هآرتس
عاموس هرئيل
29/3/2023
في اليوم التالي لبيان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو عن تجميد سن قوانين الانقلاب النظامي فقد اصبح من الواضح أن هذه العملية لا تعكس استسلام حقيقي، بل هدنة مؤقتة لاعتبارات تكتيكية. اذا اختار الائتلاف في البداية اسلوب "الصدمة والخوف" وقصف بالقوانين الذي استهدف تحطيم مقاومة المعارضة، الآن اضطر الى الانسحاب ازاء اللقاء مع جبهة مصممة اقامتها حركة الاحتجاج. المقاومة وصلت الى الذروة في اعقاب قرار نتنياهو الخاطئ، اقالة وزير الدفاع يوآف غالنت من منصبه في يوم الاحد الماضي.
الاحتجاج حقق انجاز مؤثر – لو أنه لم يحدث لكان يمكن أننا نقف الآن امام تشريع واسع كحقيقة واقعة. ولكن اليمين فقط وقف لاعادة التنظيم من جديد. مثلما يدلل على ذلك مشروع قانون المحاكمة الذي وضع أول من أمس على طاولة الكنيست تمهيدا للقراءة الثانية والثالثة. نتنياهو ما يزال يوجد على مسافة قصيرة من تحقيق هدفه الرئيسي، حتى لو اضطر للتوقف بسبب الظروف. دوافعه بقيت على حالها. على المدى البعيد هو بحاجة الى تمرير القوانين من اجل استقرار الائتلاف وتخريب الاجراء القضائي الجنائي ضده.
نتنياهو استجاب في هذه الاثناء لطلبات المعارضة والاحتجاج فقط لعدم وجود خيار آخر. أول من أمس تم بدء مفاوضات جديدة بين الطرفين برعاية رئيس الدولة اسحق هرتسوغ. ايضا في الفترة الانتقالية فانه من المرجح أن الاحتجاج سيستمر، لكن ربما بحجم اصغر. في الاسبوع القادم ستخرج الكنيست الى العطلة وستبدأ فترة الاعياد. هذه الامور تتوافق ايضا مع التعب في اوساط المشاركين في الاحتجاج الذين خرجوا الى الشوارع كل اسبوع مدة ثلاثة اشهر متواصلة. ايضا لا يمكن التجاهل بأنه يوجد تأييد كبير في اوساط الجمهور للتوصل الى خطة مصالحة. وحتى الآن، ردا على خطوات الحكومة، فقد نهض معسكر ليبرالي ديمقراطي كبير في الجهة المقابلة ووضعت بنية تحتية اساسية فعالة لمواصلة النضال. ليت سياسيي المعسكر يكونون مستعدين ويقظين مثل ناخبيهم.
ليس فقط وضع قانون المحاكمة يدل على نوايا نتنياهو في مواصلة النضال. قضية غالنت بقيت موضوع غريب جدا. مساء الاحد الماضي اعلن رئيس الحكومة عن اقالة وزير الدفاع، وادخل الدولة الى دوامة، لكن حتى الآن لم يكلف نفسه عناء ارسال رسالة الاقالة لغالنت، التي يمكن أن تدخل الى حيز التنفيذ خلال 48 ساعة من لحظة تسلمها. الاثنان شاركا في نقاش أمني في مكتب رئيس الحكومة.
في هذه الاثناء تم التسريب بأن نتنياهو يتوقع من غالنت الاستقالة من الكنيست على اساس القانون النرويجي، كشرط لبقائه في منصب وزير الدفاع. اذا كان هذا هو حقا الطلب فان سبب ذلك بسيط وهو أن نتنياهو يريد التأكد من أنه ستكون في الكنيست اغلبية مؤكدة للتصويت على القانون.
في اللحظة التي سيقرر فيها بأن المعارضة والاحتجاج قد ضعفا وأن الظروف نضجت للسير الى الامان، فانه سيتم تقديم القانون مرة اخرى للتصويت عليه. ولكن بالنسبة لغالنت فان نتنياهو لم يعد يستطيع الاعتماد عليه في المجال السياسي. هذا بشكل عام لا يرتبط بحقيبة الدفاع التي تشغله بدرجة اقل. غالنت لم يعد جندي في التنظيم ولم يعد ملزم بالخضوع الاعمى للقائد، مثل الذي يعلن عنه صبح مساء كثير من الوزراء واعضاء كنيست من الليكود. الاقالة تناولت الولاء واستهدفت ردع الآخرين. حتى لو جلس في المكتب المهم وزير – دمية من قبله وغير مؤهل فيبدو أن نتنياهو يعتقد أنه يمكنه التعايش مع ذلك. من المهم كيف تبدو الامور من البنتاغون في واشنطن، هناك عولوا على غالنت كرجل الاتصال الرئيسي في الحكومة المتطرفة والخطيرة التي تشكلت في اسرائيل.
عدم اليقين حول مكانة غالنت – من غير الواضح اذا كان هذا نتيجة تخبط نتنياهو أو محاولة لابتزاز تنازلات من وزير الدفاع – ينزلق ايضا الى الدول والتنظيمات المجاورة. هل في حزب الله وفي حماس يقدرون بأنه على رأس جهاز الامن يقف وزير يعمل بوظيفة جزئية، والذي يعمل الى جانب رئيس حكومة رأيه مشوش بسبب مشكلاته القانونية والازمة السياسية الاستثنائية؟. هذا وضع غير صحي تماما كلما مر الوقت وهو يحدث في ذروة فترة امنية متوترة.
غالنت، باستثناء ظهوره في لجنة الخارجية والامن وزيارة الجنود المصابين، قلل من ظهوره في النشاطات العامة منذ قرار اقالته. تحته، يحاول رئيس الاركان هرتسي هليفي أن يبدأ بحذر محاولة اصلاح اضرار الفترة الاخيرة التي هو غير واثق كليا بأنها انتهت. أول من أمس قام بزيارة قاعدة سلاح الجو رمات دافيد وكأنه يريد القول "عدنا الى الوضع الطبيعي. على الاقل في هذه الاثناء من المرجح أن بعض الطيارين في الاحتياط الذين علقوا خدمتهم، سيعودون الى التدريبات الى حين أن يتضح اذا الائتلاف عاد الى جهود التشريع.
احد التطورات المقلقة جدا في هذا الاسبوع تتعلق بالوعد الذي اعطاه نتنياهو لبن غفير بشأن تشكيل الحرس الوطني. الحديث يدور في الواقع عن سلسلة من التعهدات السابقة التي لم يتم تنفيذها (هذا مفاجأة، مفاجأة). لم يتم بعد تحديد ميزانية أو اجراءات منظمة، والشرطة ايضا تجد صعوبة في تجنيد رجال شرطة جدد. وحتى الآن مبدئيا يوجد لدينا مدخل لاقامة كتائب عاصفة، من نوع باسيج اسرائيلي بروحية الاصل الايراني، التي خدمت مباشرة النظام.
قبل يومين وبعد نداءات واضحة من قبل نتنياهو فان ايتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش وآخرين خرجوا الى الشوارع ليس فقط مئات الاعضاء في تنظيمات عنيفة مثل لافاميليا ولاهفاه. في القدس هاجم واصاب مؤيدو بيطار مراسل حداشوت 13 يوسي ايلي والمصور آفي كشمان. مشاغبون آخرون هاجموا سابقا سيارة فلسطيني، الذي تم انقاذه من عملية فتك بعد تدخل المواطنين. في بيسان وضع نشطاء لليكود حاجز طيار وقاموا بـ"عملية انتقاء" من اجل منع مجيء اعضاء كيبوتسات الى المظاهرة. وفي المساء عندما بدأ الجمهور يتفرق بعد انتهاء المظاهرة في تل ابيب انطلقت عصابات صيد من اوساط مؤيدي فريق بني يهودا خلف المتظاهرين الذين تواجدوا في شوارع جانبية ومظلمة في محاولة للمس بهم.
هذه مجموعات منفلتة العقال، تعمل طبقا لاشارات من الاعلى. اذا لم يبدأ الشباك والشرطة بعلاجها بصورة منهجية وعميقة اكثر فان أحد هذه الاحداث يمكن أن ينتهي بالقتل. مرتان في السنوات الاخيرة قام الشباك بفحص اخراج لاهفاه الى خارج القانون، لكنه توصل الى الاستنتاج بأنه لا يوجد لديه ما يكفي من الادلة للاعلان عنها كتنظيم ارهابي. أمس اعلن الشباك والشرطة أنهم اعتقلوا قرب المظاهرة في القدس ثلاثة نشطاء من اليمين وهم يحملون مسدس مرخص. الثلاثة نشروا في الشبكات الاجتماعية فيلم فيديو هددوا فيه بالمس بالمتظاهرين ضد الانقلاب. هذه بداية جيدة، لكن يمكن الافتراض أنه في الخارج هناك كثيرون يتجولون ولديهم نوايا خبيثة مشابهة.
