طقوس "احتفالات" يوم القدس

متطرفون يهود يقتحمون باحات المسجد الأقصى بحماية قوات الاحتلال-(وكالات)
متطرفون يهود يقتحمون باحات المسجد الأقصى بحماية قوات الاحتلال-(وكالات)
نداف تمير
طقوس "احتفالات" يوم القدس أصبحت عادة: مرة اخرى أناشيد الكراهية. مرة اخرى العنف تجاه سكان شرقي المدينة. مرة أخرى يقولون ان الشاتمين والكارهين هم الاقلية، لكنهم لا يقولون ما يكفي عن الاغلبية. الاغلبية التي برعاية الشرطة تسير في الشوارع الفارغة في شرقي القدس، بعد أن أمر اصحاب المحلات التجارية في خط المسيرة باغلاق اعمالهم. الاغلبية التي تسير في احياء عربية مع طبور وهتافات قومية متطرفة. الاغلبية التي لا تحتفل بمحبتها للمدينة بل بتسيدها وبتفوقها على سكان شرقي القدس الفلسطينيين.اضافة اعلان
كل هذا يتم برعاية الشرطة التي تغلق الاعمال التجارية الفلسطينية وتضع المصاعب في وجه سكان المنطقة للوصول الى بيوتهم. هكذا بالضبط يبدو الاحتلال. هذه ليست فقط المسيرة الاستفزازية، انها الخفة التي تسمح بها الشرطة بالمس بحياة الفلسطينيين اليومية كي تسمح لمسيرة اليهود. واقع يمكنه أن يقع فقط في وضع تكون فيه الحقوق غير متساوية. وقد اصبحت احتفالات يوم القدس مع مرور السنين احتفالات نتانة الاحتلال. هذه ليست "وحدة المدينة" التي يحتفلون بها، بل تفوقهم، هم الحكام، على سكان المدينة المنقسمة الفلسطينية. ان احتفال الاحتلال هو واحد من المهام المركزية الثلاث للحكومة، الى جانب اضعاف الديموقراطية وتعزيز الجهل والتعلق بالجمهور الحريدي بزعمائه. مهام تترابط الواحدة بالاخرى. بينما يتصاعد العنف، تتضخم الاسعار، ترتفع كلفة قروض السكن، تتعثر قاطرة التكنولوجيا العليا ويكون الركود على الابواب، يتبين أن ما يلح على وزير المالية سموتريتش، حسب المنشورات، هو "استعداد الحكومة لاستيعاب نصف مليون مستوطن آخر".
حكومة يسعى ذراعها المسيحاني لان يستثمر المزيد فالمزيد في تخليد الاحتلال وذراعها الديني يسعى لتعظيم آليات التحكم المالي بالجمهور الحريدي لا يمكنها أن تسمح لنفسها بديموقراطية سليمة من شأنها أن تمنع تحقق جزء من مخططاتها بل وتؤدي مع حلول اليوم الى استبدالها من خلال الجمهور الغفير الذي لن يعود يرغب في أن يحمل عبء المطالب الهدامة لعناصرها.
ليس صدفة أن ارتبطت احزاب اليمين المتطرف والحريدي. فمصلحتهم المشتركة هي سلب الصندوق العام في صالح احتياجاتهم وتطلعاتهم للسيطرة المسيحانية. كل طرف يسمح لغيره ان يحصل على كامل مبتغاه، هذا بتمويل التعليم على الجهل، وذاك بتعزيز الاحتلال. وبينهما يتراكض يريف لفين والرفاق لاجل خلق بنية تحتية قانونية تسمح بالسلب وتعفو الائتلاف من الثمن الانتخابي لتحول اغلبية مواطني الدولة الى صندوق مسجل للاقليات المتطرفة وزعمائهم.
خيرا نفعل اذا لم نتجاهل اشارات التحذير. التسيد الذي استعرض الاسبوع الماضي في ازقة القدس العربية هو جزء من جينات جمهور التسيد مغروس فيه. في نظر انفسهم، هم ليسوا فقط متفوقين على الفلسطينيين بل وعلينا ايضا. ولهذا فهم يسعون لان يرهنوا ضرائبنا لاحتياجاتهم ولهذا فهم يعملون على خطوات تسمح ليس فقط بتخليد الاحتلال بل وايضا بتخليد حكمهم.
من اعتاد على التعاطي مع الجمهور الاخر كدون له، من الطبيعي أن يرغب في توسيع عصا تحكمه، ونحن، الجمهور الليبرالي التالون في الدور. من واجبنا أن نمنع هذا، ان نوقف الانقلاب النظامي وان نستغل اليقظة الليبرالية لتغيير اعمق سواء بالنسبة لتعزيز الديموقراطية ام في السعي لانهاء الاحتلال واقامة دولة فلسطينية الى جانب دولة اسرائيل. سواء بالنسبة للمجتمع العربي والغاء قانون القومية ام في الحفاظ على ان تكون ميزانية الدولة تشجع النمو والتشغيل وليس الجهل والبطالة.