بقلم: العميد احتياط موشيه ميدام
توجد دولة إسرائيل في ذروة موجة عمليات متصاعدة منذ زمن لكنها ما تزال من تحت حافة الحرب. الاحباطات والنشاطات العملياتية لا تدرك وتيرة الاخطارات (200 في اليوم، جنون) والعمليات في الجبهات المختلفة. في ذروة معركة متعددة الساحات، يعمل الجيش الإسرائيلي بحكمة عظيمة ويتصدى في معركة مركبة، متفجرة وذات احتمال اشتعال فوري في واحدة من الساحات أو فيها جميعها. كل حدث صغير يمكن أن يخرج عن السيطرة ويؤدي الى معركة شاملة.
هذه الأحداث ليست صدفة وتبدو منسقة ومتزامنة، ضمن أمور أخرى مع ايران. يتصرف الجيش الإسرائيلي على نحو صائب كي لا ينجر الى معركة شاملة، لكن الاحداث تتأثر بسياقات عالمية، إقليمية وداخلية ويمكن عرضها كأربعة عوامل تعمل على إسرائيل وتقرب إمكانية الحرب: العامل الدولي يتعلق باعمال واحداث تقوم بها القوى العظمى وغيرها من الدول التي تؤثر على اللاعبين المركزيين في منطقتنا. من جهة، تقارب "محور الشر" (روسيا، ايران، الصين وكوريا الشمالية) يتيح لإيران التقدم في مسألة النووي واثارة العنف وعدم الاستقرار. وبالمقابل، مسيرة السلام مع السعودية (والتي ليس واضحا اذا ما ستصل الى نهايتها) هي حدث دراماتيكي ذو آثار عالمية وإقليمية. لكنها تشجع أيضا النشاط معاد لجهات عديدة لتشويشها وللمس بإسرائيل.
العامل الأمني يتناول تهديدات ونشاطات المنظمات. تعاظم التهديدات والنشاطات المعادية ينبع سواء من العامل الأول او عما يجري عندنا (العامل رقم 3). على حد رأيهم، فان إسرائيل ضعفت في السنة الأخيرة، وفتحت نافذة فرص لتحقيق احلامهم القديمة – الجديدة.
في الساحة الشمالية، نصرالله يغير الاتجاه في اعقاب حدث المسيرات نحو طوافة كريش (تموز 2022) وينتقل من الحذر الى الغرور والاستفزاز، يأخذ مخاطرات ويخرج الى سلسلة احداث قاسية؛ جبهة يهودا والسامرة تشتعل فترة طويلة. السلطة الفلسطينية تستصعب/لا تستطيع/لا تريد التصدي للواقع وتستعد لليوم التالي لابو مازن ويبدو أن الحملات الموضعية استنفدت نفسها؛ غزة حرصت على البقاء خارج دوائر العنف، لكنها في الأيام الأخيرة تغير الاتجاه من خلال اعمال اخلال قاسية على الحدود.
العامل الداخلي الإسرائيلي – اليهودي يتناول عموم النشاطات حول الإصلاح القضائي/الانقلاب النظامي والاحتجاج الذي لا ينتهي، والخطير في نظري – ادخال الجيش الى الجدال السياسي مما أدى الى مس شديد بامن إسرائيل وبالجيش نفسه.
العامل الداخلي الإسرائيلي – عرب إسرائيل يتناول الجريمة ومشاكل الحوكمة في النقب وفي الجليل. كميات الوسائل القتالية في الوسط مجنونة وواضح للجميع ان هذه الاعمال ستوجه في وقت ما بكل قوتها نحو إسرائيل.
في هذه الأيام يحيي شعب إسرائيل 50 سنة على حرب يوم الغفران ولا يمكن الا نتناول ثلاثة دروس ذات صلة شديدة منذئذ واليوم أيضا. أولا، مسألة المبادرة والضربة المسبقة – مسألة تستوجب تفكيرا عميقا؛ ثانيا، متفق من الجميع بان الروح هي التي انتصرت في الحرب. وبالذات في ضوء الواقع يجدر بنا ان نهتم بها اكثر؛ وأخيرا، احد استنتاجات لجنة اغرانات كان توسيع وحدات الجيش البري. دون الدخول الى التفاصيل والاعداد، في السنوات الأخيرة يعمل الجيش الإسرائيلي في مسيرة معاكسة. فهل حجم القوات البرية مناسب لحرب كبيرة متعددة الساحات؟ كما هو معروف في الشرق الأوسط لا مكان للضعفاء. اللغة هنا هي القوة والاختبار في نهاية الأمر هو في الأفعال وليس في الأقوال.
*قائد لواء جبل الشيخ سابقا وعضو حركة الأمنيين