بقلم: أمنون ليفي 13/8/2024
لا حل عسكريا لوضعنا. هكذا ببساطة يجب أن نقول هذا. لعله من الأفضل أن نصرخ به، الآن، قبل أن يأتي الرد الإيراني على قتل هنية الذي بذاته كان ردا على مذبحة الأطفال في مجدل شمس التي بذاتها كانت ردا على تصفية مسؤول حزب الله الكبير التي بذاتها كانت ردا على الدمار والموت الذي يزرعه حزب الله في الشمال الذي بذاته كان ردا لم اعد أتذكر على ماذا.
من يمكنه أن يتذكر كل سلسلة الردود والردود المضادة في الحرب العبثية التي لا تنتهي هذه. عشرة أشهر من الموت والخوف والثكل التي ليس فقط لا نرى لها نهاية بل وأيضا لا نفهم على ماذا يقتل كل يوم أفضل أبنائنا، على ماذا لا تنام الأهالي في الليل خوفا من أن يدق الباب، وعلى ماذا سيتربى اليتامى دون أن يعرفوا أباءهم. بالمقابل، فقدنا الفهم على ماذا ولماذا نحن نواصل زرع الموت والدمار في شوارع الناس الذين سنضطر ذات مرة لأن نعيش معهم بجيرة. وصلوا إلى مرحلة في هذه الحرب نسير فيها في متاهة أسطورية من الضياع، متاهة رعب عظيم ليس واضحا لاي منا كيف نخرج منها بسلام.
لا حلا عسكريا للوضع الرهيب الذي علقنا فيه. الطريق الوحيد الذي يمكننا أن نعيشه في الشرق الأوسط هو الانخراط فيه. الفكرة في أننا سنتمكن من العيش إلى الأبد على حراب سخيفة وغبية معا. رأينا كيف انهارت كل أجهزة الأمن في 7 تشرين أول (أكتوبر). ورجاء لا تقلصوا هذا القصور في أن أحدا ما لم ينهض في الصباح أو أن واحدة ما لم يصدقوا تقاريرها أو ذاك الذي كان يستجم في إيلات في تلك الليلة. هذا أعمق بكثير. لا يمكن العيش على الحراب إلى الأبد. بلا سلام، دولة إسرائيل لن توجد في هذه المنطقة محوطة بالأعداء.
أسمعهم منذ الآن ينادون من الأعالي، "مع من نصنع السلام؟ مع النخب؟ مع القتلة والمغتصبين اللعينين الذين ذبحوا أطفالا، شيوخا، نساء ورجالا؟" الإحساس بالمرارة. فهؤلاء حقا أناس عديمو الطابع الإنساني، لا يمكن الحديث معهم. من جهة أخرى، في هذا سذاجة وعمى. قيادة إسرائيل، وأولا وقبل الآخرين بيبي نتنياهو نفسه، فعلت كل شيء كي تنمي حماس. فقد حولت ملايين الدولارات لمنظمة لها إذ أرادت أن تنمي المتطرفين من بين الفلسطينيين وتضعف المعتدلين. وحسب هذا الفهم المشوه، فإن السنوار أفضل من أبو مازن لأنه مع أبو مازن يمكن أن نصل إلى سلام، بينما السنوار هو قاتل يمكن دوما الاعتماد عليه في ألا يضع سلاحه.
عندما سيكتبون ذات مرة في كتب التاريخ عن كارثة 7 تشرين أول (أكتوبر)، سيصعب على القراء أن يصدقوا بأن إسرائيل اليمينية، الصقرية وفائقة الوطنية في نظر نفسها أنمت بكلتي يديها هذه (المقاومة) فقط كي لا تضطر لأن تساوم. فكروا متى سمعتم تقريرا آخر مرة عن لقاء لوزير إسرائيلي كبير مع أبو مازن؟ مكالمة هاتفية معه؟.
وهكذا صممنا بكلتي يدينا الجحيم الذي نعيش فيه الآن. السلطة الفلسطينية فككناها، فيما جعلنا حماس وحدة مختارة، فخر الشعب الفلسطيني. وفي صورة مرآة عندنا، بن غفير وسموتريتش، إلى جانب ضباط اليمين الذين يديرون سياسة هذه الحكومة، يجرونا إلى الهوة في رقصة تانغو مخيفة مع أناس حماس، رقصة الموت.
لن يكون بسيطا إقامة قناة حوار متجددة مع الفلسطينيين. فالدمار الذي زرعناه في غزة يخلق هناك ندبة قاسية وأليمة مثلما خلقته لنا مذبحة تشرين أول (أكتوبر). عشرات آلاف القتلى وبينهم مدنيون كثيرون. هم صدمة لا تنسى. لكن لهم أيضا لا يوجد بديل غير التغلب، بالضبط مثلما لا يوجد لنا. عشرة أشهر من اللظى تكفينا جميعا. الآن هو زمن المعتدلين لأن يسمعوا صوتهم. الآن هو الزمن للصراخ، لا حلا عسكريا لوضعنا.