بقلم: غيورا آيلند 16/7/2024
قبل عشر سنوات بالضبط وقعت حملة الجرف الصامد التي استمرت لقرابة شهرين وفي أثنائها قتل 68 جنديا و6 مدنيين. في مقاييس ذلك الحين اعتبرت الحملة طويلة على نحو خاص والثمن الذي دفعناه بالقتلى يعد كبيرا على نحو خاص. الحرب في غزة اليوم هي أشد إيلاما بكثير. فضلا عن حقيقة أن هذه كانت المنطقة ذاتها والطرفين ذاتهما لا يكاد يكون وجه شبه. ويجدر بنا أن نفهم ما هي التغييرات الدراماتيكية التي وقعت في العقد الأخير، والتي ستؤثر أيضا على العقد التالي.
نقطة المنطلق للتغيير الاستراتيجي سلبا هي الخطة التي وضعها قبل نحو عقد قاسم سليماني، قائد فيلق القدس الإيراني. وقد دعا الخطة "طوق النار" حول إسرائيل، ولها خمسة أبعاد: خلق تهديد على إسرائيل من جانب ميليشيات مؤيدة لإيران في سورية، العراق واليمن؛ منح سلاح إيراني متطور للغاية لهذه الميليشيات، بما فيها الصواريخ الدقيقة لمسافات واسعة، مسيرات، حوامات وصواريخ متطورة ضد الدبابات وضد الطائرات؛ إقامة قوة كوماندو مع آلاف المقاتلين المدربين المنتشرين قرب الحدود الإسرائيلية في لبنان، في غزة ومع التطلع (من ناحيتهم) في هضبة الجولان أيضا؛ إعطاء إسناد إيراني كامل، بما في ذلك الاستعداد للمشاركة المباشرة في الصراع مع إسرائيل؛ وبناء القدرة الإيرانية للتنسيق والتوقيت بين كل القوات. من ناحية إيران، العنصر الخامس هو الذي سيسمح بتحقيق رؤية إبادة إسرائيل.
من المحبط أن نعرف أن الاستخبارات الإسرائيلية شخصت على نحو صائب عناصر الرؤية الإيرانية، بل وعرفت كيف تعطي عنها إخطارا عاما في آذار (مارس) من العام الماضي، لكنها لم تحرص على الاستعداد كما ينبغي. من شخص أيضا جوانب مقلقة أخرى منذ بداية العام الماضي، كان رئيس شعبة التخطيط في حينه، اللواء احتياط يعقوب بنجو، واثنان من ضباطه، نير يناي ويونتان نابو. في مقال نشروه أشاروا فيه إلى أنه انتهى "العصر الذهبي"، الذي كانت فيه إسرائيل تتمتع بقدرة إدارة مواجهات محدودة، بهيمنة أميركية وبفكرة مشتركة.
ما لا نفهمه عشية هجوم 7 تشرين الأول (أكتوبر)، ويجدر بنا أن نفهمه ونستوعبه الآن، هو أن المكانة الاستراتيجية لإسرائيل تدهورت ومكانة إيران تعززت – ضمن أمور أخرى بسبب المحور مع روسيا والصين. العدو الإيراني نجح في أن يسد قسما كبيرا من الفجوة التكنولوجية التي تفوقنا فيها عليه، وإضافة إلى ذلك، فإيران مستعدة لأن تجر إسرائيل لحرب استنزاف طويلة في ساحات عدة.
اليوم أيضا، بعد تسعة أشهر من بدء الحرب، القيادة الإسرائيلية لا تفهم الخليط الخطير المتمثل بتواصل الحرب في غزة حتى "النصر المطلق"، استمرار حرب الاستنزاف في الشمال (التي لن تتوقف طالما تواصل القتال في غزة)، سياسة في الضفة الغربية تدفع نحو انتفاضة عبر منع المال عن السلطة الفلسطينية والتنكيل بحياة الفلسطينيين، تدهور في وضع إسرائيل الدولي، مستقبل اقتصادي خطير وأزمة في العلاقات العسكرية – الاجتماعية أساسا حول قانون التجنيد. في وضع الأمور هذا، من الصواب التطلع إلى إنهاء الحرب في غزة – هذا شرط ضروري في تحسين كل الأبعاد الأخرى. الأمر صائب أولا وقبل كل شيء بسبب الحاجة العاجلة لصفقة مخطوفين، لكن ليس فقط. من ناحية عسكرية، ضربت حماس بشدة كافية، وإذا عرفنا كيف نعزلها سياسيا وماليا، فإنها لن تتمكن من إعادة بناء قوتها المهددة. وحتى لو كان ذلك – فبعد إعادة المخطوفين يمكننا أن نعود لنضربها بحرية أكبر.
علينا أن نفهم أنه بخلاف الجرف الصامد، نحن لنا جولة أخرى ضد منظمة (مقاومة)، بل في صراع متحد حتى وجودي حيال امبراطورية إيرانية نجحت جزئيا في إيجاد "طوق النار" حولنا. لن نتمكن من مواجهة هذا التهديد في العقد المقبل، إذا واصلنا حرب الاستنزاف في الجنوب والشمال، إذا استهلكنا المقدرات الاقتصادية وإذا لم نعرف كيف نرمم سواء الجيش أم وضعنا الدولي أم الأزمة الداخلية.