إيان بريمر – (مجلة تايم) 2023/10/31
هناك العديد من الأسباب التي دفعت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى إصدار الأمر بالقيام بغزو بري لغزة.
إنه يريد التأكد من أن "حماس" لن تتمكن أبدًا من قتل 1.400 إسرائيلي مرة أخرى. وهو في حاجة إلى اتخاذ إجراءات جريئة لاستعادة ثقة شعبه في أمن بلاده.
وقد يعتقد أيضاً أن بقاءه السياسي يعتمد على محو العار الذي تواجهه حكومته في أعقاب الفشل الأمني الأكثر فداحة في تاريخ إسرائيل.
ولكن، لا شيء من كل هذا يجعل من الغزو البري لغزة الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله. وينبغي أن نبدأ من النقطة الأكثر وضوحا في هذه المسألة.
هناك الآن أكثر من مليوني فلسطيني يعيشون تحت الحصار في منطقة حرب وليس لديهم مكانا آخر يذهبون إليه.
ونصف هؤلاء المواطنين تقريباً من الأطفال الذين لا يستطيع أحد أن ينسب إليهم اللوم -ولو بشكل غير مباشر- عن القتل الجماعي الذي ارتكبته "حماس".
نعم، سوف تتخذ القوات الإسرائيلية خطوات لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين، ولكن مع وجود عدد كبير جدًا من الأشخاص المحاصرين داخل واحدة من أكثر المناطق اكتظاظًا بالسكان في العالم، فإن هذه الاحتياطات لن تكون حتى قريبةً من أن تكون كافية.
وأبعد من المشكلة الأخلاقية، يتعين على نتنياهو أن يفهم أن غزو غزة سوف يجعل إسرائيل أقل أماناً فقط. في داخل غزة، مع تمترس "حماس" في القطاع، قد يكون حتى تحقيق نصر إسرائيلي صغير مكلفاً للغاية في أرواح الإسرائيليين أيضاً.
ومع وجود هذا العدد الكبير من الأشخاص المحاصرين داخل منطقة تبلغ مساحتها حوالي 140 ميلاً مربعاً، سيكون من السهل جداً على "حماس" أن تستخدم الفلسطينيين الأبرياء دروعًا بشرية، مما يبطئ قدرة إسرائيل على الرد. وتمتلك المجموعة شبكة واسعة من الأنفاق التي تخفيها جيدًا والتي لم تتمكن إسرائيل من رسم خرائط لها.
ومن المرجح أن تنجرف إسرائيل إلى حرب طويلة ووحشية بدلاً من أن تتمكن من قطع رأس "حماس" الذي تأمل في تحقيقه في أي وقت قريب.
ويبدو الآن أيضاً أنه من المحتم أن يؤدي القتل واسع النطاق للمدنيين الفلسطينيين، حتى ولو عن غير قصد، إلى تصعيد إقليمي للحرب وإلى قدر أكبر بكثير من خطر شن الهجمات ضد أهداف يهودية في جميع أنحاء العالم.
وقد شرع العنف في التصاعد بالفعل في الضفة الغربية، الأمر الذي قد يجبر قوات الأمن الإسرائيلية على تقسيم تركيزها بشكل أكبر مما هو الآن.
وهذا لا يعني أن "حزب الله" اللبناني، ناهيك عن إيران، سيدخل حربًا كاملة مع إسرائيل. لكننا نشهد هجمات صاروخية متصاعدة يشنها "حزب الله" وغيره من الجماعات الوكيلة التي تمولها إيران، بما في ذلك الحوثيين في اليمن، وأعمالاً استفزازية تقوم بها الميليشيات في العراق وسورية.
ربما يتساءل الإسرائيليون عن السبب في أن هذا القدر الأكبر من دول العالم لا تفهم صدمتهم وغضبهم من القتل الجماعي الذي تعرض له مواطنوهم والذي أشعل شرارة هذا الصراع، ولكن يجب علينا جميعًا أن نتذكر أن جزءًا كبيرًا من العالم يتلقى تغطية إخبارية تركز بشكل أوثق على الوفيات بين الفلسطينيين مقارنة بالإسرائيليين. وهذه هي الحقيقة التي تشكل الرأي العام العالمي بطرق لا تحابي إسرائيل.
وأخيراً، حتى لو تمكنت إسرائيل بطريقة أو بأخرى من "إخضاع" المقاومة الفلسطينية في غزة، فسوف يكون محتمًا أن تتولى جهة ما أخرى السيطرة على الأمن في تلك المنطقة على المدى الطويل. وقد أدت الحرب مسبقًا إلى دفع عدد من الفلسطينيين إلى التطرف أكثر بكثير مما يمكن أن تفعله أي دعاية لـ"حماس".
وليس لدى مصر ودول الخليج العربية الغنية، مهما كانت إخفاقاتها السابقة في مساعدة الفلسطينيين، أي نية لمساعدة نتنياهو في حل هذه المشكلة. فكيف يمكن منع الهجوم التالي إذا خلفت الحرب فراغاً في السلطة في غزة؟ إن إعادة احتلال إسرائيلي طويل الأمد للأراضي لن يؤدي سوى إلى زيادة التكاليف البشرية والمادية فحسب.
تريد إدارة بايدن دعم إسرائيل في ساعة حاجتها، لكن الولايات المتحدة تدرك جميع المشاكل المفصلة أعلاه.
وقد وجه الرئيس بايدن تحذيرًا إلى نتنياهو من أن الأميركيين يفهمون جيداً التكلفة العالية للرد على هجوم إرهابي ضخم بخطة ليس لها هدف نهائي موثوق.
لا يمكن لأحد أن يلوم أي إسرائيلي على رغبته في القضاء على التنظيم الذي قتل 1.400 من رجاله ونسائه وأطفاله. لكن إسرائيل لن تصبح أكثر أمنًا على الإطلاق من خلال إطلاق غزو كامل لغزة، بخطة لن تؤدي سوى إلى قتل المزيد من الأبرياء.
*إيان بريمر Ian Bremmer: كاتب عمود في الشؤون الخارجية ومحرر متجول في مجلة "تايم". وهو رئيس "مجموعة أوراسيا"، وهي شركة استشارية للمخاطر السياسية، ورئيس شركة "غزيرو ميديا"، وهي شركة مكرسة لتوفير تغطية ذكية وجذابة للشؤون الدولية. وهو يقوم بتدريس الجغرافيا السياسية التطبيقية في كلية الشؤون الدولية والعامة بجامعة كولومبيا، وأحدث كتاب له هو "قوة الأزمة" The Power of Crisis.
*نشر هذا المقال تحت عنوان: The Gaza Invasion Will Not Make Israel Safer
اقرأ المزيد في ترجمات:
نص الخطة الإسرائيلية للتطهير العرقي في غزة: الترجمة الكاملة