يديعوت أحرونوت
سيفر بلوتسكر
قانون التجنيد، في صيغته الأخيرة والملتوية، لا يعكس لا احتياجات مجتمع الحريديم، ولا احتياجات دولة إسرائيل، هو قانون زائد.
بعد بضع عقود من الارتفاع في الكمية وفي النوعية، يعيش عالم المدارس الدينية المتزمتة "الحريديم" في ازمة. فقد رحل عظماء التوراة الذين هزت فتاواهم القلوب، ولا لهم بدائل، لا في قدرة الزعامة ولا في الالهام الروحي. وحل مكان الزعماء الروحيين متفرغون سياسيون، يمسكون منذ جيل في دفة التحكم في مجتمع الحريديم، بل ويمسكون بها في السنوات الاخيرة بأياد متشددة. وهكذا، فإن التسييس الفظ لمؤسسة الحريديم تدفع بشريحة الحريديم الشابة للبحث عن مستقبلها خارج دوائر الطاعة القديمة.
الميول واضحة: الشابات والشبان الحريديم ابناء الجيل الجديد لم يعودوا مستعدين لان يخفضوا الرأس أمام حكم المتفرغين المتخفين في مرجعيات دينية مزعومة. فمع تعاظم ضائقتهم باتوا يهجرون مجتمع الحريديم الرسمي. وتتحدث الاحصاءات عن ذاتها: بفضل التكاثر الطبيعي العالي في نهاية القرن السابق والارتفاع في معدلات المشاركة في الانتخابات، من المتوقع لقوة احزاب الحريديم ان تصل إلى نحو ضعف ما هي عليه عمليا. ولكن شاس، الذي يتجسد فيه بالكامل احتلال المتفرغين لحركة الحريديم الأصلية، يتهدده الآن الشطب من الكنيست.
الوضع ليس أفضل في تجمعات الحريديم التي تسمى "اشكنازية"، التي تتآكل في معارك شوارع بين جماعات صغيرة تتنافس الواحدة مع الاخرى على لقب التزمت المطلق.
يضاف إلى هذه التطورات الثورة الاقتصادية. وجهان لها. وجه هو الدافع المتعزز للخروج من الفقر. فلحياة الفقر لم تعد في مجتمع الحريديم أي قوة جذب، بل العكس، توجد قوة نفور هائلة. وباستثناء بعض المتزمتين المناهضين للصهيونية، فإن مجتمع الحريديم في معظمه مستعد ويريد أن يرفع ظهره الاقتصادي وان يتحرر من التعلق المهين بالمخصصات على أنواعها. الوجه الثاني هو الرغبة البارزة لدى شبان الحريديم للدخول إلى دائرة العمل الانتاجي والمساهمة في المجتمع ودمج التوراة مع العمل.
ما هو مكان الخدمة العسكرية في قانون التجنيد في هذا السياق؟ صحيح حتى الآن، فإن المجتمع من غير الحريديم يعاقب نفسه مرتين: فخريج المدرسة الدينية معفي من الخدمة العسكرية حتى سن متأخرة نسبيا شريطة الا يكون يعمل، بمعنى انه لا يساهم في الاقتصاد ويعيش على حساب الآخرين. يداه مكبلتان. كي يواصل الإعفاء فإنه يكون متعلقا تماما بالاذونات التي تصدرها مؤسسة رؤساء المدارس الدينية.
ومن أجل الغاء هذا الاستعباد العبثي يكفي تغيير طفيف في أنظمة الجيش الإسرائيلي، وبموجبه لا يشترط الاعفاء بشيء غير التصريح الذاتي لشباب الحريديم. فاذا اراد ان يتجند – يتجند. وإذا أراد أن يعمل – يعمل. دون اقنعه، دون عقوبات، دون حلول وسط ائتلافية. محررون من السيطرة الشابة لنخبة الحريديم الشائخة على مصيرهم ومستقبلهم، فإن عشرات آلاف رجال الحريديم سيخرجون إلى العمل وآلاف عديدة سيتجندون للجيش أو للخدمة الوطنية الداعمة للقتال.
النتيجة ستحسن للدولة، للاقتصاد ولمجتمع الحريديم الناضج لذلك.