على القطاع استخدم أيضا القدرات الرقمية، قالت مصادر دفاعية إسرائيلية إن عمليات رقمنة الجيش تسارعت بشكل كبير خلال الحرب الحالية. ووفقًا لهذه المصادر، يتجول القادة في الميدان بهواتف ذكية مشفرة، ويرسلون الرسائل في دردشة عملياتية مشابهة لتطبيق "واتس آب" (ومع ذلك لا علاقة لها بالشركة)، ويقومون بتحميل الملفات عفى محرك أقراص مشترك، ويستخدمون عددًا لا يحصى من التطبيقات الجديدة.‏


وقال ضابط خدم في غرفة عمليات قتالية في غزة: ‏"أنت تقاتل من داخل حاسوبك المحمول". في الماضي، "كنت ترى بياض عيون عدوك، وتنظر من خلال المنظار وتراه وهو ينفجر". أما اليوم، عندما يظهر هدف، "تقول (للجنود) من خلال الحاسوب المحمول: أطلقوا النار بنيران الدبابة".‏


‏أحد التطبيقات على السحابة الداخلية للجيش يسمى "زد-تيوب" ‏Z-tube (زد هي اختصار "زاهال" التي هي اختصار لعبارة "جيش الدفاع الإسرائيلي")؛ وهو موقع على شبكة الإنترنت يشبه إلى حد كبير "يوتيوب"، يسمح للجنود بالوصول إلى لقطات حية من جميع أجهزة التصوير العسكرية الموجودة في غزة، بما في ذلك من الطائرات من دون طيار‏‏.‏‏ وهناك تطبيق آخر، يسمى "مابلت" MapIt"، يسمح للجنود بتحديد الأهداف في الوقت الفعلي على خريطة تعاونية تفاعلية. "الأهداف هي أثقل طبقة على الخريطة"، قال مصدر أمني لـ"مجلة 972+" و"لوكال كول". "يبدو أن كل منزل فيه هدف".‏


‏ثمة تطبيق ذو صلة يسمى "الصياد" Hunter للإشارة إلى الأهداف في غزة وتعقب أنماط السلوك باستخدام الذكاء الاصطناعي. وقام بتقديم عرض عنه في مؤتمر تكنولوجيا المعلومات لجيش الدفاع الإسرائيلي العقيد إيلي بيرنباوم، قائد وحدة معروفة بالاختصار العبري "ماتزبِن" Matzpen، المسؤولة عن تطوير أنظمة للاستخدامات العملياتية.


‏من المفترض أن تتم إدارة السحابة الداخلية على خوادم عسكرية وغير متصلة بسحابة الشركات الخاصة، لكن مصادر متعددة قالت إن هناك طرقا "آمنة" يمكن للشركات السحابية المدنية أن تقدم الخدمات من خلالها للأنظمة التشغيلية والعملياتية للجيش أيضًا.


وقال العقيد عساف ناڤوت، وهو مسؤول كبير سابق في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الجيش ورئيس قسم الدفاع في "كوم-آي. تي"، لـ"مجلة 972+" و"لوكال كول"، إن "الجيش الإسرائيلي لا ينقل الأشياء بالغة الحساسية والسرية إلى الخارج– هذه الأشياء تبقى داخل (الشبكات العسكرية ذات الفجوات الهوائية)".

 

ووفقًا له، يكمن التحدي في جلب "عقل" شركات السحابة المدنية، مثل خدمات الذكاء الاصطناعي، إلى الأنظمة الداخلية للجيش. ويقول نافوت: "من دون أن يعيش (العقل) في الخارج. إنه يعيش في الداخل هنا مباشرة. لذلك لا يمكنك أن تفعل كل شيء بطريقة واحد إلى واحد، (مساوية) لما يحدث في الخارج، لكنك تنجح في إحراز تقدم مجنون".‏


‏في العام 2022، وصف إيتاي بنيامين، خبير الذكاء الاصطناعي الذي عمل في ذلك الوقت مع "ميكروسوفت أزور" وهو يعمل الآن مع "أمازون لخدمات الويب"، ‏‏لمجموعة من خريجي وحدة "مامرام" التي تقودها ديمبينسكي أن هذا النظام يجعل من الممكن "نشر قدرات الذكاء الاصطناعي لميكروسوفت حتى ’في المكان‘، على خوادمك الخاصة، في بيئة غير متصلة (بالإنترنت)".

 

وفي شرحه في الفيديو، أظهر بنيامين للخريجين كيف يمكن لأداة التعرف على الوجه من "مايكروسوفت" تحليل شريط فيديو إخباري وتحديد أن زعيم حماس، إسماعيل هنية، ظهر فيه.‏


‏يشير ‏‏موقع "ميكروسوفت آزور" على شبكة الإنترنت‏‏ إلى أدوات تسمى "الحاويات غير المتصلة"، المصممة لـ"الشركاء الاستراتيجيين" الذين يحتاجون إلى الحفاظ على أمان معلوماتهم. وتتضمن الأدوات، وفقًا للموقع الإلكتروني، إمكانات للنسخ، والترجمة، والتعرف على المشاعر، واللغة، والتلخيص، وتحليل المستندات والصور، والمزيد.‏


‏وأوضح نافوت أن وتيرة تطوير التكنولوجيا الرقمية سريعة للغاية حتى أن الطريقة الوحيدة أمام الجيش "للحاق بالركب" هي شراء الخدمات من السوق المدنية والشركات السحابية. "انظروا إلى الـ"م-16" (بندقية هجومية). آخر مرة صنعوا فيها الـ"م-16" كانت في (حرب) فيتنام. ولم يتغير الكثير". ولكن بالنسبة للبرمجيات الرقمية، كما يقول، فإن الأمور تتغير "في غضون أشهر، وليس سنوات".‏


‏أثارت مسألة تحميل المواد الاستخباراتية في حد ذاتها، حتى لو لم تكن عملياتية بشكل مباشر، على سحابة مدنية مخاوف لدى البعض في الجيش الإسرائيلي. وقال مصدر في الجيش: "هناك شيء مخيف بشأن هذا. إن المعلومات التي لدى الجيش اليوم هي معلومات حميمة عن الكثير من الناس في (الأراضي المحتلة). وإذن، هل يتم تسليمها إلى الشركات العملاقة والخاصة والتجارية التي تهدف في النهاية إلى جمع المال؟‏".


‏من ناحية أخرى، قالت مصادر أمنية أخرى أن المعلومات الاستخباراتية الخام التي يتم جمعها بشكل فضفاض وليس عن أهداف محددة ليست حساسة بشكل خاص، وتصبح حساسة فقط عندما تتم ترجمتها إلى أهداف للهجوم. "لن يكون الأمر مخيفًا حقًا إذا توفرت للإيرانيين (إمكانية الوصول) إلى هذه المعلومات"، كما صرح أحد المصادر.‏


‏وقال العميد يائيل غروسمان، قائد قسم تعزيز تكنولوجيا العمليات في الجيش -المعروف بالاختصار العبري "لوتيم"- المسؤول عن "مامرام"، في ‏‏بودكاست‏‏ في شهر أيار (مايو)، إن الاعتماد على التقنيات المدنية في الحرب الحالية مكّن من إحراز "قفزة مجنونة في فترة قصيرة من الزمن". لكن دادون يشبّه تحميل المواد إلى السحابة بـ"تسليم مفاتيح سيارة مرسيدس إلى شخص آخر. هل يجب أن لا نستخدم المرسيدس؟ إننا في حاجة إلى استخدامها. وإذن، كيف؟ لا أعرف".‏


‏"إنها مشارَكة مباشرة في الأدوات المستخدمة لقتل الفلسطينيين"‏

 


‏في السنوات الأخيرة، لم تعد "أمازون" شريكًا للجيش الإسرائيلي فحسب. لقد أصبحت أيضًا مزودًا للخدمات السحابية للعديد من وكالات الاستخبارات الغربية. في العام 2021، وقعت "أمازون لخدمات الويب" ‏‏اتفاقية‏‏ مع وكالات الاستخبارات البريطانية GCHQ وMI5 وMI6 لتخزين المعلومات "السرية" وتسريع استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي. وبالمثل أعلنت الحكومة الأسترالية‏‏ هذا الشهر أنها ستستثمر مبلغ 1.3 مليار دولار أميركي لبناء سحابة للمواد الاستخباراتية "السرية للغاية" على خوادم "أمازون". كما وقعت عملاقة التكنولوجيا اتفاقية مع وزارة الدفاع الأميركية، إلى جانب ثلاث شركات كبيرة أخرى، لبناء سحابة عملاقة من شأنها أن تخدم البنتاغون "لجميع مستويات التصنيف".‏


‏تنشر أمازون قواعد غامضة لـ"‏‏بناء مسؤولية الذكاء الاصطناعي"،‏‏ ‏‏والتي تشير فقط إلى "الحصول على البيانات، واستخدامها وحمايتها بشكل مناسب"، و"منع مخرجات النظام الضارة وإساءة الاستخدام". وتنص ‏‏مبادئ ونهج "الذكاء الاصطناعي المسؤول‏‏ لمايكروسوفت" على ما يلي: "نحن ملتزمون بالتأكد من أن يتم تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول وبطرق تضمن ثقة الناس".‏


‏وتنشر "غوغل" أيضًا قائمة ‏‏بمبادئها للذكاء الاصطناعي‏،‏ التي تنص بشكل أكثر وضوحًا على أن "غوغل": "لن تقوم بتصميم أو استخدام الذكاء الاصطناعي في... التقنيات التي تسبب، أو التي يُحتمل أن تسبب ضررًا عامًا؛ …الأسلحة أو التقنيات الأخرى التي يكون غرضها الرئيسي هو التسبب في إصابة الناس أو تسهيل هذه الإصابة بشكل مباشر... التقنيات التي تَجمع أو تستخدم المعلومات للمراقبة التي تنتهك المعايير المقبولة دوليًا... (أو) التقنيات التي يتعارض غرضها مع مبادئ القانون الدولي وحقوق الإنسان المقبولة على نطاق واسع".‏


‏ومع ذلك، يقول غابرييل شوبينر، وهو ناشط ومنظم في منظمة "لا تكنولوجيا للفصل العنصري"، إن هذه المبادئ "ليس لها تأثير حقيقي" لأن شركات السحابة "تستخدمها كأداة للعلاقات العامة فقط؛ لإظهار كم هي مسؤولة". ووفقًا له، فإن الشركات ليس لديها طريقة لأن تعرف في الوقت الفعلي كيف يقوم عملاؤها باستعمال خدماتها.‏


‏ويقول ‏‏شوبينر -الذي عمل سابقًا في "غوغل"، وشارك في احتجاج موظفيها ضد توريد التكنولوجيا التي ‏‏يزعمون‏‏ أن الجيش الإسرائيلي يستخدمها في حرب غزة- إن "غوغل" استخدمت دائمًا "لغة غامضة" عند ذكر مبادئها الأخلاقية. وبالإضافة إلى ذلك، كما يقول، تواصل الشركة الادعاء بأن عقودها مع إسرائيل هي "أولاً وقبل كل شيء للاستخدام المدني، على الرغم من أنه من الواضح أن العديد من الإجراءات في ’نيمبوس‘ تتجه إلى الاستخدام العسكري".‏


‏وقال مصدر دفاعي لـ"مجلة 972+" و"لوكال كول" إن معظم العقود الجديدة بين الجيش والشركات السحابية منذ بدء الحرب تحققت من خلال مناقصة "نيمبوس". ومع ذلك، يمكن للجيش أيضًا إقامة وتعميق العلاقات مع شركات السحابة من خلال مناقصات وزارة الدفاع أو من خلال العقود التي تسبق "مشروع نيمبوس". ولم تتمكن "مجلة 972+" و"لوكال كول" من تأكيد ما إذا كانت سحابة "أمازون لخدمات الويب"، المستخدمة لتخزين المعلومات الاستخباراتية، قد تم شراؤها كجزء من "مشروع نيمبوس".‏


‏وكما أوضح زاك كامبل، خبير الحقوق الرقمية في منظمة "هيومن رايتس ووتش"، فإن "أياً من الشركتين لم تكشف علنًا عن العناية الواجبة بحقوق الإنسان، إن وجدت، التي بذلتها قبل المشاركة في ’مشروع نيمبوس‘. لم تذكر الخطوط الحمراء، إن وجدت، فيما يتعلق بما يمكن أن يكون عليه الاستخدام المسموح به لتقنيتها".‏


‏لا يخشى كوشنير، الذي كان يساعد الوحدات العسكرية الإسرائيلية على ترحيل بياناتها إلى السحابة، الاحتجاجات ضد نجاح شراكات شركات السحابة مع إسرائيل. وقال: "عليك أن تتذكر أن نفس الشركات تدير سحبًا حكومية وعسكرية مماثلة في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وحلف شمال الأطلسي. هذه ليست شركات ناشئة، إنها محطات طاقة عالمية في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات".‏


‏وقال نديم الناشف، المدير التنفيذي لـ"حملة: المركز العربي للنهوض بوسائل التواصل الاجتماعي"، الذي يركز على الحقوق الرقمية الفلسطينية، إن مطلبه الأساسي من الشركات السحابية هو أن "تتأكد من أن منتجاتها لا تستخدم لإيذاء الناس"، وهو ما لا يحدث حالياً في الممارسة العملية. ووفقًا له، على الرغم من كل الخطابة حول الاهتمام بحقوق الإنسان، فإن منتجات عمالقة السحب تباع "للحكومات والأنظمة التي تضطهد الناس" -بما فيها الجيش الإسرائيلي".‏


‏وحول غياب الرقابة على مشاريع الشركات السحابية وشراكاتها، أضاف الناشف: "في السياق المحلي، في حالة الاحتلال، تصبح مسألة ما إذا كانت (هذه الخدمات) تباع للاستخدام العسكري، لجيش الاحتلال، أو ما إذا كانت تباع للاستخدام المدني، أكثر أهمية بكثير".

 

ووفقًا له، فإن التقارب القائم في إسرائيل بين القطاع الخاص والجيش يسهل التعاون من دون أي خطوط حمراء، وهو ما يؤدي إلى "مزيد من السيطرة على (الفلسطينيين) -حتى أكثر مما يكون عليه الوضع وسط الحرب".‏


‏وقال طارق كيني-الشوا، زميل السياسة الأميركية في مركز الأبحاث الفلسطيني (الشبكة): "هناك دائمًا الكثير من التركيز على المساعدة العسكرية المباشرة التي تقدمها الولايات المتحدة لإسرائيل -الذخائر والطائرات المقاتلة والقنابل- لكنّ اهتمامًا أقل بكثير يتم إيلاؤه لهذه الشراكات التي تمتد عبر البيئات المدنية والعسكرية. إنها أكثر من مجرد تواطؤ: إنها مشاركة وتعاون مباشرين مع الجيش الإسرائيلي بشأن الأدوات التي يستخدمونها لقتل الفلسطينيين".‏


ورفضت "غوغل" و"مايكروسوفت" الرد على طلبات متعددة للتعليق من مكاتبهما في إسرائيل والولايات المتحدة. وصرحت "أمازون لخدمات الويب" بأن "’أمازون لخدمات الويب‘ تركز على إتاحة مزايا تقنيتنا السحابية الرائدة عالمياً لجميع عملائنا، أينما كانوا. نحن ملتزمون بضمان سلامة موظفينا، ودعم زملائنا المتضررين من هذه الأحداث الرهيبة، والعمل مع شركائنا في الإغاثة الإنسانية لمساعدة المتضررين من الحرب".‏

*يوفال أبراهام Yuval Abraham: مخرج أفلام وناشط إسرائيلي مقيم في القدس، من مواليد العام 1995. أمضى سنوات في الكتابة عن الاحتلال الإسرائيلي، معظمها باللغة العبرية. وهو صحفي مستقل يتمتع بخبرة في العمل في أطر تعليمية ومدارس إسرائيلية - فلسطينية ثنائية اللغة. درَس اللغة العربية بشكل مكثف ويقوم الآن بتدريسها لمتحدثين آخرين بالعبرية، إيمانًا منه بالكفاح المشترك من أجل العدالة والمجتمع المشترك في إسرائيل وفلسطين.‏


*نشر هذا التحقيق تحت عنوان: ‘Order from Amazon’: How tech giants are storing mass data for Israel’s war

 

اقرأ المزيد في ترجمات:.

 

‏"طلب من أمازون": كيف يخزن عمالقة التكنولوجيا البيانات الكبيرة لحرب إسرائيل؟‏ (2-1)