غدا (اليوم)، يوم الغفران تحل الذكرى الخمسين على الحرب التي كانت وما تزال الصدمة القومية الأكثر ايلاما لإسرائيل. كتب الذكريات، البحوث التاريخية، الأفلام والمسلسلات التلفزيونية التي ظهرت على شرف اليوبيل تواصل حفر الجرح والتساؤل كيف فوجئنا، لماذا فشل الجيش الإسرائيلي في معارك الصد في سيناء، من أنقذ هضبة الجولان، اين كان سلاح الجو ومن كان مذنبا أكثر في القصور – رئيسة الوزراء غولدا مئير التي ردت اقتراح السلام المصري قبل الحرب، ام قادة الاستخبارات والجيش الذين فشلوا في إعطاء اخطار في الوقت المناسب وفي تحقيق النصر السريع.
الجدال التاريخي لن يحسم على ما يبدو، لكن لا شك انه في عشية يوم الغفران 1973 كانت القيادة الإسرائيلية مقتنعة بانه يمكنها أن تحتفظ بالمناطق الى الابد بفضل قوة الجيش الإسرائيلي الذي سيصد كل هجوم عربي، وبفضل الدعم الأميركي الذي سيمنح اسنادا دبلوماسيا للاحتلال. لقد كانت الصدمة التي تلقتها إسرائيل من جرأة الهجوم المصري والسوري ومن الثمن الباهظ الذي دفعته بالقتلى، الجرحى، مصدومي المعركة والأسرى، العزلة الدولية والازمة الاقتصادية كانت اقوى بكثير من الإنجازات في ميدان المعركة – صد السوريين عن الجولان واجتياز قناة السويس.
رغم الذكريات الأليمة التي تواصل الطوفان، تخطئ قيادة إسرائيل في 2023 في عدم المبالاة كسابقتها في 1973. رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو يستخف بالدرس الواجب من الحرب، التي خدم فيها كضابط احتياط – في أن الاحتلال لا يمكنه أن يستمر الى الابد، وان من الواجب الأعلى لقيادة الدولة ان تمنع الحرب وان تسعى الى السلام. تسعى حكومته بحماسة عديمة الكوابح لضم الضفة الغربية وشرقي القدس وتثبيت مكانة ملايين الفلسطينيين كرعايا في نظام ابرتهايد يهودي او كسجناء في غزة المحاصرة. شركاؤه السياسيون يروجون حتى للطرد الجماعي للفلسطينيين ويهددونهم بـ "نكبة ثانية".
مثل غولدا، التي آمنت بان المصريين سيعتدون على سيطرة إسرائيلية في سيناء، فان بيبي هو الاخر يعتقد مثلما يفهم من خطابه في الأمم المتحدة أول من أمس – بان قوة الجيش الإسرائيلي والتسليم الأميركي بالاحتلال ستكفي لاجل القمع الى الابد التطلعات الوطنية للفلسطينيين. ومثل مئير، يخطئ نتنياهو أيضا وبعينين مغمضتين يقود إسرائيل الى المصيبة القومية التالية.