السياسيان الأخيران

شعار صحيفة يديعوت أحرونوت-(الغد)
يديعوت أحرونوت
بقلم: ناحوم برنياع

"السياسي الأخير" هو عنوان كتاب سيرة بايدن الذي نشر في الولايات المتحدة الأسبوع الماضي. الكاتب الصحافي فرنكلين باور، ركز على السنتين الأوليين في ولاية بايدن كرئيس. جرف الكتاب وراءه عناوين رئيسة بسبب علامة الاستفهام التي يطرحها على الاهلية الجسدية والعقلية لبايدن. فهو يقلل جدا من اجراء المداولات قبل العاشرة صباحا؛ ينسى الأسماء؛ يصعب عليه ابداء الطاقة. "طرأ في السنوات الأخيرة تدهور جسدي وترد في قدراته العقلية بحيث لا يمكن لأي دواء أو نظام تدريب ان يقضي عليه"، يكتب باور. عندما يفشل بايدن، يغطي مساعدوه عليه. يصف الكتاب المضمون حول الرئيس كفصل في المسلسل التلفزيوني "البيت الأبيض" – عصبة كفوءة على نحو رائع، طلقة اللسان والفعل، تقود أميركا والعالم الى مستقبل افضل. وقد صممت الغرفة البيضوية من جديد وفقا للصورة التي سعى بايدن لأن يسوقها لنفسه، مع صورة كبرى لفرنكلين دلانو روزفيلت، الرئيس الذي تولى الرئاسة حتى وفاته. في الشهر القادم سيبلغ بايدن 81 سنة. واذا ما انتخب فسيتعين عليه أن يفي بمطالب المنصب المتشددة حتى سن 86. لم يسبق لاي رئيس قبله أن تولى المنصب في البيت الأبيض في عمر قريب من هذا. وحسب الاستطلاعات فان اغلبية مطلقة من الأميركيين بمن فيهم المصوتون لحزبه مقتنعة بأنه غير مؤهل للمهمة، وان كاميلا هارس، نائبته، غير جديرة بان تحل محله. على الرغم من ذلك فانه هو وهي يصران على التنافس على فترة ولاية ثانية. مثل نتنياهو ومثل كثيرين آخرين في هذا المستوى، هو واثق من ان مصلحته الشخصية ومصلحة الدولة هما واحد.اضافة اعلان
فهل سيتنافس حتى النهاية او، مثلما يأمل زملاؤه في الحزب الديمقراطي،  يعلن في غضون بضعة اشهر عن انسحابه؟ "لن اتفاجأ اذا ما تنافس ولن اتفاجأ اذا ما انسحب"، قال كاتب السيرة الذاتية.
بايدن ونتنياهو: يكشف الكتاب النقاب عما حصل بينهما في أيام 2021، في اثناء احداث حارس الاسوار. بايدن أمر مساعديه "ان يغمروا نتنياهو بالمحبة". "سأعانقه بكل القوة"، أضاف. يخيل ان ما كان في حينه تنبأ بدقة بما حصل في اللقاء بينهما في نيويورك على هامش الجمعية العمومية للأمم المتحدة قبل عشرة أيام. في اثناء الحملة في غزة تحدثا هاتفيا ست مرات. وكانت نقطة الذروة قصف البرج الذي استخدمته طواقم الاتصالات الدولية والمحلية في غزة. الفيلم الدراماتيكي الذي وثق انهيار المبنى ألحق ضررا إعلاميا جسيما بإسرائيل في الدول الغربية وفي تقارير وسائل الاعلام. وكان الادعاء بان "المبنى قصف فقط كي يوفر للاسرائيليين صورة نصر.
وقيل في الكتاب ان نتنياهو اعترف، "بالمناسبة"، بانه لم تكن منفعة استراتيجية في تفجير المبنى. بايدن لم يوبخه. "ضبط نفسه وصمت". نتنياهو أراد ان يواصل القصف لكن بايدن قال له، "يا بيبي، انهيت مسار الإقلاع، هذا انتهى". ونتنياهو، حسب الكتاب، اطاع.
هذا الوصف يضع بايدن بالضبط في المكان الذي وقف فيه الرئيسان الديمقراطيان اللذان سبقاه، كلينتون واوباما. في المحادثات الخاصة يمقتون نتنياهو ويقسمون بتصفية الحساب معه. بعد ذلك، علنا، يعانقونه بكل القوة. لعل هذا هو إحساس المسؤولية لديهم تجاه إسرائيل، ولعل هذه هي الوعود المتكررة من نتنياهو، في الاجتماعات الثنائية، بالتغيير والتغير، ولعله سحر ظهوره. ليئور سوشراد يمكنه ان يتعلم منه بعض الحيل.
ما حسم لديهم في النهاية هو المصلحة الاميركية مثلما رأوها في تلك اللحظة. في قلوبهم هم ربما كانوا يريدون أن ينقذوا الديمقراطية في إسرائيل، لكن ابسط من ذلك بكثير، مؤكد وكامل انقاذ نتنياهو. والتفافة حدوة الحصان تجاه نتنياهو هي نزهة في الحديقة.
يؤمن بايدن بان نتنياهو المعانق سيقضي الليل والنهار كي يجلب له عشرين سناتورا جمهوريا واكثر ليدعموا حلف دفاع اميركي سعودي وتخصيب يورانيوم بسيطرة سعودية. ربما. ما ينبغي أن يقلق هو انه فور العناق همست محافل في البيت الأبيض في اذان المراسلين بان ما بلغ عنه ليس ما كان. بايدن بحكمته عانقه بيد واحد وباليد الثانية اخرج منه تعهدات كبيرة في الموضوع الفلسطيني وفي الإصلاح القضائي. هذه الهمسات لا تستوي مع الهدية الإضافية التي تلقاها نتنياهو بعد بضعة أيام، الاعفاء من التأشيرة. عندما يعانق بايدن فإنه يعانق بكلتا اليدين.