بانتظار الجولة التالية أمام قطاع غزة

فلسطينيون يتفقدون بيوتهم المدمرة بعد قصف إسرائيلي على قطاع غزة العام 2014 -(ا ف ب)
فلسطينيون يتفقدون بيوتهم المدمرة بعد قصف إسرائيلي على قطاع غزة العام 2014 -(ا ف ب)

معاريف

يوسي ملمان   8/7/2018

نحيي اليوم أربع سنوات على بدء حملة الجرف الصامد، حرب غزة الثالثة. والرابعة على الطريق.

اضافة اعلان

مرت أربع سنوات من الهدوء الآخذ بالضياع. حماس مرتدعة ولكنها لا ترتدع. إسرائيل قوية اكثر من أي وقت مضى، ولكنها ليست معنية بحل طويل المدى، استراتيجي، بل بتكتيك فقط. وبتكتيك آخر. وسيكون من الادق الا نتحدث بعمومية عن "إسرائيل"، بل في واقع الامر عن حكومة إسرائيل وسياستها.

امس اطلقت مرة اخرى بالونات احرقت مثلما في الأيام المائة الاخيرة حقولا وكروما وأحراشا في بلدات غلاف غزة. وهذا الاسبوع أيضا، غرد أحد كبار رجالات حماس، موسى ابو مرزوق، إن منظمته مستعدة لأن تقيم دولة فلسطينية في حدود 4 حزيران- الضفة الغربية وغزة، عاصمتها القدس. كما توجد أيضا اصوات اخرى في حماس مثل محمود الزهار، ممن هم غير مستعدين لأي حل وسط، واصواتهم تطيب أكثر لآذان حكومة بنيامين نتنياهو وأفيغدور ليبرمان.

لقد بدأت الحرب قبل أربع سنوات دون أن يكون اي من الطرفين يريدها. لا إسرائيل ولا حماس. وقد انزلقا اليها في عملية تصعيد من الفعل ورد الفعل. ولهذا السبب أيضا لم تكن هناك خطة لكيفية انهائها. في اثنائها كان أكثر من عشر حالات لوقف النار اتفق عليها وخرقت. وقد انتهت في نهاية المطاف اساسا بفضل وساطة المخابرات المصرية.

لقد كشفت الحرب قيود الطرفين، والتي هي نتيجة نقاط الضعف والقوة لديهما. قوة النار الهائلة لدى الجيش الإسرائيلي، إلى جانب قوة المناورة المحدودة في مواجهة قتال العصابات المديني لحماس والانفاق الدفاعية.

لقد جبت الحرب ثمنا دمويا قاسيا من الطرفين. إسرائيل فقدت 68 جنديا، 5 مدنيين ومواطنا اجنبيا. نحو 1600 جندي و830 مدنيا اصيبوا بجراح. نحو 2200 فلسطيني قتلوا، نصفهم نشطاء منظمات الارهاب والباقون مدنيون، نحو ثلثهم اطفال.

إلى إسرائيل اطلق نحو 4600 صاروخ وقذيفة هاون، الحقت ضررا قليلا نسبيا، وذلك أيضا بفضل اداء القبة الحديدية. ولكن على مدى ايام طويلة شلت إسرائيل. بعض الصواريخ التي سقطت في منطقة الوسط أدت إلى تعطيل المطار الدولي الوحيد للدولة لنحو 24 ساعة بعد أن رفضت الشركات الدولية الطيران إلى البلاد. الضرر على غزة كان بالطبع هائلا. الاف المباني دمرت أو اصيبت. ونحو 400 الف من سكان القطاع اضطروا إلى هجر بيوتهم.

بلا شك حققت الحرب بعض الانجازات لإسرائيل. فقد فهمت حماس قوة الجيش الإسرائيلي، ولا تسارع إلى جولة عربية اخرى. قدرات القبة الحديدية تحسنت اكثر فأكثر. في الاسبوع الماضي اجريت تجربة خاصة لزيادة مداها. وطورت إسرائيل تكنولوجيا تساعد على اكتشاف الانفاق. منذ الحرب انكشفت او دمرت في هجمات من الجو نحو 15 نفقا هجوميا، وعمليا واضح لحماس أيضا بان إسرائيل نجحت في تعطيل احدى ادواتها القتالية الاستراتيجية. الضغط من مصر يمس بقدرة حماس على تهريب السلاح إلى القطاع والذي كان وصل في الماضي من إيران عبر السودان او من ليبيا عبر مصر. معقول الافتراض بان هذه المسالك مسدودة.

تجد حماس نفسها في عزلة دبلوماسية، وعلاقاتها مع مصر وفي واقع الامر مع معظم العالم العربي مهزوزة. المصالحة مع السلطة الفلسطينية فشلت. هذه هي الاخرى انضمت إلى الاغلاق الذي تفرضه على المنظمة وعلى مليونين من سكان غزة إسرائيل ومصر. في حماس يتواصل جدال عسير، اساسا بين الذراع العسكري والسياسي، والذي هو أيضا ليس مصنوعا من جبلة واحدة، حول تحسين العلاقة مع إيران، التي من الواضح أنه مقابل المساعدة السخية – اليوم أيضا يصل كل سنة نحو 100 مليون دولار من طهران، ستصبح حماس مرعية تامة لها.

ولكن يتبين أن ليس فقط "الرأس اليهودي يخترع لنا ابتكارات". الرأس الحماسي هو الاخر يطور ابتكارات ترمي إلى التغطية على ضعفهأ. فهو ينتج الصواريخ من انتاج ذاتي ويؤهل مقاتلين لقتال الكوماندو البحري، ينشئ ذراعا جويا، وحدة سايبر، وفوق كل شيء، اكتشف القوة التي في ضعفه – سلاح الطائرات الورقية والزجاجات الحارقة.

امام كل هذا تقف إسرائيل في صعوبة لايجاد حل عسكري وترفض تحريك خطوة سياسية اقتصادية. في الاشهر الاخيرة توجد مؤشرات على أن حماس تعيش في فخ. مستعدة لان تأخذ على عاتقها مخاطرات أكبر وتخاف اقل من المواجهة العسكرية. في حماس يعتقدون بانه ربما فقط خطوة عسكرية ستنقذهم من الفخ.

هذا هو الاحساس بان إسرائيل معنية في واقع الحال باسقاط حكمها على امل في أن السكان الذين يعيشون في أزمة غير مسبوقة سيخرجون إلى الشوارع ويسقطونه. هذا هو فهم حماس في أن إسرائيل لن توافق أيضا على اعادة تـأهيل القطاع طالما لم تتحقق صفقة تبادل للاسرى والجثامين. حماس مستعدة لذلك، ولكنها تطلب ثمنا ستجد حكومة اليمين المعرضة للضغط الشديد من عائلة غولدن، الذي يذكر بل وربما يفوق حملة عائلة شاليط، صعوبة في دفعه، وبالتأكيد حين تكون الانتخابات في الخلفية.

وفي هذه الاثناء، فإن كل أمل حكومة نتنياهو هو اجتياز الصيف بسلام، والذي الذي يدفعه 100 الف من سكان غلاف غزة معقول، وبالتأكيد طالما كانوا مواطنين منضبطين ولا يخرجون للتظاهر. مشوق أن نعرف ماذا كان سيحصل لو كان المستوطنون يجدون انفسهم في هذا الوضع. وهكذا نصل إلى الوضع الذي وجدنا فيه انفسنا قبل اربع سنوات – جولة حربية جديدة احد لا يريدها، تماما خلف الزاوية.