نداف ايال 5/8/2024
لإسرائيل كانت أزمنة أصعب. لكن لم يكن فيها أبدا انعدام للثقة، شك وانشقاق كهذا. وضع مجنون، هاذٍ تماما، بينما تكون فيه إسرائيل تنتظر ردا قاسيا من إيران وحزب الله، غارق في عمق القلق تواصل معركة داخلية متعذرة بأنهار من الدم الفاسد. "جلسة الصراخ" بين بنيامين نتنياهو وقادة جهاز الأمن، بات يعرفها الجميع. فقد جسدت ما هو مسلم به: انعدام تام للثقة لدى قادة جهاز الأمن بلا استثناء، بنتنياهو. وأثبتت بأن الإحساس متبادل تماما. في الأيام الأخيرة حين ذكر أحد ما رئيس الوزراء بالأحداث الأخيرة في القاعدة في بيت ليد، سأل بغضب: أليس هذا هو الأمر نفسه مثل "ايهود باراك الذي يدعو الى عصيان مدني".
وبالنسبة للتعهد الأميركي، هاكم الأخبار: في الجلسة إياها تماما، في الأجزاء الأكثر جوهرية -ولم تكن كثيرة كهذه- حاول رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن يشرح للحاضرين بأنه ما يزال ينتظر كتاب التعهد الأميركي. يدور الحديث عن كتاب عن إمكانية مواصلة الحرب بين المرحلتين الأولى والثانية من صفقة المخطوفين، إذا لم تنجح الاتصالات. ولما كان نتنياهو يعتزم المطالبة ضمن أمور أخرى لنزع سلاح حماس ونفي قيادته، كشرط للمرحلة الثانية من الصفقة، فهي من غير المتوقع أن تنجح.
الكتاب الأميركي هو موضوع طرح قبيل لقاء بايدن - نتنياهو في واشنطن. وهو يعنى في واقع الأمر بإعطاء ضمانة لإسرائيل بأنها غير ملزمة بوقف النار الى الأبد، في كل الظروف. وشرح نتنياهو للحاضرين بأن هذا كتاب يريد أن يعرضه للجمهور الإسرائيلي. وهنا كانت بانتظاره مفاجأة: أحد الحاضرين في الغرفة كان يعرف عما يدور الحديث. قال له إن الولايات المتحدة وافقت على أن تعطي هذا الكتاب بهذه الصيغة أو تلك وتوجد مسودات منذ الآن. وكانت الرسالة واضحة: أبحث لك عن ذريعة أخرى لمواصلة التأجيل، العرقلة، الإبطاء للصفقة. لا تعلق هذا بكتاب الأميركيين. حاولت أن تخفي عنا، لكنهم وافقوا، باستثناء أنهم قالوا إن الكتاب سيرسل بعد أن توقع الصفقة وليس قبلها.
وقال نحن نرى في صفقة المخطوفين الآن فرصة، قال له الحاضرون، قادة الجهاز. أنت ترى فيها تهديدات. صفقة المخطوفين ليست فقط موضوعا إنسانيا من الدرجة الأولى. بنظر كل جهة مهنية تقريبا، الصفقة هي المفتاح الذي يمكنه أن يفتح القفل الإقليمي وينقلنا جميعا الى الأمام. رد نتنياهو بالطريقة المعتادة التي نشرت بتوسع: اشتكى بمرارة بأنه بدلا من ممارسة الضغط الشديد على حماس - يتحدثون ضده. المصادر البارزة التي تحدثت معي لم تؤكد استخدامه لتعبير الانبطاح ضد قادة جهاز الأمن. مشكوك أن تكون له الشجاعة لأن يقول هذا أمام رونين بار، يوآف غالنت وهرتسي هليفي. فقد كان هرتسي هليفي، إلى جانب وزير الدفاع هو من كان يتعين عليه أن يقنع نتنياهو بأن الدخول البري الى غزة هو واجب الواقع، وأنه لن ينتهي بـ"آلاف القتلى" للجيش الإسرائيلي في الأشهر الأولى، مثلما توقع نتنياهو القلق. وكان جهاز رونين بار هو الذي يجلب المعلومات والقدرات التي تؤدي الى تصفيات مثل تصفية محمد الضيف.
بعامة، في تاريخ إسرائيل لم تكن سلسلة تصفيات ناجحة لشخصيات (مقاومة) مثلما في تموز (يوليو) 2024. ضغط عسكري؟ أي ضغط عسكري سيكون أكثر حدة من ذاك الذي تمارسه إسرائيل منذ شهرين. رجال رئيس الوزراء سيردون: لو كان استجاب للضغوط من أجل الصفقة، ما كان لشهر تموز (يوليو) أن يحصل. كل هذه التصفيات ما كانت لتخرج الى حيز التنفيذ. حسنا، لنفترض أن هذا صحيح، سيرد قادة جهاز الأمن. أليس واضحا أن كل هؤلاء المقاومين كنا سنصفيهم بعد شهر - شهرين؟ أهذا يستحق المخاطرة بحرب إقليمية وبموت كل المخطوفين؟
استنتاج معظم العاملين في المفاوضات هو أن نتنياهو على شفا تفويت لفرصة استراتيجية، ليس أقل. وبسبب سياسة شخصية ضيقة. ما هي الفرصة؟ إعادة المخطوفات والمخطوفين، الذين يموتون، يقتلون على أيدي حماس أو بناء قواتنا. إعطاء حافز إقليمي لتبادل ضربات قصيرة الآن، بخلاف التدهور الى حرب إقليمية شاملة. حماس مضروبة بمستوى ما بحيث أن حزب الله وإيران يفهمان بأنه من الصعب إنقاذها - في القطاع على الأقل. بالتوازي مع الصفقة، الوصول الى تسوية في الشمال، بحيث يبقى حزب الله بعيدا عن الحدود، تنزل قوة دولية موسعة الى الجنوب، ويكون ممكنا إعادة اللاجئين الإسرائيليين الى دياهم. كل هذا لقاء اتفاق المقابل الأهم فيه هو إعادة سجناء. ليس أكثر من هذا.
ليس دقيقا، كما ينبغي أن نقول. بالنسبة لنتنياهو، ما الصورة الأصعب من صفقة المخطوفين في هذه اللحظة؟ عودة نحو مليون فلسطيني شمالا، صورة عودة. اليمين المتطرف، وحتى غير المتطرف كثيرا، استطاب فكرة أن يكون الإبعاد من شمال غزة الى الأبد. نتنياهو لم تكن له هذه الفكرة أبدا. أما الآن فهو يخاف كسرها.
هذا قلق عابث. نتنياهو يمكنه منذ اليوم أن يقول إنه دخل رفح بخلاف إرادة العالم، قاد تصفية قادة منظمات (المقاومة) والآن يعيد المخطوفين، بينما يحتفظ بالقدرة على استئناف الحرب. بوم: ها هو كتاب من البيت الأبيض يجسد ذلك. ماذا يمكن أن يكون أفضل من هذا، سياسيا.
في بداية الحرب كانت لحظة واحدة أثارت جدا انفعال عائلات المخطوفين. كان هذا لقاء مع رئيس شاس آريه درعي. في مرحلة معينة، نهض وبعينين دامعتين، قال لهم إنه يتعهد بكل شيء وإن لهم كلمته بأنه إذا كانت صفقة على الطاولة فإنه سيحرص على أن تتحقق. فلا داعي لأن يقلقوا أو أن يمنع نتنياهو هذا وأنه هو درعي، مسؤول. وهذا هو أمل جهاز الأمن وعائلات المخطوفين حاليا. أن يتوجه آريه درعي لرئيس الوزراء ويقول له انتهت اللعبة. لرئيس شاس فرصة للإيفاء بكلمته وفداء الأسرى. يوجد أناس يمكن أن يكونوا في السياسة لعشرات السنين من دون فرصة كهذه. أن ينقذوا الكثيرين جدا بثمن بخس كهذا.
محافل مشاركة في المفاوضات تقول لي هكذا. يحتمل أن تكون المكالمة القاسية مع بايدن، الحديث الأقسى مع قادة جهاز الأمن، نجح. بزعمهم نتنياهو أمر بأن يعاد الى الوسطاء رد إيجابي أكثر، إيجابي حقا. رد يتيح مجال مناورة أوسع. وأن الاختراق يوجد خلف الزاوية. وأنهم الآن ينتظرون نعم أخيرة من حماس. "عندما يسير المرء بتذبذب يخيل أحيانا أن هذا سير مستقيم الى الأمام"، أجابني مصدر آخر، خبير جدا. "من دون ضغط هذا لن ينجح مع بيبي".